InstagramTwitterSnapChat


 
وصف

العودة   منتديات سكاو > الأقسام الخاصة > الأقسام العامة > منتدى بقلمي
التسجيل مشاركات اليوم البحث
   
   


منتدى بقلمي المقالات والموضوعات بـ أقلام الأعضاء فقط .

كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

منتدى بقلمي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:35 PM   #11

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

إليه قال : بل اجلس عليها أنت .. فقال r : بل أنت .. حتى استقرت عند عدي فجلس عليها ..
عندها .. بدأ النبي r يحطم الحواجز بين عدي والإسلام ..
يا عدي أسلم .. تسلم .. أسلم تسلم .. أسلم تسلم ..
قال عدي : إني على دين ..
فقال r : أنا أعلم بدينك منك ..
قال : أنت تعلم بديني مني ؟
قال : نعم .. ألست من الركوسية ..
والركوسية ديانة نصرانية مشرّبة بشيء من المجوسية .. فمن مهارته r في الإقناع أنه لم يقل ألست نصرانياً .. وإنما تجاوز هذه المعلومة إلى معلومة أدق منها فأخبره بمذهبه في النصرانية تحديداً ..
كما لو لقيك شخص في أحد بلاد أوروبا وقال لك : لماذا لا تتنصر ؟ فقلت : إني على دين ..
فلم يقل لك : ألست مسلماً .. ولم يقل : ألست سنُيّاً .. وإنما قال : ألست شافعياً .. أو حنبلياً ..
عندها ستدرك أنه يعرف كل شيء عن دينك ..
فهذا الذي فعله المعلم الأول r مع عدي .. قال : ألست من الركوسية ..
فقال عدي : بلى ..
فقال r : فإنك إذا غزوت مع قومك تأكل فيهم المرباع ؟ ( )
قال : بلى ..
فقال r : فإن هذا لا يحل لك في دينك ..
فتضعضع لها عدي .. وقال : نعم ..
فقال r : أما إني أعلم الذي يمنعك من الإسلام ..
أنك تقول : إنما اتبعه ضعفة الناس ومن لا قوة لهم ..
وقد رمتهم العرب ..
يا عدي .. أتعرف الحيرة ؟ ( )
قلت : لم أرها وقد سمعت بها ..
قال : فوالذي نفسي بيده ليتمن الله هذا الأمر حتى تخرج الظعينة من الحيرة حتى تطوف بالبيت في غير جوار أحد ..
أي سيقوى الإسلام إلى درجة أن المرأة المسلمة الحاجة تخرج من الحيرة حتى تصل إلى مكة ليس معها إلا محرم .. من غير أحد يحميها .. وتمر على مئات القبائل فلا يجرؤ أحد أن يعتدي عليها أو يسلبها مالها .. لأن المسلمين صار لهم قوة وهيبة .. إلى درجة أن أحداً لا يجرؤ على التعرض لمسلم خوفاً من انتصار المسلمين له ..
فلما سمع عدي ذلك .. جعل يتصور المنظر في ذهنه .. امرأة تخرج من العراق حتى تصل إلى مكة .. معنى ذلك أنها ستمر بشمال الجزيرة .. يعني ستمر بجبال طي .. ديار قومه ..
فتعجب عدي وقال في نفسه : فأين عنها ذُعّار طي الذين سعروا البلاد !!
ثم قال r : وليفتحن كنوز كسرى بن هرمز ..
قال : كنوز ابن هرمز ؟
قال : نعم كسرى بن هرمز .. ولتنفقن أمواله في سبيل الله ..
قال r : ولئن طالت بك حياة لترين الرجل يخرج بملء كفه من ذهب أوفضة يطلب من يقبله منه فلا يجد أحدا يقبله منه ..
يعني من كثرة المال يخرج الغني يطوف بصدقته لا يجد فقيراً يعطيه إياها ..
ثم بدأ  يعظ عدياً ويذكره بالآخرة .. فقال :
وليلقين اللهَ أحدُكم يوم يلقاه ليس بينه وبينه ترجمان ، فينظر عن يمينه فلا يرى إلا جهنم ، وينظر عن شماله فلا يرى إلا جهنم " ..
سكت عدي متفكراً ..
ففاجأه  قائلاً : يا عدي .. فما يفرك أن تقول لا إله إلا الله ؟.. أو تعلم من إله أعظم من الله ؟!
قال عدي : فإني حنيف مسلم .. أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
فتهلل وجه النبي r فرحاً مستبشراً ..
قال عدي بن حاتم :
فهذه الظعينة تخرج من الحيرة تطوف بالبيت في غير جوار ..ولقد كنت فيمن فتح كنوز كسرى ..
والذي نفسي بيده لتكونن الثالثة لأن رسول الله r قد قالها " .. ( )
فتأمل كيف كان هذا الأنس منه  لعدي .. وهذا الاحتفاء الذي قابله به .. حتى شعر به عدي .. تأمل كيف كان كل ذلك جاذباً لعدي للدخول في الإسلام ..
فلو مارسنا هذا الحب مع الناس .. مهما كانوا .. لملكنا قلوبهم ..

فكرة ..
بالرفق واستعمال مهارات التعامل والإقناع .. نستطيع أن نحقق ما نريد ..

8. استمتع بالمهارات ..
المهارات متعة حسية ، لا أعني بها الأجر الأخروي فقط ، لا وإنما هي متعة وفرح تشعر به حقيقة ..
فاستمتع بها ، ومارسها مع جميع الناس ، كبيرهم وصغيرهم ، غنيهم وفقيرهم ، قريبهم وبعيدهم .. كلهم .. مارس معهم هذه المهارات ..
إما لاتقاء أذاهم ..
أو لكسب محبتهم ..
أو لإصلاحهم .. نعم إصلاحهم ..
كان علي بن الجهم شاعراً فصيحاً .. لكنه كان أعرابياً جلفاً لا يعرف من الحياة إلا ما يراه في الصحراء ..
وكان المتوكل خليفة متمكناً .. يُغدى عليه ويراح بما يشتهي ..
دخل علي بن الجهم بغداد يوماً فقيل له : إن من مدح الخليفة حظي عنده ولقي منه الأعطيات ..
فاستبشر علي ويمم جهة قصر الخلافة ..
دخل على المتوكل .. فرأى الشعراء ينشدون ويربحون ..
والمتوكل هو المتوكل .. سطوة وهيبة وجبروت ..
فانطلق مادحاً الخليفة بقصيدة مطلعها :
يا أيها الخليفة ..
أنت كالكلب في حفاظك للود .. وكالتيس في قراع الخطوب
أنت كالدلو لا عدمتك دلواً .. من كبار الدلاْ كثير الذنوب
ومضى يضرب للخليفة الأمثلة بالتيس والعنز والبئر

 

توقيع *amen*  

 

اللهم وفق امين واجعلها تجيب معدل خمسه
اللهم احسن خاتمتها االلهم ارزقها ا وفرج همها وارزقها الجنه ووالدايها ووالدي والدايها ومن تحب آمين

وارزقها بلاغة نعم النبيين وفصاحة حفظ المرسلين بسرعة الهام الملائكة المقربين واكرمها بنور العلم وسرعة الفهم امين يارب العالمين
اللهم صل على محمدنقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة
سبحان الله
سيد الاستغفار



 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:35 PM   #12

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

والتراب ..
فثار الخليفة .. وانتفض الحراس .. واستل السياف سيفه .. وفرش النطع .. وتجهز للقتل ..
فأدرك الخليفة أن علي بن الجهم قد غلبت عليه طبيعته .. فأراد أن يغيرها ..
فأمر به فأسكنوه في قصر منيف .. تغدو عليه أجمل الجواري وتروح يما يلذ ويطيب ..
ذاق علي بن الجهم النعمة .. واتكأ على الأرائك .. وجالس أرق الشعراء .. وأغزل الأدباء ..
ومكث على هذا الحال سبعة أشهر ..
ثم جلس الخليفة مجلس سمر ليلة .. فتذكر علي بن الجهم .. فسأل عنه ، فدعوه له .. فلما مثل بين يديه .. قال : أنشدني يا علي بن الجهم ..
فانطلق منشداً قصيدة مطلعها :
عيون المها بين الرصافة والجسر .. جلبن الهوى من حيث أدري ولا أدري
أعدن لي الشوق القديم ولم أكن .. سلوت ولكن زدن جمراً على جمر
ومضى يحرك المشاعر بأرق الكلمات .. ثم شرع يصف الخليفة بالشمس والنجم والسيف ..
فانظر كيف استطاع الخليفة أن يغير طباع ابن الجهم ..
ونحن كم ضايقتنا طباع لأولادنا أو أصدقائنا فسعينا لتغييرها .. فغيرناها ..
فمن باب أولى أن تقدر أنت على تغيير طباعك .. فتقلب العبوس تبسماً .. والغضب حلماً .. والبخل كرماً .. وهذا ليس صعباً .. لكنه يحتاج إلى عزيمة ومراس .. فكن بطلاً ..
ومن نظر في سيرة محمد r وجد أنه كان يتعامل مع الناس بقدرات أخلاقية ، ملك بها قلوبهم ..
ولم يكن r يتصنع هذه الأخلاق أمام الناس .. فإذا خلا بأهل بيته .. انقلب حلمه غضباً .. ولينه غلظاً ..
لا .. ما كان بساماً مع الناس عبوساً مع أهل بيته ..
ولا كريماً مع الخلق إلا مع ولده وزوجه ..
لا .. بل كانت أخلاقه سجية .. يتعبد لله تعالى بها .. كما يتعبد بصلاة الضحى وقيام الليل ..
يحتسب ابتسامته قربة .. ورفقَه عبادة .. وعفوَه ولينَه حسنات ..
إن من اعتبر حسن الخلق عبادة .. تحلى بها في جميع أحواله .. في سلمه وحربه .. وجوعه وشبعه .. وصحته ومرضه .. بل وفرحه وحزنه ..
نعم .. كم من الزوجات تسمع عن أخلاق زوجها.. وسعة صدره .. وابتسامته وكرمه ..
ولكنها لم تر من ذلك شيئاً ..
فهو في بيته سيئَ الخلق .. ضيقَ الصدر .. عابسَ الوجه .. صخاباً لعاناً .. بخيلاً ومناناً ..
أما هو r فهو الذي قال : ( خيركم خيرُكم لأهله، وأنا خيركم لأهلي ) ( ) ..
وانظر كيف كان يتعامل مع أهله ..
قال الأسود بن يزيد : سألت عائشة t : ما كان رسول الله r يصنع في بيته ؟
فقالت : يكون في مهنة أهله .. فإذا حضرت الصلاة يتوضأ ويخرج للصلاة ..
وقل مثل ذلك مع الوالدين .. فكم هم أولئك الذين نسمع عن حسن أخلاقهم ..
وكرمهم وتبسمهم .. وجميل معاشرتهم للآخرين .. أما مع أقرب الناس إليهم .. وأعظم الناس حقاً عليهم .. مع الوالدين فجفاء وهجر ..
نعم .. خيركم خيركم لأهله .. لوالديه .. لزوجه .. لخدمه .. بل ولأطفاله ..
في يوم مليء بالمشاعر .. يجلس أبو ليلى t عند رسول الله e .. فيأتي الحسن أو الحسين يمشي إلى النبي e .. فيأخذه e .. فيقعده على بطنه .. فبال الصغير على بطن رسول الله e .. قال أبو ليلى : حتى رأيت بوله على بطن رسول الله e أساريع ..
قال : فوثبنا إليه .. فقال e : دعوا ابني .. لا تفزعوا ابني ..
فلما فرغ الصغير من بوله .. دعا e بماء فصبه عليه .. ( )
فلله دره كيف تروضت نفسه على هذه الأخلاق .. فلا عجب إذن أن يملك قلوب الصغار والكبار ..
رأي ..
بدل أن تسب الظلام .. حاول إصلاح المصباح ..

9. مع الفقراء ..
عدد من الناس اليوم أخلاقهم تجارية .. فالغني فقط هو الذي تكون نكته طريفة فيضحكون عند سماعها .. وأخطاؤه صغيرة .. فيتغاضون عنها ..
أما الفقراء فنكتهم ثقيلة .. يسخر بهم عند سماعها .. وأخطاؤهم جسيمة .. يصرخ بهم عند وقوعها ..
أما رسول الله r فكان عطفه على الغني والفقير سواء ..
قال أنس t :
كان رجل من أهل البادية اسمه زاهر بن حرام ..
وكان ربما جاء المدينة في حاجة فيهدي للنبي r من البادية شيئاً من إقط أو سمن ..
فيُجهزه رسول الله r إذا أراد أن يخرج إلى أهله بشيء من تمر ونحوه ..
وكان النبي r يحبه .. وكان يقول : ( إن زاهراً باديتنا .. ونحن حاضروه ).. وكان زاهراً دميماً ..
خرج زاهر t يوماً من باديته .. فأتى بيت رسول الله r .. فلم يجده ..
وكان معه متاع فذهب به إلى السوق .. فلما علم به النبي  مضى إلى السوق يبحث عنه ..
فأتاه فإذا هو يبيع متاعه .. والعرق يتصبب منه .. وثيابه ثياب أهل البادية بشكلها ورائحتها ..
فاحتضنه r من ورائه ، وزاهر لا يُبصره .. ولا يدري من أمسكه ..
ففزع زاهر وقال : أرسلني .. من هذا ؟ ..
فسكت النبي عليه الصلاة والسلام ..
فحاول زاهر أن يتخلص من القبضة ..
وجعل يلتفت وراءه .. فرأى النبي r .. فاطمأنت نفسه .. وسكن فزعه ..
وصار يُلصٍٍٍٍٍٍٍٍٍٍق ظهره بصدر النبي r .. حين عرفه ..
فجعل النبي r يمازح زاهراً .. ويصيح بالناس يقول :من يشتري العبد ؟ .. من يشتري العبد ؟ ..
فنظر زاهر في حاله .. فإذا هو فقير كسير .. لا مال .. ولا جمال ..
فقال : إذاً والله تجدني كاسداً يا رسول الله ..
فقال r : لكن عند الله لست بكاسد .. أنت عند الله غال ..
فلا عجب أن تتعلق قلوب الفقراء به  وهو يملكهم بهذه الأخلاق ..
كثير من الفقراء .. قد لا يعيب على الأغنياء البخل عليه بالمال والطعام .. لكنه يجد عليهم بخلهم باللطف وحسن المعاشرة ..
وكم من فقير تبسمت في وجهه .. وأشعرته بقيمته واحترامه .. فرفع في ظلمة الليل يداً داعية .. يستنزل بها لك الرحمات من السماء ..
ورب أشعث أغبر ذي طمرين مدفوع بالأبواب لا يؤبه له .. لو أقسم على الله لأبره ..
فكن دائم البشر مع هؤلاء الضعفاء ..

إشارة ..
لعل ابتسامة في وجه فقير .. ترفعك عند الله درجات ..

10. النساء ..
كان جدي يستشهد بمثل قديم : " من غاب عن عنزه جابت تيس " ..
بمعنى أن من لم تجد عنده زوجته .. ما يشبع عاطفتها .. ويروي نفسها .. فقد تحدثها نفسها بالاستجابة لغيره .. ممن يملك معسول الكلام ..
وليس مقصودهم بهذا المثل تشبيه الرجل والمرأة بالتيس والعنز .. معاذ الله ..
المرأة شقيقة الرجل .. ولئن كان الله قد وهب الرجل جسماً قوياً .. فقد وهبها عاطفة قوية ..
وكم رأينا سلاطين الرجال وشجعانهم تخور قواهم عند قوة عاطفة امرأة ..
ومن مهارات التعامل مع المرأة أن تعرف المفتاح الذي تؤثر من خلاله فيها .. العاطفة .. تقاتلها بسلاحها ..
كان النبي e يوصيك بالإحسان إلى المرأة .. واحترام عاطفتها .. لأجل أن تسعد معها ..
وأوصى الأب بالإحسان إلى بناته .. فقال : ( من عال جاريتين حتى تبلغا .. جاء يوم القيامة أنا وهو وضم أصابعه ) .. ( )
وأوصى بها أولادها فقال فإنه لما سأله رجل فقال : من أحق الناس بحسن صحابتي ؟
قال : أمك .. ثم أمك .. ثم أمك .. ثم أبوك .. ( )
بل أوصى r بالمرأة زوجها .. وذمّ من غاضب زوجته أو أساء إليها ..
وانظر إليه r وقد قام في حجة الوداع .. فإذا بين يديه مائةُ ألف حاج ..
فيهم الأسود والأبيض .. والكبير والصغير .. والغني والفقير ..
صاح r بهؤلاء جميعاً وقال لهم :
ألا واستوصوا بالنساء خيراً .. ألا واستوصوا بالنساء خيراً .. ( )
وفي يوم من الأيام أطاف بأزواج رسول الله r نساء كثير يشتكين أزواجهن ..فلما علم النبي r بذلك .. قام .. وقال للناس :
لقد طاف بآل محمد r نساء كثير يشتكين أزواجهن .. ليس أولائك بخياركم .. ( )
وقال  :
( خيرُكم خيرُكم لأهله وأنا خيركم لأهلي ) .. ( )
بل .. قد بلغ من إكرام الدين للمرأة .. أنها كانت

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:36 PM   #13

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

تقوم الحروب .. وتسحق الجماجم .. وتتطاير الرؤوس .. لأجل عرض امرأة واحدة ..
كان اليهود يساكنون المسلمين في المدينة ..
وكان يغيظهم نزولُ الأمر بالحجاب .. وتسترُ المسلمات .. ويحاولون أن يزرعوا الفساد والتكشف في صفوف المسلمات .. فما استطاعوا ..
وفي أحد الأيام جاءت امرأة مسلمة إلى سوق يهود بني قينقاع ..
وكانت عفيفة متسترة .. فجلست إلى صائغ هناك منهم ..
فاغتاظ اليهود من تسترها وعفتها .. وودوا لو يتلذذون بالنظر إلى وجهها .. أو لمسِها والعبثِ بها .. كما كانوا يفعلون ذلك قبل إكرامها بالإسلام .. فجعلوا يريدونها على كشف وجهها .. ويغرونها لتنزع حجابها ..
فأبت .. وتمنعت ..
فغافلها الصائغ وهي جالسة .. وأخذ طرف ثوبها من الأسفل .. وربطه إلى طرف خمارها المتدلي على ظهرها ..
فلما قامت .. ارتفع ثوبها من ورائها .. وتكشفت أعضاؤها .. فضحك اليهود منها..
فصاحت المسلمة العفيفة .. وودت لو قتلوها ولم يكشفوا عورتها ..
فلما رأى ذلك رجل من المسلمين .. سلَّ سيفه .. ووثب على الصائغ فقتله ..فشد اليهود على المسلم فقتلوه ..
فلما علم النبي r بذلك .. وأن اليهود قد نقضوا العـهد وتعرضوا للمسلمات .. حاصرهم .. حتى استسلموا ونزلوا على حكمه ..
فلما أراد النبي r أن ينكل بهم .. ويثأر لعرض المسلمة العفيفة ..
قام إليه جندي من جند الشيطان ..
الذين لا يهمهم عرض المسلمات .. ولا صيانة المكرمات ..
وإنما هم أحدهم متعة بطنه وفرجه ..
قام رأس المنافقين .. عبد الله بن أُبيّ ابن سلول ..
فقال : يا محمد أحسن في موالي اليهود وكانوا أنصاره في الجاهلية ..
فأعرض عنه النبي r .. وأبـَى ..
إذ كيف يطلب العفو عن أقوام يريدون أن تشيع الفاحشة في الذين آمنوا !!
فقام المنافق مرة أخرى .. وقال : يا محمد أحسن إليهم ..
فأعرض عنه النبي r .. صيانة لعرض المسلمات .. وغيرة على العفيفات ..
فغضب ذلك المنافق .. وأدخل يده في جيب درع النبي r .. وجرَّه وهو يردد :
أحسن إلى مواليّ .. أحسن إلى مواليّ ..
فغضب النبي r والتفت إليه وصاح به وقال : أرسلني ..
فأبى المنافق .. وأخذ يناشد النبي r العدول عن قتلهم ..
فالتفت إليه النبي r وقال : هم لك ..
ثم عدل عن قتلهم .. لكنه r أخرجهم من المدينة .. وطرَّدهم من ديارهم ..
نعم المرأة العفيفة تستحق أكثر من ذلك ..
كانت خولة بنت ثعلبة t من الصحابيات الصالحات ..
وكان زوجها أوس بن الصامت شيخاً كبيراً يسرع إليه الغضب ..
دخل عليها يوماً راجعاً من مجلس قومه .. فكلمها في شيء فردت عليه .. فتخاصما .. فغضب فقال : أنت علي كظهر أمي .. وخرج غاضباً ..
كانت هذه الكلمة في الجاهلية إذا قالها الرجل لزوجته صارت طلاقاً .. أما في الإسلام فلا تعلم خولة حكمها ..
رجع أوس إلى بيته .. فإذا امرأته تتباعد عنه ..
وقالت له : والذي نفس خويلة بيده لا تخلص إلي وقد قلت ما قلت .. حتى يحكم الله ورسوله فينا بحكمه ..
ثم خرجت خولة إلى رسول الله e فذكرت له ما تلقى من زوجها .. وجعلت تشكو إليه ما سوء خلقه معها ..
فجعل رسول الله e يصبرها ويقول : يا خويلة ابن عمك .. شيخ كبير .. فاتقي الله فيه ..
وهي تدافع عبراتها وتقول : يا رسول الله .. أكل شبابي .. ونثرت له بطني .. حتى إذا كبرت سني .. وانقطع ولدي .. ظاهر مني .. اللهم إني أشكو إليك ..
وهو e ينتظر أن ينزل الله تعالى فيهما حكماً من عنده ..
فبينما خولة عند رسول الله e إذ هبط جبريل من السماء على رسول الله e ..
بقرآن فيه حكمها وحكم زوجها ..
فالتفت e إليها وقال : يا خويلة .. قد أنزل فيك وفي صاحبك قرآناً .. ثم قرأ " قد سمع الله قول التي تجادلك في زوجها وتشتكي إلى الله والله يسمع تحاوركما إن الله سميع بصير " إلى آخر الآيات من أول سورة المجادلة ..
ثم قال لها e مُريه فليعتق رقبة ..
فقالت : يا رسول الله .. ما عنده ما يعتق ..
قال : فليصم شهرين متتابعين ..
قالت : والله إنه لشيخ كبير ما له من صيام ..
قال : فليطعم ستين مسكيناً وسقاً من تمر ..
قالت : يا رسول الله .. ما ذاك عنده ..
فقال e : فإنا سنعينه بعرق من تمر ..
قالت : والله يا رسول الله .. أنا سأعينه بعرق آخر ..
فقال e : قد أصبت وأحسنت .. فاذهبي فتصدقي به عنه .. ثم استوصي بابن عمك خيراً .. ( )
فسبحان من وهبه اللين والتحمل مع الجميع .. حتى في مشاكلهم الشخصية .. يتفاعل معهم ..
وقد جربت بنفسي .. التعامل باللين والمهارات العاطفية مع البنت والزوجة .. وقبل ذلك الأم والأخت .. فوجدت لها من التأثير الكبير .. ما لا يتصوره إلا من مارسه ..
فالمرأة لا يكرمها إلا كريم .. ولا يهينها إلا لئيم ..

وقفة ..
قد تصبر المرأة على .. فقر زوجها .. وقبحه .. وانشغاله .. لكنها قل أن تصبر على سوء خلقه ..

11. الصغار ..
كم هي المواقف التي وقعت لنا في صغرنا ولا تزال مطبوعة في أذهاننا إلى اليوم .. سواء كانت مفرحة أو محزنة ..
عُد بذاكرتك إلى أيام طفولتك .. ستذكر لا محالة جائزة كرمت بها في مدرستك .. أو ثناء أثناه عليك أحد في مجلس عام .. فهي مواقف تحفر صورتها في الذاكرة .. فلا تكاد تنسى ..
وإلى جانب ذلك .. لا نزال نتذكر مواقف محزنة .. وقعت لنا في طفولتنا .. مدرس ضربنا .. أو خصومة مع زملاء في المدرسة .. أو مواقف تعرضنا فيها للإهانة من أسرتنا .. أو تعرض لها أحدنا من زوجة أبيه .. أو نحو ذلك ..
وكم صار الإحسان إلى الصغار طريقاً إلى التأثير ليس فيهم فقط .. بل في آبائهم وأهليهم .. وكسب محبتهم جميعاً ..
يتكرر كثيراً لمدرس المرحلة الابتدائية أن يتصل به أحد أبوي طالب صغير ويثني عليه وأنه أحبه لمحبة ولده له وكثرة ذكره بالخير .. وقد يعبرون عن هذه المشاعر في لقاء عابر .. أو هدية أو رسالة ..
إذن لا تحتقر الابتسامة في وجه الصغير .. وكسب قلبه .. وممارسة مهارات التعامل الرائع معه ..
ألقيت يوماً محاضرة عن الصلاة لطلاب صغار في مدرسة ..
فسألتهم عن حديث حول أهمية الصلاة .. فأجاب أحدهم : قال e : بين الرجل وبين الكفر أو الشرك ترك الصلاة ..
أعجبني جوابه .. ومن شدة الحماس نزعت ساعة يدي وأعطيته إياها ..
وكانت – عموماً – ساعة عادية كساعات الطبقة الكادحة ..!
كان هذا الموقف مشجعاً لذلك الغلام .. أحب العلم أكثر .. وتوجه لحفظ القرآن .. وشعر بقيمته ..
مضت الأيام .. بل السنين .. ثم في أحد المساجد تفاجأت أن الإمام هو ذلك الغلام .. وقد صار شاباً متخرجاً من كلية الشريعة .. ويعمل في سلك القضاء بأحد المحاكم .. لم أذكره وإنما تذكرني هو ..
فانظر كيف انطبعت في ذهنه المحبة والتقدير بموقف عاشه قبل سنين ..
وأذكر أني دعيت ليلة لإحدى الولائم .. فإذا شاب مشرق الوجه يسلم علي بحرارة بي ويذكرني بموقف لطيف وقع له معي في محاضرة ألقيتها في مدرسته لما كان غلاماً صغيراً ..
وكم ترى من الناس الذين يحسنون التعامل مع الصغار من يخرج من المسجد .. فترى أباً يجره ولده الصغير بيده ليصل إلى هذا الرجل فيسلم عليه ويبلغه بمحبة ولده له ..
وقد يقع مثل هذا الموقف في وليمة كبيرة أو عرس .. يكثر فيه المدعوون ..
ولا أكتمك أنني أبالغ في إكرام الصغار والحفاوة بهم بعض الشيء .. بل والاستماع إلى أحاديثهم العذبة – وإن كانت في أكثر الأحيان غير مهمة – بل أزيد الحفاوة ببعضهم أحياناً إكراماً لوالده وكسباً لمحبته ..
أحد الأصدقاء كنت ألقاه أحياناً مع ولده الصغير .. فكنت أحتفي بالصغير وألاطفه ..
لقيني صديقي هذا يوماً في محفل كبير .. فأقبل إليَّ بولده يسلم علي .. ثم قال : ماذا فعلت بولدي ! يسألهم مدرسهم قبل أيام عن أمنياتهم في المستقبل .. فمنهم من قال : أكون طبيباً .. والآخر قال : أكون مهندساً .. وولدي قال : أكون محمد العريفي !!
ويمكنك أن تلاحظ أنواع الناس في التعامل مع الصغار .. عندما يدخل رجل إلى مجلس عام ويطوف بالحاضرين مصافحاً .. وولده من خلفه يفعل كفعله .. فمن الناس من يتغافل عن الصغير .. ومنهم من يصافحه بطرف يده .. ومنهم من يهز

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:37 PM   #14

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

يده مبتسماً مردداً : أهلاً يا بطل .. كيف حالك يا شاطر .. فهذا الذي تنطبع محبته في قلب الصغير .. بل وقلب أبيه وأمه ..
كان المربي الأول e له أحسن التعامل مع الصغار ..
كان لأنس بن مالك أخ صغير .. وكان r يمازحه ويكنيه بأبي عمير .. وكان للصغير طير صغير يلعب به .. فمات الطير ..
فكان e يمازحه إذا لقيه .. ويقول : يا أبا عمير .. ما فعل النغير ؟ يعني الطائر الصغير ..
وكان يعطف على الصغار ويلاعبهم .. ويلاعب زينب بنت أم سلمة ويقول : ( يا زوينب .. يا زوينب .. ) ..
وكان إذا مر بصبيان يلعبون سلم عليهم ..
وكان يزور الأنصار ويُسلم على صبيانهم .. ويمسح رؤوسهم ..
وعند رجوعه r من المعركة كان يستقبله الأطفال فيركبهم معه ..
فعند عودة المسلمين من مؤتة ..
أقبل الجيش إلى المدينة راجعاً ..
فتلقاهم النبي عليه الصلاة والسلام .. والمسلمون ..
ولقيهم الصبيان يشتدون ..
فلما رأى r الصبيان .. قال : خذوا الصبيان فاحملوهم ..
وأعطوني ابن جعفر ..
فأُتي بعبد الله بن جعفر فأخذه فحمله بين يديه ..
وكان r يتوضأ يوماً من ماء .. فأقبل إليه محمود بن الربيع طفل عمره خمس سنوات .. فجعل r في فمه ماء ثم مجه في وجهه يمازحه .. ( ) ..
وعموماً .. كان r ضحوكاً مزوحاً مع الناس .. يدخل السرور إلى قلوبهم .. خفيفاً على النفوس لا يمل أحد من مجالسته ..
أقبل إليه رجل يوماً يريد دابة ليسافر عليها أو يغزو ..
فقال r ممازحاً له : ( إني حاملك على ولد ناقة ) ..
فعجب الرجل .. كيف يركب على جمل صغير .. لا يستطيع حمله .. فقال : يا رسول الله وما أصنع بولد الناقة ؟
فقال r : ( وهل تلد الإبل إلا النوق ) .. يعني سأعطيك بعيراً كبيراً .. لكنه - قطعاً - قد ولدته ناقة ..
وقال r يوماً لأنس ممازحاً : ( يا ذا الأذنين ) ..
وأقبلت إليه امرأة يوماً تشتكي زوجها .. فقال لها  : زوجك الذي في عينه بياض ؟
ففزعت المرأة وظنت أنه زوجها عمي بصره .. كما قال الله عن يعقوب عليه السلام " وابيضت عيناه من الحزن " أي : عمي ..
فرجعت فزعة إلى زوجها وجعلت تنظر في عينيه .. وتدقق ..
فسألها عن خبرها ؟!
فقالت : قد قال رسول الله  إن في عينك بياض ..
فقال لها : يا امرأة .. أما أخبرك أن بياضها أكثر من سوادها ..
أي أن كل أحد في عينه بياض وسواد ..
وكان  إذا مازحه أحد تفاعل معه .. وضحك وتبسم ..
دخل عليه عمر وهو r غضبان على نسائه .. لما أكثرن عليه مطالبته بالنفقة .. فقال عمر : يَا رَسُولَ اللَّهِ .. لَوْ رَأَيْتَنا وَكُنَّا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ .. نَغْلِبُ النِّسَاءَ .. فكنا إذا سألت أحدَنا امرأتُه نفقةً قام إليها فوجأ عنقها ..
فَلَمَّا قَدِمْنَا الْمَدِينَةَ إِذَا قَوْمٌ تَغْلِبُهُمْ نِسَاؤُهُمْ .. فطفق نساؤنا يتعلمن من نسائهم ..
يعني فقويت علينا نساؤنا ..
فَتَبَسَّمَ النَّبِيُّ r .. ثم زاد عمر الكلام .. فازداد تبسم النبي r .. تلطفاً مع عمر  ..
وتقرأ في أحاديث أنه تبسم حتى بدت نواجذه ..
إذن كان لطيف المعشر .. أنيس المجلس ..
فلو وطّنا أنفسنا على مثل هذا التعامل مع الناس .. لشعرنا بطعم الحياة فعلاً ..

فكرة ..
الطفل طينة لينة نشكلها بحسب تعاملنا معه ..

12. العبيد والمماليك ..
كان  يحسن الدخول إلى قلوبهم بما يناسب ..
لما توفي عم النبي r .. اشتد أذى قريش عليه r ..
فخرج r إلى الطائف .. يلتمس من ثقيف النصرة والمنعة بهم من قومه .. ورجا أن يقبلوا منه ما جاءهم به من الله تعالى ..
خرج إليهم وحده ..
وصل إلى الطائف .. وعمد إلى نفر ثلاثة من ثقيف وهم سادة ثقيف وأشرافهم وهم إخوة ثلاثة .. عبد يا ليل .. ومسعود .. وحبيب .. بنو عمرو بن عمير ..
فجلس إليهم r .. فدعاهم إلى الله وكلمهم لما جاءهم له من نصرته على الإسلام والقيام معه على من خالفه من قومه ..
فقال أحدهم : هو يمرط ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك ..
وقال الآخر : أما وجد الله أحداً أرسله غيرك ؟
أما الثالث فقال – متفلسفاً - :
والله لا أكلمك أبداً ! لئن كنت رسولاً من الله كما تقول لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام .. ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي لي أن أكلمك ..
فلما سمع  منهم هذا الرد القبيح .. قام من عندهم .. وقد يئس من خير ثقيف ..
لكنه خاف أن تعلم قريش بخبر ثقيف معه فيجترئون عليه أكثر .. فقال لهم :
إذا فعلتم ما فعلتم فاكتموا على ..
فلم يفعلوا .. وأغروا به سفهاءهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به ..
حتى اجتمع عليه الناس وألجئوه إلى حائط لعتبة بن ربيعة .. وشيبة بن ربيعة .. وهما فيه ..
ورجع عنه من سفهاء ثقيف ممن كان يتبعه ..
فعمد r إلى ظل حبلة من عنب فجلس فيه ..
وابنا ربيعة ينظران إليه ويريان ما يلقى من سفهاء أهل الطائف ..
فلما رآه ابنا ربيعة عتبة وشيبة وما لقي تحركت له رحمهما ..
فدعوا غلاماً لهما نصرانياً يقال له عداس .. وقالا : له خذ قطفاً من هذا العنب فضعه في هذا الطبق .. ثم اذهب به إلى ذلك الرجل فقل له يأكل منه ..
ففعل عداس .. وجاء بالعنب .. حتى وضعه بين يدي رسول الله r ثم قال له : كل ..
فمد رسول الله r يده إليه وقال : " بسم الله " ثم أكل ..
نظر عداس إليه وقال :
والله إن هذا الكلام ما يقوله أهل هذه البلاد ..
فقال له r : " ومن أهل أي بلاد أنت يا عداس ؟ وما دينك ؟ " ..
قال : نصراني .. وأنا رجل من أهل نينوى ..
فقال r : " من قرية الرجل الصالح يونس بن متى ؟ " ..
فقال عداس : وما يدريك ما يونس بن متى ؟
فقال r : " ذلك أخي .. كان نبياً .. وأنا نبي " ..
فأكب عداس على رسول الله r يقبل رأسه ويديه وقدميه ..
وابنا ربيعة ينظران إليهما .. فقال أحدهما لصاحبه : أما غلامك فقد أفسده عليك ..
فلما رجع عداس لسيده .. وقد بدا عليه التأثر برؤية رسول الله  وسماع كلامه ..
قال له سيده : ويلك يا عداس ! ما لك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه ؟
فقال : يا سيدي ما في الأرض شئ خير من هذا .. لقد أخبرني بأمر ما يعلمه إلا نبي ..
فقال سيده : ويحك يا عداس لا يصرفنك عن دينك .. فإن دينك خير من دينه ..
فهل نستطيع نحن اليوم أن نجعل تعاملنا راقياً مع الجميع .. مهما كانت طبقاتهم ؟
لمحة ..
عامل البشر على أنهم بشر .. لا على أشكالهم .. أو أموالهم .. أو وظائفهم ..

13. مع المخالفين ..
الكفار .. كان r يعاملهم بالعدل .. ويستميت في سبيل دعوتهم وإصلاحهم .. ويتحمل أذاهم ..
ويتغاضى عن سوئهم .. كيف لا .. وقد قال له ربه : ( وما أرسلناك إلا رحمة ) .. لمن ؟! للمؤمنين ؟! لا .. ( إلا رحمة للعالمين ) ..
وتأمل حال اليهود.. يذمونه ويبتدئون بالعداوة .. ومع ذلك يرفق بهم ..
وعن عائشة قالت : إن اليهود مروا ببيت النبي r فقالوا :
السام عليكم ( أي : الموت عليك ) ..
فقال r : وعليكم ..
فلم تصبر عائشة لما سنعتهم .. فقالت : السام عليكم .. ولعنكم الله وغضب عليكم ..
فقال  : مهلاً يا عائشة .. عليك بالرفق .. وإياك والعنف والفحش ..
فقالت : أو لم تسمع ما قالوا ؟
فقال : أو لم تسمعي ما قلت ؟! رددت عليهم فيستجاب لي .. ولا يستجاب لهم فيّ ..
نعم .. ما الداعي إلى مقابلة السباب بالسباب ! أليس الله قد قال له : ( وأعرض عن الجاهلين ) ..
وفي يوم .. خرج  مع أصحابه في غزوة ..
فلما كانوا في طريق عودتهم .. نزلوا في واد كثير الشجر ..
فتفرق الصحابة تحت الشجر وناموا .. وأقبل  إلى شجرة فعلق سيفه بغصن من أغصانها .. وفرش رداءه ونام ..
في هذه الأثناء كان رجل من المشركين يتبعهم ..
فلما رأى رسول الله  خالياً .. أقبل يمشي بهدوء .. حتى التقط السيف من على الغصن .. وصاح بأعلى صوته :
يا محمد .. من يمنعك مني ؟

فاستيقظ رسول الله  .. والرجل قائم على رأسه .. والسيف صلتاً في يده .. يلتمع منه الموت ..
الرسول  وحيداً .. ليس عليه إلا إزار .. أصحابه متفرقون عنه .. نائمون ..
والرجل يعيش نشوة القوة والانتصار .. ويردد : من يمنعك مني ؟ من يمنعك مني ؟
فقال  بكل ثقة : الله ..
فانتفض الرجل وسقط السيف ..
فقام  والتقط السيف وقال : من يمنعك مني ؟
فتغير الرجل .. واضطرب .. وأخذ يسترحم النبي  .. ويقول : لا أحد .. كن خير آخذ ..
فقال له  : تسلم ؟
قال : لا .. ولكن لا أكون في قوم هم حرب لك ..
فعفا عنه  .. وأحسن إليه !!
وكان الرجل ملكاً في قومه .. فانصرف إليهم فدعاهم إلى الإسلام .. فأسلموا ..
نعم .. أحسن إلى الناس تستعبد قلوبهم ..
بل حتى مع الأعداء الألداء كان r له خلق عظيم .. كسب به نفوسهم .. وهدى قلوبهم .. ودحر به كفرهم ..
لما ظهر e بدعوته بين الناس .. جعلت قريش تحاول حربه بكل سبيل ..
وكان مما بذلته أن تشاور كبارها في التعامل مع دعوته e .. وتسارع الناس للإيمان به ..
فقالوا : أنظروا أعلمكم بالسحر والكهانة والشعر فليأت هذا الرجل الذي فرق جماعتنا .. وشتت أمرنا .. وعاب ديننا .. فليكلمه ولينظر ماذا يرد عليه ..
فقالوا : ما نعلم أحدا غير عتبة بن ربيعة ..
فقالوا : أنت يا أبا الوليد ..
وكان عتبة سيداً حليماً ..
فقال : يا معشر قريش .. أترون أن أقوم إلى هذا فأكلمه .. فأعرض عليه أموراً لعله أن يقبل منها بعضها ..
قالوا : نعم يا أبا الوليد ..
فقام عتبة وتوجه إلى رسول الله e ..
دخل عليه .. فإذا  جالس بكل سكينة ..
فلما وقف عتبة بين يديه .. قال : يا محمد ! أنت خير أم عبد الله ؟!
فسكت رسول الله e .. تأدباً مع أبيه عبد الله ..
فقال : أنت خير أم عبد المطلب ؟
فسكت e .. تأدباً مع جده عبد المطلب ..
فقال عتبة : فإن كنت تزعم أن هؤلاء خير منك فقد عبدوا الآلهة التي عِبْتَ .. وإن كنت تزعم أنك خير منهم .. فتكلم حتى نسمع قولك ..
وقبل أن يجيب النبي  بكلمة .. ثار عتبة وقال :
إنا والله ما رأينا سخلة قط أشأم على قومه منك !!.. فرقت جماعتنا .. وشتت أمرنا .. وعبت ديننا .. وفضحتنا في العرب .. حتى لقد طار فيهم أن في قريش ساحراً .. وأن في قريش كاهناً .. والله ما ننتظر إلا مثل صيحة الحبلى .. أن يقوم بعضنا إلى بعض بالسيوف حتى نتفانى ..
كان عتبة متغيراً غضباناً .. والنبي  ساكت يستمع بكل أدب ..
وبدأ عتبة يقدم إغراءات ليتخلى النبي  عن الدعوة .. فقال :
أيها الرجل إن كنت جئت بالذي جئت به لأجل المال .. جمعنا لك حتى تكون أغنى قريش رجلاً ..
وان كنت إنما بك حب الرئاسة .. عقدنا ألويتنا لك فكنت رأساً ما بقيت ..
وإن كان إنما بك الباه والرغبة في النساء .. فاختر أيَّ نساء قريش شئت فلنزوجك عشراً ..!!
وان كان هذا الذي يأتيك رئياً من الجن تراه .. لا تستطيع رده عن نفسك .. طلبنا لك الطب .. وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه .. فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يتداوى منه ..
ومضى عتبة يتكلم بهذا الأسلوب السيء مع رسول الله e .. ويعرض عليه عروضاً ويغريه .. والنبي عليه الصلاة والسلام ينصت إليه بكل هدوء ..
وانتهت العروض .. ملك .. مال .. نساء .. علاج من جنون !!
سكت عتبة .. وهدأ .. ينتظر الجواب ..
فرفع النبي عليه الصلاة والسلام بصره إليه وقال بكل هدووووء :
أفرغت يا أبا الوليد ؟
لم يستغرب عتبة هذا الأدب من الصادق الأمين .. بل قال باختصار : نعم ..
فقال e : فاسمع مني ..
قال : أفعل ..
فقال e : بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تَنزِيلٌ مِّنَ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ * كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآنًا عَرَبِيًّا لِّقَوْمٍ يَعْلَمُونَ * بَشِيرًا وَنَذِيرًا فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لَا يَسْمَعُونَ .. ) ..
ومضى النبي عليه الصلاة والسلام .. يتلوا الآيات وعتبة يستمع ..
وفجأة جلس عتبة على الأرض .. ثم اهتز جسمه ..
فألقى يديه خلف ظهره .. واتكأ عليهما ..
وهو يستمع .. ويستمع .. والنبي يتلو .. ويتلو ..
حتى بلغ قوله تعالى ..
( فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِّثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ ) .. فانتفض عتبة لما سمع التهديد بالعذاب .. وقفز ووضع يديه على فم رسول الله e .. ليوقف القراءة ..
فاستمر e يتلو الآيات .. حتى انتهى إلى الآية التي فيها سجدة التلاوة .. فسجد ..
ثم رفع رأسه من سجوده .. ونظر إلى عتبة وقال : سمعت يا أبا الوليد ؟
قال : نعم ..
قال : فأنت وذاك ..
فقام عتبة يمشي إلى أصحابه .. وهم ينتظرونه متشوقين ..
فلما أقبل عليهم .. قال بعضهم لبعض : نحلف بالله لقد جاءكم أبو الوليد بغير الوجه الذي ذهب به ..
فلما جلس إليهم .. قالوا : ما وراءك يا أبا الوليد ؟
فقال : ورائي أني والله سمعت قولاً ما سمعت مثله قط .. والله ما هو بالشعر .. ولا السحر .. ولا الكهانة ..
يا معشر قريش : أطيعوني واجعلوها بي .. خلوا بين هذا الرجل وبين ما هو فيه .. فوالله ليكونن لقوله الذي سمعت منه نبأ عظيم ..
يا قوم !! قرأ بسم الله الرحمن الرحيم " حم * تنزيل من الرحمن الرحيم " حتى بلغ : " فقل أنذرتكم صاعقة مثل صاعقة عاد وثمود " فأمسكته بفيه .. وناشدته الرحم أن يكف .. وقد علمتم أن محمداً

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:37 PM   #15

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

إذا قال شيئاً لم يكذب .. فخفت أن ينزل بكم العذاب ..
ثم سكت أبو الوليد قليلاً متفكراً .. وقومه واجمون يحدون النظر إليه ..
فقال : والله إن لقوله لحلاوة .. وإن عليه لطلاوة .. وإن أعلاه لمثمر .. وإن أسفله لمغدق .. وإنه ليعلو وما يعلى عليه .. وإنه ليحطم ما تحته .. وما يقول هذا بشر .. وما يقول هذا بشر ..
قالوا : هذا شعر يا أبا الوليد .. شعر ..
فقال : والله ما رجل أعلم بالأشعار مني .. ولا أعلم برجزه ولا بقصيده مني .. ولا بأشعار الجن .. والله ما يشبه هذا الذي يقول شيئاً من هذا ..
ومضى عتبة يناقش قومه في أمر رسول الله  .. صحيح أن عتبة لم يدخل في الإسلام .. لكن نفسه لانت للدين ..
فتأمل كيف أثر هذا الخلق الرفيع .. ومهارة حسن الاستماع في عتبة مع أنه من أشد الأعداء ..
وفي يوم آخر ..
تجتمع قريش .. فينتدبون حصين بن المنذر الخزاعي .. وهو أبو الصحابي الجليل عمران بن حصين ..
ينتبونه لنقاش النبي عليه الصلاة والسلام ورده عن دعوته ..
يدخل أبو عمران على النبي e وحوله أصحابه .. فيردد عليه ما تردده قريش دوماً .. فرقت جماعتنا .. شتت شملنا .. والنبي e ينصت بلطف ..
حتى إذا انتهى .. قال له e بكل أدب ..
أفرغت يا أبا عمران ..
قال : نعم ..
قال : فأجبني عما أسألك عنه ..
قال : قل .. أسمع ..
فقال  : يا أبا عمران .. كم إلهاً تعبد اليوم ؟
قال : سبعة ..!! ستة في الأرض .. وواحداً في السماء ..!!
قال : فأيهم تعد لرغبتك ورهبتك ؟
قال : الذي في السماء ..
فقال  بكل لطف : يا حصين أما إنك لو أسلمت علمتك كلمتين ينفعانك ..
فما كان من حصين إلا أن أسلم في مكانه فوراً ..
ثم قال : يا رسول الله .. علمني الكلمتين اللتين وعدتني ..
فقال  : قل : اللهم ألهمني رشدي .. وأعذني من شر نفسي ..
آآآه ما أروع هذا التعامل الراقي ! وشدة تأثيره في الناس عند مخالطتهم ..
وهذا التعامل الإسلامي الدعوي يفيد في دعوة الكفار وجذبهم إلى الخير ..
سافر أحد الشباب للدراسة في ألمانيا فسكن في شقة .. وكان يسكن أمامه شاب ألماني ، ليس بينهما علاقة ، لكنه جاره ..
سافر الألماني فجأة .. وكان موزع الجرائد يضع الجريدة كل يوم عند بابه .. انتبه صاحبنا إلى كثرة الجرائد .. سأل عن جاره .. فعلم أنه مسافر ..
لَـمَّ الجرائد ووضعها في درج خاص .. وصار يجمعها كل يوم ويرتبها ..
لما رجع صاحبه بعد شهرين أو ثلاثة .. سلم عليه وهنأه بسلامة الرجوع .. ثم ناوله الجرائد ..وقال له : خشيت أنك متابع لمقال .. أو مشترك في مسابقة .. فأردت أن لا يفوتك ذلك ..
نظر الجار إليه متعجباً من هذا الحرص .. فقال : هل تريد أجراً أو مكافأة على هذا ؟
قال صاحبنا : لا .. لكن ديننا يأمرنا بالإحسان إلى الجار .. وأنت جار فلا بد من الإحسان إليك
ثم ما زال صاحبنا محسناً إلى ذلك الجار .. حتى دخل في الإسلام ..
هذه والله هي المتعة الحقيقية بالحياة .. أن تشعر أنك رقم على اليمين .. تتعبد لله بكل شيء حتى بأخلاقك ..
وكم صدَّ أعداداً كبيرة من الكفار عن الدخول في الإسلام تعاملات فريق من المسلمين معهم .. فيظلمونهم عمالاً .. ويغشونهم متسوقين .. ويؤذونهم جيراناً ..
فهلمَّ نبدأ من جديد معهم ..

إضاءة ..
خير الداعين من يدعو بأفعاله قبل أقواله ..

14. الحيوانات !!
من صارت المهارات الحسنة ديدنه .. تحولت إلى طبع يخالط دمه وعقله .. لا ينفك عنه أبداً ..
فتجده دائماً ليناً هيناً رفيقاً متحملاً عطوفاً .. مع كل أحد .. حتى مع الحيوانات .. والجمادات ..
كان رسول الله r في سفر .. فانطلق ليقضي حاجته ..
فرأى بعض الصحابة حُمرة معها فرخان .. فأخذ بعضهم فرخيها .. فجاءت الحمرة ..
فجعلت تحوم حولهم وترفرف بجناحيها ..
فلما جاء النبي  ورآها .. التفت إلى أصحابه وقال :
من فجع هذه بولدها ؟ ردوا ولدها إليها ..
وفي يوم آخر .. رأى r قرية نمل قد أحرقت ..
فقال : من أحرق هذه ؟
قال بعض أصحابه : أنا ..
فغضب وقال : لا ينبغي أن يُعذب بالنار إلا رب النار ..
وكان r من رأفته .. أنه إذا توضأ وأقبلت إليه هرة ..
أصغى لها الإناء .. فتشرب .. ثم يتوضأ بفضلها ..
ومرّ r يوماً على رجل ملقياً شاة على الأرض .. وقد وضع رجله على صفحة عنقها ممسكاً لها ليذبحها .. وهو يحد شفرته .. وهي تلحظ إليه ببصرها ..
فغضب r لما رآه .. وقال : أتريد أن تميتها موتتين ؟ هلا حددت شفرتك قبل أن تضجعها ؟
ومر يوماً برجلين يتحدثان .. وقد ركب كل منهما على بعيره ..
فلما رآهما رحم البعيرين .. ونهى أن تتخذ الدواب كراسي .. يعني لا تركب البعير إلا وقت الحاجة فقط .. فإذا انتهت حاجتك فانزل ودعه يرتاح ..
ونهى r عن وسم الدابة في الوجه ..
ومن أطرف ما ذكر ..
أنه كان للنبي r ناقة تسمى العضباء ..
ثم إن نفراً من المشركين أغاروا على إبلٍ للمسلمين .. كانت ترعى في أطراف المدينة ..
فذهبوا بها .. وكانت العضباء فيها ..
وأسروا امرأة من المسلمين .. واستاقوها معهم ..
وهرب المشركون .. بالمرأة والإبل ..
وكانوا إذا نزلوا أثناء الطريق .. أطلقوا الإبل ترعى حولهم ..
فنزلوا منزلاً فناموا .. فقامت المرأة بالليل لتهرب منهم ..
فأقبلت إلى الإبل لتركب إحداها .. فجعلت كلما أتت على بعير رغا بأعلى صوته .. فتتركه خوفاً من استيقاظهم ..
وجعلت تمر على الإبل واحداً واحداً ..
حتى أتت على العضباء .. فحركتها فإذا ناقة ذلول مجرسة .. فركبتها المرأة .. ثم وجهتها نحو المدينة .. فانطلقت العضباء مسرعة .. فلما شعرت المرأة بالنجاة .. اشتد فرحها .. فقالت :
اللهم إن لك عليَّ نذراً .. إن أنجيتني عليها أن أنحرها ..!!
وصلت المرأة إلى المدينة .. فعرف الناس ناقة النبي  ..
نزلت لمرأة في بيتها ومضوا بالناقة إلى النبي  ..
فجاءت المرأة تطلب الناقة لتنحرها !!
فقال  : بئس ما جزيتيها .. أو بئس ما جزتها .. إن أنجاها الله عليها لتنحرنها !!
ثم قال r : " لا وفاء لنذر في معصية الله ولا فيما لا يملك ابن آدم " .
فلماذا لا تحول مهاراتك في التعامل – كالرفق والبشر والكرم – إلى سجية تلازمك على جميع أحوالك .. مع كل شيء تتعامل معه .. حتى الجمادات والأشجار ..!!
كان النبي r يقوم يوم الجمعة .. فيسند ظهره إلى جذع منصوب في المسجد فيخطب الناس .. فقالت امرأة من الأنصار :
يا رسول الله .. ألا أجعل لك شيئاً تقعد عليه .. فإن لي غلاماً نجاراً ..
قال : إن شئت ..
فعملت له المنبر ..
فلما كان يوم الجمعة .. صعد النبي r على المنبر الذي صنع له ..
فلما قعد r على ذلك المنبر .. خار الجذع كخوار الثور .. وصاحت النخلة .. حتى كادت أن تنشق .. وارتج المسجد ..
فنزل النبي r فضم الجذع إليه .. فجعلت النخلة تئن أنين الصبي الذي يُسكّت حتى استقرت ..
ثم قال r : ( أما و الذي نفس محمد بيده .. لو لم ألتزمه لما زال هكذا إلى يوم القيامة .. ) ..

إشارة ..
الله كرّم الإنسان .. لكن ذلك لا يفتح المجال له لاضطهاد بقية المخلوقات ..

15. 100 طريقة لكسب قلوب الناس
كل صاحب هم يتفنن في صيد ما يريد ..
عاشق المال يتفنن في جمعه وتنميته .. ويحرص على تعلم مهارات التجارة والربح ..
القنوات الفضائية تتفنن في اصطياد الناس بتنويع البرامج واختيار الأساليب المتجددة .. وتدريب مقدمي البرامج على مهارات تجذب الناس لمتابعتها ..
وقل مثل ذلك في وسائل الإعلام المقروءة .. والمسموعة ..
ومثله مروجو البضائع المختلفة سواء كانت حلالاً أم حراماً ..
كلهم يحرصون على إتقان المهارات التي تفيدهم في مجالهم الذي يحبونه ..
وكسب القلوب فن من الفنون له طرقه وأساليبه ..
هب أنك دخلت مجلساً فيه أربعون رجلاً .. فمررت بالناس تصافحهم ..
فالأول مددت يدك إليه مسلماً فناولك طرف يده .. وقال ببرود : أهلاً .. أهلاً ..
والثاني كان مشغولاً بحديث جانبي .. ففاجأته بالسلام .. فرد ببرود أيضاً وصافحك دون أن ينظر إليك ..
والثالث كان يتحدث بهاتفه .. فمد يده إليك دون أن يتلفظ بكلمة ترحيب .. أو يبدي لك أي اهتمام ..
أما الرابع .. فلما رآك مقبلاً قام مستعداً للسلام .. فلما التقت عينك بعينه ابتسم وأظهر البشاشة بلقياك ..
وصافحك بحرارة .. واحتفى بقدومك .. وأنت لا تعرفه ولا يعرفك !!
ثم أكملت سلامك على الناس .. وجلست ..
بالله عليك ! ألا تشعر أن قلبك ينجذب نحو ذلك الشخص ؟
بلى .. ينجذب إليه .. وأنت لا تعرفه .. ولا تدري عن اسمه .. ولا تعلم وظيفته ولا مركزه .. ومع ذلك استطاع أن يسلب قلبك .. لا بماله .. ولا بمنصبه .. ولا بحسبه ونسبه .. وإنما بمهارات تعامله ..
إذن القلوب لا تكسب بالقوة ولا بالمال ولا بالجمال ولا بالوظيفة .. وإنما تكسب بأقل من ذلك وأسهل .. ومع ذلك فقليل من يستطيع كسبها ..
أذكر أن أحد طلابي في الكلية أصيب بمرض نفسي .. كان نوعاً صعباً من الاكتئاب ..
كان والده ضابطاً يشغل منصباً عالياً .. جاء مراراً إلى الكلية وقابلني وتعاونّا على علاج ابنه ..
كنت أذهب إلى بيتهم أحياناً فأراه قصراً منيفاً .. وأرى مجلس الأب مليئاً بالضيوف .. لا تكاد تجد فيه مكاناً فارغاً ..
كنت أعجب من محبة الناس لهذا الرجل وإقبالهم عليه ..
مضت سنوات وتقاعد الأب من منصبه ..
فذهبت إليه زائراً .. دخلت القصر .. ثم دلفت إلى المجلس وفيه أكثر من خمسين كرسياً .. فلم أر في المجلس إلا الرجل يتابع برنامجاً في التلفاز .. وخادماً يخدمه بالقهوة والشاي .. جلست معه قليلاً ..
فلما خرجت جعلت أتذكر حاله لما كان في وظيفته .. وحاله الآن .. ما الذي كان يجمع الناس فيما مضى ؟
ما الذي كان يجعلهم يلتمون عليه مؤانسين متحببين ؟!
أدركت عندها أن الرجل لم يكسب الناس بأخلاقه ولطفه وحسن تعامله .. وإنما كسبهم بمنصبه ووجاهته وسعة علاقاته ..
فلما زال المنصب زالت معه المحبة ..
فخذ من صاحبنا درساً .. وتعامل مع الناس بمهارات تجعلهم يحبونك لشخصك .. يحبون أحاديثك وابتسامتك ورفقك وحسن معشرك .. يحبون تغاضيك عن أخطائهم .. ووقوفك معهم في مصائبهم ..
لا تجعل قلوبهم معلقة بكرسيك وجيبك !!
الذي يوفر لأولاده وزوجته المال والطعام والشراب لم يكسب قلوبهم .. وإنما كسب بطونهم ..
والذي يغدق على أهله الأموال .. مع سوء التعامل .. لم يكسب قلوبهم .. إنما كسب جيوبهم ..
لذلك لا تستغرب إذا وجدت شاباً تقع له مشكلة فيشكوها إلى صديق أو إمام مسجد أو مدرس .. ويترك أباه .. لأن الأب لم يكسب قلبه .. ولم

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:38 PM   #16

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

يحطم الأسوار بينهما .. بينما كسب هذا القلب مدرس أو صديق .. وربما كسبه عدو حاقد !!
وأمر آخر مهم ..
ألا تلاحظ معي أن بعض الناس إذا دخل مجلساً مزدحماً .. وجعل يتلفت باحثاً عن مكان يجلس فيه .. رأيت الجالسين يتسابقون عليه كل يناديه ليجلس بجانبه !.. لماذا؟
هل دعيت يوماً إلى عشاء .. وكان بنظام ( البوفيه المفتوح ) .. بحيث إن كل شخص يأخذ طعامه في طبق ويجلس على إحدى الطاولات الدائرية .. ألم تر بعض الناس ما إن يملأ طبقه بالطعام حتى يتهافت عدد من الناس يشيرون إليه بوجود مكان فارغ .. ليجلس معهم ..
بينما آخر يملأ طبقه بالطعام .. ويتلفت ولا أحد يناديه أو يقبل عليه .. حتى تسوقه قدماه إلى إحدى الطاولات ..
لماذا حرص الناس على الأول دون الثاني ..
ألا تشعر أن بعض الناس تقبل عليه القلوب أينما كان .. وكأن في يده مغناطيس يجذبها به جذباً !!
عجباً ! كيف استطاع هؤلاء جميعا كسب الناس ؟!
إنها طرق ذكية يستطيع بها الشخص أن يصيد بها القلوب ..

قرار ..
قدرتنا على أسر قلوب الآخرين .. وكسب محبتهم الصادقة .. تمنحنا جانباً كبيراً من المتعة بالحياة ..

16. أحسن النية.. لوجه الله ..
جعلت أتأمل أساليب تعامل بعض الأشخاص .. وعشت معهم سنين .. لا أذكر أني رأيت منهم ابتسامة .. بل ولا حتى مجاملة بضحك على طرفة .. أو تفاعل مع متحدث .. كنت أظن أنهم نشئوا هكذا ولا يستطيعون غيره ..
ثم تفاجأت برؤيتهم في مواطن معينة .. ومع بعض الناس – من الأغنياء وأصحاب النفوذ تحديداً – يحسنون الضحك والتلطف ..
فأدركت أنهم ما يفعلون ذلك إلا لمصلحة .. فيفوتهم بذلك أجر عظيم ..
إذن المؤمن يتعبد لله تعالى بأخلاقه ومهارات تعامله .. مع جميع الناس .. لا لأجل منصب أو مال .. ولا لأجل أن يمدحه الناس .. ولا لأجل أن يزوج أو يسلف مالاً .. وإنما ليحبه الله ويحببه إلى خلقه ..
نعم .. من اعتبر حسن الخلق عبادة .. صار يتعامل بأحسن المهارات مع الغني والفقير .. والمدير والفراش ..
لو مررت يوماً بعامل مسكين يكنس الشارع .. ومد يده إليك ؟ ودخلت يوماً آخر على مسئول كبير فمد يده .. هل هما متساويان ؟ في احتفائك بهما .. وتبسمك وبشاشتك ؟
لا أدري !!
أما رسول الله e فكانا عنده متساويين في الاحتفاء والنصح والشفقة ..
وما يدريك لعل من تزدريه وتتكبر عليه يكون عند الله خيراً من ملء الأرض من مثل الذي تكرمه وتقبل عليه ..
قال  ( إن من أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً ) ( ) ..
وقال للأشج بن عبد قيس : ( إن فيك لخصلتين يحبهما الله ورسوله ) ..
فما هما الخصلتان : قيام الليل ! صيام النهار ؟ ..
استبشر الأشج t .. وقال : ما هما يا رسول الله ؟ فقال عليه الصلاة والسلام ( الحلم .. والأناة ) .. ( )
وسئل r عن البر ؟.. فقال : ( البر حسن الخلق ) .. ( )
وسئل عن أكثر ما يدخل الناس الجنة فقال : ( تقوى الله وحسن الخلق ) ..( )
وقال r : ( أكمل المؤمنين إيماناً أحاسنهم أخلاقاً الموطؤون أكنافاً الذين يألفون ويؤلفون ولا خير فيمن لا يألف ولا يؤلف ) .. ( )
وقال  : ( ما شيء أثقل في الميزان من حسن الخلق ) ..( )
وقال r : ( إن الرجل ليبلغ بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار ) ..( )
ومن حسن خلقه ربح في الدارين .. وإن شئت فانظر إلى أم سلمة t ..
وقد جلست مع رسول الله r .. فتذكرت الآخرة وما أعد الله فيها ..
فقالت : يا رسول الله .. المرأة يكون لها زوجان في الدنيا .. فإذا ماتت .. وماتا ..
فإذا ماتت وماتا ودخلوا جميعاً إلى الجنة .. فلمن تكون ؟
فماذا قال ؟ تكون لأطولهما قياماً ؟ أم لأكثرهما صياماً ؟ أم لأوسعهما علماً ؟ كلا ..
وإنما قال : تكون لأحسنهما خلقاً ..
فعجبت أم سلمة .. فلما رأى دهشتها قال عليه الصلاة والسلام :
ياااا أم سلمة .. ذهب حسن الخلق بخيري الدنيا والآخرة ..
نعم ذهب بخيري الدنيا والآخرة ..
أما خير الدنيا فهو ما يكون له من محبة في قلوب الخلق .. وأما خير الآخرة فهو ما يكون له من الأجر العظيم ..
ومهما أكثر الإنسان من الأعمال الصالحات .. فإنها قد تفسد عليه إذا كان سيء الخلق ..
ذُكر للنبي r حالُ امرأة ..
وذكر له أنها تصلي وتصوم وتتصدق وتفعل .. لكنها تؤذي جيرانها بلسانها ..( يعني سيئة الخلق ) ..
فقال r : ( هي في النار ) ..
وقد كان النبي r الأسوة الحسنة ..
في كل خلق حميد .. كان أكرمَ الناس .. وأشجعَهم .. وأحلمَهم ..
كان أشدَّ حياءً من العذراء في خدرها ..
كان أميناً صادقاً .. يشهد له الكفار بذلك قبل المؤمنين .. والفساقُ قبل الصالحين ..
حتى قالت خديجة t أول ما نزل عليه الوحي .. لما رأت تغير حاله .. قالت :
والله لا يخزيك الله أبداً .. ( لمـــاذا ؟؟ ) ..
إنك لتصل الرحم ..
وتحمل الكل ..
وتكسب المعدوم ..
وتقري الضيف ..
وتعين على نوائب الحق ..
وتصدق الحديث ..
وتؤدي الأمانة ..
بل أثنى الله عليه ثناء نتلوه إلى يوم القيامة .. فقال : ( وإنك لعلى خلق عظيم ) ..
وكان r خلقَه القرآن ..
نعم خلقه القرآن .. فإذا قرأ ( وأحسنوا إن الله يحب المحسنين ) .. أحسن .. نعم أحسن إلى الكبير والصغير .. والغني والفقير .. إلى شرفاء الناس ووضعائهم .. وكبارهم وصغارهم ..
وإذا سمع قول الله : ( فَاعْفُوا وَاصْفَحُوا ) .. عفا وصفح ..
وإذا تلا : ( وقولوا للناس حسناً ) .. تكلم بأحسن الكلام ..
فمادام أنه r قدوتنا .. ومنهجه منهجُنا ..
تأمل حياته r .. كيف كان يتعامل مع الناس .. كيف كان يعالج أخطاءهم .. ويتحمل أذاهم ..
كيف كان يتعب لراحتهم .. وينصب لدعوتهم ..
فيوماً تراه يسعى في حاجة مسكين .. ويوماً يفصل خصومة بين المؤمنين ..
ويوماً يدعو الكافرين ..
حتى كبرت سنه .. ورق عظمه .. ووصفت عائشة حاله فقالت :
كان أكثرُ صلاة النبي r بعدما كبر جالساً ( لمـــاذا ؟؟ ) ..
بعدما حطمه الناس .. نعم .. حطمه الناس ..
وإذا كانت النفوس كباراً * تعبت في مرادها الأجسام
بل بلغ من حرصه r على الخلق الحسن .. أنه كان يدعو الله فيقول – ( اللهم كما أحسنت خَلْقي فأحسن خُلقي ) ( ) ..
وكان يقول : ( اللهم أهدني لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت، وأصرف عني سيئها لا يصرف عني سيئها إلا أنت ) ( )
فنحن نحتاج إلى أن نقتدي به r في أخلاقه ..
مع المسلمين لكسبهم ودعوتهم ..
بل ومع الكافرين ليعرفوا حقيقة الإسلام ..

إشارة ..
أحسن النية .. لتكون مهارات تعاملك مع الآخرين عبادة تتقرب بها إلى الله ..

17. استعمل الطُّعم المناسب !!
الناس بطبيعتهم يتفقون في أشياء كلهم يحبونها ويفرحون بها ..
ويتفقون في أشياء أخرى كلهم يكرهونها ..
ويختلفون في أشياء منهم من يفرح بها .. ومنهم من يستثقلها ..
فكل الناس يحبون التبسم في وجوههم .. ويكرهون العبوس والكآبة ..
لكنهم إلى جانب ذلك .. منهم من يحب المرح والمزاح .. ومنهم من يستثقله ..
منهم من يحب أن يزوره الناس ويدعونه .. ومنهم الانطوائي ..
ومنهم من يحب الأحاديث وكثرة الكلام .. ومنهم من يبغض ذلك ..
وكل واحد في الغالب يرتاح لمن وافق طباعه .. فلماذا لا توافق طباع الجميع عند مجالستهم .. وتعامل كل واحد بما يصلح له ليرتاح إليك ؟
ذكروا أن رجلاً رأى صقراً يطير بجانب غراب !! فعجب .. كيف يطير ملك الطيور مع غراب !! فجزم أن بينهما شيئاً مشتركاً جعلهما يتوافقان ..
فجعل يتبعهما ببصره .. حتى تعبا من الطيران فحطا على الأرض فإذا كلهما أعرج !!
فإذا علم الولد أن أباه يؤثر السكوت ولا يحب كثرة الكلام .. فليتعامل معه بمثل ذلك ليحبه ويأنس بقربه ..
وإذا علمت الزوجة أن زوجها يحب المزاح .. فلتمازحه .. فإن علمت أنه ضد ذلك فلتتجنب ..
وقل مثل ذلك عند تعامل الشخص مع زملائه .. أو جيرانه .. أو إخوانه ..
لا تحسب الناس طبعاً واحداً فلهم
طبائع لست تحصيهن ألوان
أذكر أن عجوزاً صالحة – وهي أم لأحد الأصدقاء – كانت تمدح أحد أولادها كثيراً .. وترتاح إذا زارها أو تحدث معها .. مع أن بقية أولادها يبرون بها ويحسنون إليها .. لكن قلبها مقبل على ذاك الولد ..
كنت أبحث عن السرّ .. حتى جلست معه مرة فسألته عن ذلك .. فقال لي : المشكلة أن إخواني لا يعرفون طبيعة أمي .. فإذا جلسوا معها صاروا عليها ثقلاء ..
فقلت له مداعباً : وهل اكتشف معاليكم طبيعتها ..!!
ضحك صاحبي وقال : نعم .. سأخبرك بالسرّ ..
أمي كبقية العجائز .. تحب الحديث حول النساء وأخبار من تزوجت وطلقت .. وكم عدد أبناء فلانة .. وأيهم أكبر .. ومتى تزوج فلان فلانة ؟ وما اسم أول أولادهما ..
إلى غير ذلك من الأحاديث التي أعتبرها أنا غير مفيدة .. لكنها تجد سعادتها في تكرارها .. وتشعر بقيمة المعلومات التي تذكرها .. لأننا لن نقرأها في كتاب ولن نسمعها في شريط .. ولا تجدها – قطعاً – في شبكة الإنترنت !!
فتشعر أمي وأنا أسألها عنها أنها تأتي بما لم يأت به الأولون .. فتفرح وتنبسط .. فإذا جالستها حركت فيها هذه المواضيع فابتهجت .. ومضى الوقت وهي تتحدث ..
وإخواني لا يتحملون سماع هذه الأخبار .. فيشغلونها بأخبار لا تهمها .. وبالتالي تستثقل مجلسهم .. وتفرح بي !!
هذا كل ما هنالك ..
نعم أنت إذا عرفت طبيعة من أمامك .. وماذا يحب وماذا يكره .. استطعت أن تأسر قلبه ..
ومن تأمل في تعامل النبي e .. مع الناس وجد أنه كان يعامل مع كل شخص بما يتناسب مع طبيعته ..
في تعامله مع زوجاته كان يعامل كل واحدة بالأسلوب الذي يصلح لها ..
عائشة كانت شخصيتها انفتاحية .. فكان يمزح معها .. ويلاطفها ..
ذهبت معه مرة في سفر .. فلما قفلوا راجعين واقتربوا من المدينة .. قال  للناس :
تقدموا عنا ..
فتقدم الناس عنه .. حتى بقي مع عائشة ..
وكانت جارية حديثة السن .. نشيطة البدن ..
فالتفت إليها ثم قال : تعاليْ حتى أسابقك .. فسابقته .. وركضت وركضت .. حتى سبقته ..
وبعدها بزمان .. خرجت معه r في سفر ..
بعدما كبرت وسمنت .. وحملت اللحم وبدنت ..
فقال r للناس : تقدموا .. فتقدموا ..
ثم قال لعائشة : تعاليْ حتى أسابقك .. فسابقته .. فسبقها ..
فلما رأى ذلك ..
جعل يضحك ويضرب بين كتفيها .. ويقول : هذه بتلك .. هذه بتلك ..
بينما كان يتعامل مع خديجة تعاملاً آخر .. فقد كانت تكبره في السن بخمس عشرة سنة ..
حتى مع أصحابه .. كان يراعي ذلك .. فلم يلبس أبا هريرة عباءة خالد .. ولم يعامل أبا بكر كما يعامل طلحة ..
وكان يتعامل مع عمر تعاملاً خاصاً .. ويسند إليه أشياء لا يسندها إلى غيره ..
انظر إليه e وقد خرج مع أصحابه إلى بدر ..
فلما سمع بخروج قريش .. عرف أن رجالاً من قريش سيحضرون إلى ساحة المعركة كرهاً .. ولن يقع منهم قتال على المسلمين ..
فقام e في أصحابه وقال : إني قد عرفت رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً .. لا حاجة لهم بقتالنا ..
فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ..
ومن لقي أبا البختري بن هشام فلا يقتله ..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب عم رسول الله e فلا يقتله .. فإنه إنما خرج مستكرهاً ..
وقيل إن العباس كان مسلماً يكتم إسلامه .. وينقل أخبار قريش إلى رسول الله e .. فلم يحب النبي e أن يقتله المسلمون .. ولم يحب كذلك أن يظهر أمر إسلامه ..
كانت هذه المعركة أول معركة تقوم بين الفريقين .. المسلمين وكفار قريش ..
وكانت نفوس المسلمين مشدودة .. فهم لم يستعدوا لقتال .. وسيقاتلون أقرباء وأبناء وآباء ..
وهذا رسول الله e يمنعهم من قتل البعض ..
وكان عتبة بن ربيعة من كبار كفار قريش .. ومن قادة الحرب ..
وكان ابنه أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة .. مع المسلمين .. فلم يصبر أبو حذيفة .. بل قال :
أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس !! والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف ..
فبلغت كلمته رسول الله e .. فالتفت النبي عليه الصلاة والسلام .. فإذا حوله أكثر من ثلاثمائة بطل ..
فوجه نظره فوراً إلى عمر .. ولم يلتفت إلى غيره .. وقال :
يا أبا حفص .. أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟!
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله e بأبي حفص ..
وكان عمر رهن إشارة النبي e .. ويعلم أنهم في ساحة قتال لا مجال فيها للتساهل في التعامل مع من يخالف أمر القائد .. أو يعترض أمام الجيش ..
فاختار عمر حلاً صارماً فقال : يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف ..
فمنعه النبي e .. ورأى أن هذا التهديد كاف في تهدئة الوضع ..
كان أبو حذيفة t رجلاً صالحاً .. فكان بعدها يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ .. ولا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة .. فقتل يوم اليمامة شهيداً t ..
هذا عمر .. كان e يعلم بنوع الأعمال التي يسندها إليه .. فليس الأمر متعلقاً بجمع صدقات .. ولا بإصلاح متخاصمين .. ولا بتعليم جاهل .. وإنما هم في ساحة قتال فكانت الحاجة إلى الرجل الحازم المهيب أكثر منها إلى غيره .. لذا اختار عمر .. واستثاره : أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ؟!
وفي موقف آخر ..
يقبل النبي e على خيبر .. ويقاتل أهلها قتالاً يسيراً ..
ثم يصالحهم ويدخلها .. واشترط عليهم أن لا يكتموا شيئاً من الأموال .. ولا يغيبوا شيئاً .. ولا يخبئوا ذهباً ولا فضة .. بل يظهرون ذلك كله ويحكم فيه ..
وتوعدهم إن كتموا شيئاً أن لا ذمة لهم ولا عهد ..
وكان حيي بن أخطب من رؤوسهم .. وكان جاء من المدينة بجلد تيس مدبوغ ومخيط ووملوء ذهباً وحلياً .. وقد مات حيي وترك المال .. فخبئوه عن رسول الله e ..
فقال e لعم حيي بن أخطب : ما فعل مسك حيي الذي جاء به من النضير ؟ أي الجلد المملوء ذهباً ..
فقال : أذهبته النفقات والحروب ..
فتفكر e في الجواب .. فإذا موت حيي قريب والمال كثير .. ولم تقع حروب قريبة تضطرهم إلى إنفاقه ..
فقال e : العهد قريب .. والمال أكثر من ذلك ..
فقال اليهودي : المال والحلي قد ذهب كله ..
فعلم النبي e أنه يكذب .. فنظر e إلى أصحابه فإذا هم كثير بين يديه .. وكلهم رهن إشارته ..
فالتفت إلى الزبير بن العوام وقال : يا زبير .. مُسَّه بعذاب ..
فأقبل إليه الزبير متوقداً ..
فانتفض اليهودي .. وعلم أن الأمر جد .. فقال : قد رأيت حُيياً يطوف في خربة ها هنا .. وأشار إلى بيت قديم خراب .. فذهبوا فطافوا فوجدوا المال مخبئاً في الخربة ..
هذا في حاله e مع الزبير .. يعطي القوس باريها ..
وكان الصحابة يتعامل بعضهم مع بعض على هذا الأساس ..
لما مرض رسول الله e مرض الموت .. واشتد عليه الوجع .. لم يستطع القيام ليصلي بالناس ..
فقال وهو على فراشه : مروا أبا بكر فليصل بالناس ..
وكان أبو بكر رجلاً رقيقاً .. وهو صاحب رسول الله e في حياته وبعد مماته .. وهو صديقه في الجاهلية والإسلام .. وهو أبو زوجة النبي e عائشة .. وهو .. وكان يحمل في صدره جبلاً من حزن بسبب مرض النبي e ..
فلما أمر النبي e أن يبلغوا أبا بكر ليصلي بالناس ..
قال بعض الحاضرين عند النبي e : إن أبا بكر رجل أسيف .. أي رقيق .. إذا قام مقامك لم يستطع أن يصلي بالناس .. أي من شدة التأثر والبكاء ..
وكان النبي e يعلم ذلك عن أبي بكر .. أنه رجل رقيق يغلبه البكاء .. خاصة في هذا الموطن ..
لكنه e كان يشير إلى أحقية أبي بكر بالخلافة من بعده .. يعني : إذا أنا غير موجود فأبو بكر يتولى المسئولية ..
فأعاد e الأمر : مروا أبا بكر فليصل بالناس .. حتى صلى أبو بكر ..
ومع رقة أبي بكر .. إلا أنه كان ذا هيبة .. وله حدة غضب أحياناً تكسوه جلالاً ..
وكان رفيق دربه عمر t يراعي ذلك منه ..
انظر إليهم جميعاً y .. وقد اجتمعوا في سقيفة بني ساعدة .. بعد وفاة النبي e .. ليتفقوا على خليفة ..
اجتمع المهاجرون والأنصار .. وانطلق عمر إلى أبي بكر واصطحبا إلى السقيفة ..
قال عمر : فأتيناهم في سقيفة بني ساعدة .. فلما جلسنا تشهد خطيب الأنصار .. وأثنى على الله بما هو له أهل ثم قال :
أما بعد فنحن أنصار الله .. وكتيبة الإسلام .. وأنتم يا معشر المهاجرين رهط منا .. وقد دفت دافة من قومكم وإذا هم يريدون أن يحتازونا من أصلنا .. ويغصبونا الأمر ..
فلما سكت أردت أن أتكلم ، وقد زورت في نفسي مقالة قد أعجبتني ، أريد أن أقدمها بين يدي أبي بكر .. وكنت أداري منه بعض الحِدّة ..
فقال أبو بكر : على رسلك يا عمر ..
فكرهت أن أغضبه ..
فتكلم وهو كان أعلم مني وأوقر .. فوالله ما ترك من كلمة أعجبتني من تزويري إلا قالها في بديهته .. أو قال مثلها .. أو أفضل منها حتى سَكَتَ ..
قال أبو بكر : أما ما ذكرتم فيكم من خير فأنتم له أهل .. ولن تعرف العرب هذا الأمر إلا لهذا الحي من قريش .. هم أوسط العرب نسباً وداراً .. وقد رضيت لكم أحد هذين الرجلين فبايعوا أيهما شئتم ..
وأخذ بيدي وبيد أبي عبيدة بن الجراح وهو جالس بيننا ..
ولم أكره شيئا مما قاله غيرها .. كان والله أن أقدم فتضرب عنقي لا يقرّبني ذلك إلى إثم .. أحب إلي من أن أتأمر على قوم فيهم أبو بكر ..
سكت الناس ..
فقال قائل من الأنصار : أنا جذيلها المحكك .. وعذيقها المرجب .. منا أمير ومنكم أمير يا معشر قريش ..
قال عمر : فكثر اللغط وارتفعت الأصوات حتى تخوفت الاختلاف ..
فقلت : ابسط يدك يا أبا بكر فبسط يده فبايعته ، ثم بايعه المهاجرون ، ثم بايعه الأنصار ..
نعم .. كل واحد من الناس له مفتاح تستطيع به فتح أبواب قلبه .. وكسب محبته والتأثير عليه ..
وهذا تلاحظه في حياة الناس .. أفلم تسمع زملاء عملك يوماً يقولون : المدير .. مفتاحه فلان .. إذا أردتم شيئاً فاجعلوا فلاناً يطلبه لكم .. أو يقنع المدير به ..
فلماذا لا تجعل مهاراتك مفاتيح لقلوب الناس .. فتكون رأساً لا ذيلاً ..
نعم كن متميزاً .. وابحث عن مفتاح قلب أمك وأبيك وزوجتك وولدك ..
اعرف مفتاح قلب مديرك في العمل .. زملائك ..
ومعرفة هذه المفاتيح تفيدنا حتى في جعلهم يتقبلون النصح الذي يصدر منا لهم .. إذا أحسنا تقديم هذا النصح بأسلوب مناسب ..
فهم ليسوا سواء في طريقة النصح .. بل حتى في إنكار الخطأ إذا وقع منهم ..
وانظر إلى رسول الله e وقد جلس يوماً في مجلسه المبارك يحدث أصحابه ..
فبينما هم على ذلك .. فإذا برجل يدخل إلى المسجد .. يتلفت يميناً ويساراً .. فبدل أن يأتي ويجلس في حلقة النبي e .. توجه إلى زاوية من زوايا المسجد .. ثم جعل يحرك إزاره !!
عجباً !! ماذا سيفعل ؟!
رفع طرف إزاره من الأمام ثم جلس بكل هدوء .. يبول ..!!
عجب الصحابة .. وثاروا .. يبول في المسجد !!
وجعلوا يتقافزون ليتوجهوا إليه .. والنبي e يهدئهم .. ويسكن غضبهم .. ويردد : لا تزرموه .. لا تعجلوا عليه .. لا تقطعوا عليه بوله ..
والصحابة يلتفتون إليه .. وهو لعله لم يدر عنهم .. لا يزال يبول ..
والنبي e يرى هذا المنظر .. بول في المسجد .. ويهدئ أصحابه !!
آآآه مااااا أحلمه !!
حتى إذا انتهى الأعرابي من بوله .. وقام يشد على وسطه إزاره .. دعاه النبي e بكل رفق ..
أقبل يمشي حتى إذا وقف بين يديه .. قال له e بكل رفق :
إن هذه المساجد لم تبن لهذا .. إنما بنيت للصلاة وقراءة القرآن ..
انتهى .. نصيحة باختصار ..
فَهِم الرجل ذلك ومضى ..
فلما جاء وقت الصلاة أقبل ذاك الأعرابي وصلى معهم ..
كبر النبي e بأصحابه مصلياً .. فقرأ ثم ركع .. فلما رفع e من ركوعه قال : سمع الله لمن حمده ..
فقال المأمومون : ربنا ولك الحمد .. إلا هذا الرجل قالها وزاد بعدها : اللهم ارحمني ومحمداً ولا ترحم معنا أحداً !!
وسمعه النبي e .. فلما انتهت الصلاة .. التفت e إليهم وسألهم عن القائل .. فأشاروا إليه ..
فناداه النبي e فلما وقف بين يديه فإذا هو الأعرابي نفسه .. وقد تمكن حب النبي e من قلبه حتى ود لو أن الرحمة تصيبهما دون غيرهما ..
فقال له e معلماً : لقد تحجرت واسعاً !! أي إن رحمة الله تعالى تسعنا جميعاً وتسع الناس .. فلا تضيقها علي وعليك ..
فانظر كيف ملك عليه قلبه .. لأنه عرف كيف يتصرف معه .. فهو أعرابي أقبل من باديته .. لم يبلغ من العلم رتبة أبي بكر وعمر .. ولا معاذ وعمار .. فلا يؤاخذ كغيره ..
وإن شئت فانظر أيضاً إلى معاوية بن الحكم t .. كان من عامة الصحابة .. لم يكن يسكن المدينة .. ولم يكن مجالساً للنبي عليه الصلاة والسلام ..
وإنما كان له غنم في الصحراء يتتبع بها الخضراء ..
أقبل معاوية يوماً إلى المدينة فدخل المسجد .. وجلس إلى رسول الله r وأصحابه .. فسمعه يتكلم عن العطاس .. وكان مما علم أصحابه أن إذا سمع المسلم أخاه عطس فحمد الله فإنه يقول له : يرحمك الله ..
حفظها معاوية .. وذهب بها ..
وبعد أيام جاء إلى المدينة في حاجة .. فدخل المسجد فإذا النبي عليه الصلاة والسلام يصلي بأصحابه .. فدخل معهم في الصلاة ..
فبينما هم على ذلك إذ عطس رجل من المصلين ..
فما كاد يحمد الله .. حتى تذكر معاوية أنه تعلم أن المسلم إذا عطس فقال الحمد لله .. فإن أخاه يقول له يرحمك الله ..
فبادر معاوية العاطس قائلاً بصوت عالٍ : يرحمك الله .
فاضطرب المصلون .. وجعلوا يلتفتون إليه منكرين .
فلما رأى دهشتهم .. اضطرب وقال : وااااثكل أُمِّياه !!.. ما شأنكم تنظرون إليّ ؟ ..
فجعلوا يضربون بأيديهم على أفخاذهم ليسكت ..
فلما رآهم يصمّتونه صمت ..
فلما انتهت الصلاة ..
التفت r إلى الناس .. وقد سمع جلبتهم وأصواتهم .. وسمع صوت من تكلم .. لكنه صوت جديد لم يعتد عليه .. فلم يعرفه .. فسألهم :
من المتكلم .. فأشاروا إلى معاوية ..
فدعاه النبي عليه الصلاة والسلام إليه ..
فأقبل عليه معاوية فزعاً لا يدري بماذا سيستقبله .. وهو الذي أشغلهم في صلاتهم .. وقطع عليهم خشوعهم ..
قال معاوية t : فبأبي هو وأمي r .. والله ما رأيـت معلماً قبله ولا بعده أحسن تعليماً منه .. والله ما كهرني .. ولا ضربني .. ولا شتمني ..
وإنما قال : يا معاوية .. إن هذه الصلاة لا يصلح فيها شيء من كلام الناس .. إنما هي التسبيح والتكبير .. وقراءة القرآن .. انتهى .. نصيحة باختصار ..
ففهمها معاوية ..
ثم ارتاحت نفسه .. واطمأن قلبه .. فجعل يسأل النبي عليه الصلاة والسلام عن خواصّ أموره ..
فقال : يا رسول الله .. إني حديث عهد بجاهلية .. وقد جاء الله بالإسلام .. وإن منا رجالاً يأتون الكهان ( وهم الذين يدعون علم الغيب ) .. يعني فسألونهم عن الغيب ..
فقال r : فلا تأتهم .. يعني لأنك مسلم .. والغيب لا يعلمه إلا الله ..
قال معاوية : ومنا رجال يتطيرون ( أي يتشاءمون بالنظر إلى الطير ) ..
فقال r : ذاك شيء يجدونه في صدورهم .. فلا يصدنهم ( أي لا يمنعهم ذلك عن وجهتهم .. فإن ذلك لا يؤثر نفعاً ولا ضراً ) ..
هذا تعامله  مع أعرابي بال في المسجد .. ورجل تكلم في الصلاة .. عاملهم مراعياً أحوالهم .. لأن الخطأ من مثلهم لا يستغرب ..
أما معاذ بن جبل فقد كان من أقرب الصحابة إلى رسول الله e .. ومن أكثرهم حرصاً على طلب العلم ..
فكان تعامل النبي  مع أخطائه مختلفاً عن تعامله مع أخطاء غيره ..
كان معاذ يصلي مع رسول الله e العشاء .. ثم يرجع فيصلي بقومه العشاء إماماً بهم في مسجدهم .. فتكون الصلاة له نافلة ولهم فريضة ..
رجع معاذ ذات ليلة لقومه ودخل مسجدهم فكبر مصلياً بهم ..
أقبل فتى من قومه ودخل معه في الصلاة .. فلما أتم معاذ الفاتحة قال " ولا الضالين " فقالوا " آمين " ..
ثم افتتح معاذ سورة البقرة !!
كان الناس في تلك الأيام يتعبون في العمل في مزارعهم ورعيهم دوابهم طوال النهار .. ثم لا يكادون يصلون العشاء حتى يأوون إلى فرشهم ..
هذا الشاب .. وقف في الصلاة .. ومعاذ يقرأ ويقرأ ..
فلما طالت الصلاة على الفتى .. أتم صلاته وحده .. وخرج من المسجد وانطلق إلى بيته ..
انتهى معاذ من الصلاة ..
فقال له بعض القوم : يا معاذ .. فلان دخل معنا في الصلاة .. ثم خرج منها لما أطلت ..
فغضب معاذ وقال : إن هذا به لنفاق .. لأخبرن رسول الله e بالذي صنع ..
فأبلغوا ذلك الشاب بكلام معاذ .. فقال الفتى : وأنا لأخبرن رسول الله e بالذي صنع ..
فغدوا على رسول الله e فأخبره معاذ بالذي صنع الفتى ..
فقال الفتى : يا رسول الله .. يطيل المكث عندك ثم يرجع فيطيل علينا الصلاة .. والله يا رسول الله إنا لنتأخر عن صلاة العشاء مما يطول بنا معاذ ..
فسأل الله النبي e معاذاً : ماذا تقرأ ؟!
فإذا بمعاذ يخبره أنه يقرأ بالبقرة .. و .. وجعل يعدد السور الطوال ..
فغضب النبي  لما علم أن الناس يتأخرون عن الصلاة بسبب الإطالة .. وكيف صارت الصلاة ثقيلة عليهم ..
فالتفت إلى معاذ وقال : أفتان أنت يا معاذ ..؟!
يعني تريد أن تفتن الناس وتبغضهم في دينهم ..
اقرأ بـ "السماء والطارق" ، "والسماء ذات البروج" ، "والشمس وضحاها" ، "والليل إذا يغشى" ..
ثم التفت e إلى الفتى وقال له متلطفاً : كيف تصنع أنت يا بن أخي إذا صليت ؟
قال : أقرأ بفاتحة الكتاب .. وأسأل الله الجنة .. وأعوذ به من النار ..
ثم تذكر الفتى أنه يرى النبي e يدعو ويكثر .. ويرى معاذاً كذلك ..
فقال في آخر كلامه : وإني لا أدري ما دندنتك ودندنة معاذ .. أي دعاؤكما الطويل لا أعرف مثله !!
فقال e : إني ومعاذ حول هاتين ندندن .. يعني دعاؤنا هو فيما تدعو به .. حول الجنة والنار ..
فقال الشاب : ولكن سيعلم معاذ إذا قدم القوم وقد خبروا أن العدو قد أتوا .. ما أصنع .. يعني في الجهاد في سبيل الله .. سيتبين لمعاذ إيماني وهو الذي يصفني بالنفاق !
فما لبثوا أياماً .. حتى قامت معركة فقاتل فيها الشاب .. فاستشهد t ..
فلما علم به e .. قال لمعاذ : ما فعل خصمي وخصمك ؟ يعني الذي اتهمته يا معاذ بالنفاق ..
قال معاذ : يا رسول الله ، صدق الله وكذبتُ .. لقد استشهد ..
فتأمل الفرق في طبائع الرجال .. ومقاماتهم .. وكيف أدى إلى اختلاف تعامل النبي  معهم ..
بل .. انظر إلى تعامله  مع أسامة بن زيد .. وهو حبيب رسول الله  .. وقد تربى في بيته ..
بعث النبي e أصحابه إلى الحرقات من قبيلة جهينة ..
وكان أسامة بن زيد t من ضمن المقاتلين بالجيش ..
ابتدأ القتال .. في الصباح ..
انتصر المسلمون وهرب مقاتلو العدو ..
كان من بين جيش العدو رجل يقاتل .. فلما رأى أصحابه منهزمين .. ألقى سلاحه وهرب ..فلحقه أسامة ومعه رجل من الأنصار .. ركض الرجل وركضوا خلفه .. وهو يشتد فزعاً ..
حتى عرضت لهم شجرة فاحتمى الرجل بها ..
فأحاط به أسامة والأنصاري .. ورفعا عليه السيف ..
فلما رأى الرجل السيفين يلتمعان فوق رأسه .. وأحسَّ الموت يهجم عليه .. انتفض وجعل يجمع ما تبقى من ريقه في فمه .. ويردد فزعاً : أشهد أن لا إله إلا الله .. وأشهد أن محمداً عبده ورسوله ..
تحير الأنصاري وأسامة .. هل أسلم الرجل فعلاً .. أم أنها حيلة افتعلها ..
كانوا في ساحة قتال .. والأمور مضطربة .. يتلفتون حولهم فلا يرون إلا أجساداً ممزقة..وأيدي مقطعة..قد اختلط بعضها ببعض ..الدماء تسيل..النفوس ترتجف ..
الرجل بين أيديهما ينظران إليه .. لا بد من الإسراع باتخاذ القرار .. ففي أي لحظة قد يأتي سهم طائش أو غير طائش .. فيرديهما قتيلين ..
لم يكن هناك مجال للتفكير الهادئ ..
فأما الأنصاري فكف سيفه ..
وأما أسامة فظن أنها حيلة .. فضربه بالسيف حتى قتله ..
عادوا إلى المدينة تداعب قلوبهم نشوة الانتصار ..
وقف أسامة بين يدي النبي e .. وحكى له قصة المعركة .. وأخبره بخبر الرجل وما كان منه ..
كان قصة المعركة تحكي انتصاراً للمسلمين .. وكان e يستمع مبتهجاً ..
لكن أسامة قال : .. ثم قتلته ..
فتغير النبي e .. وقال : قال لا إله إلا الله .. ثم قتلته ؟!!
قلت : يا رسول الله لم يقلها من قبل نفسه .. إنما قالها فرقا من السلاح ..
فقال e : قال لا إله إلا الله .. ثم قتلته !! هلا شققت عن قلبه حتى تعلم أنه إنما قالها فرقاً من السلاح ..
وجعل e يحد بصره إلى أسامة ويكرر : قال لا إله إلا الله ثم قتلته ..!! قال لا إله إلا الله ثم قتلته ..!! ثم قتلته ..!! كيف لك بلا إله إلا الله إذا جاءت تحاجك يوم القيامة !!
وما زال e يكرر ذلك على أسامة ..
قال أسامة : فما زال يكررها علي حتى وددت أني لم أكن أسلمت إلا يؤمئذ ..
رأي ..
لا تحسب الناس نوعاً واحداً فلهم
طبائع لست تحصيهن ألوان

18. اختر الكلام المناسب ..
يتبع ما سبق أيضاً طريقة الكلام مع الناس ونوعية الأحاديث التي تثار معهم ..
فإذا جلست مع أحد فأثر الأحاديث المناسبة له ..
وهذا من طبيعة البشر .. فالأحاديث التي تثيرها مع شاب تختلف عن الأحاديث مع الشيخ ..
ومع العالم تختلف عن الجاهل ..
ومع الزوجة تختلف عن الأخت ..
لا أعني الاختلاف التام .. بحيث إن القصة التي تحكيها للأخت لا يصح أن تحكيها للزوجة ! أو التي تذكرها للشاب لا يصح أن يسمعها الشيخ !! لا ..
وإنما أعني الاختلاف اليسير الذي يطرأ على أسلوب عرض القصة وربما كيانها كله ..
وبالمثال يتضح المقال ..
لو جلست مع ضيوف كبار في السن جاوزت أعمارهم الثمانين أقبلوا زائرين لجدك .. فهل من المناسب أن تقص عليهم وأنت ضاحك مستبشر قصتك لما ذهبت مع زملائك للبر ؟! وكيف أن فلاناً سجل هدفاً أثناء لعب الكرة .. وكيف ثبت الكرة برأسه ثم ضربها بركبته .. لا شك أنه غير مناسب ..
وكذلك لو تحدثت مع أطفال صغار .. من غير المناسب أن تذكر لهم قصصاً تتعلق بتعامل الأزواج مع زوجاتهم ..
أظننا نتفق على ذلك ..
إذن من أساليب جذب الناس اختيار الأحاديث التي يحبونها .. وإثارتها ..
كأب له ولد متفوق .. من المناسب أن تسأله عنه .. لأنه بلا شك يفخر به ويحب أن يذكره دائماً ..
أو رجل فتح دكاناً وكسب منه أرباحاً .. فمن المناسب أن تسأله عن دكانه وإقبال الناس عليه .. لأن هذا يفرحه .. وبالتالي يحبك ويحب مجالستك ..
وقد كان النبي r يراعي ذلك ..
فحديثه مع الشاب يختلف عن حديثه مع الشيخ .. أو المرأة .. أو الطفل ..
جابر بن عبد الله t الصحابي الجليل .. قتل أبوه في معركة أحد .. وخلف عنده تسع أخوات ليس لهن عائل غيره .. وخلف ديناً كثيراً .. على ظهر هذا الشاب الذي لا يزال في أول شبابه ..
فكان جابر دائماً ساهم الفكر .. منشغل البال بأمر دَينه وأخواته .. والغرماء يطالبونه صباحاً ومساءً ..
خرج جابر مع النبي r في غزوة ذات الرقاع .. وكان لشدة فقره على جمل كليل ضعيف ما يكاد يسير .. ولم يجد جابر ما يشتري به جملاً .. فسبقه الناس وصار هو في آخر القافلة ..
وكان النبي r يسير في آخر الجيش .. فأدرك جابراً وجمله يدبُّ به دبيباً .. والناس قد سبقوه ..
فقال النبي r : مالك يا جابر ؟
قال : يا رسول الله أبطأ بي جملي هذا ..
فقال النبي r : أنخه ..
فأناخه جابر وأناخ النبي r ناقته ..
ثم قال : أعطني العصا من يدك أو اقطع لي عصا من شجرة ..فناوله جابر العصا ..
برَكَ الجمل على الأرض كليلاً ضعيفاً ..
فأقبل e إلى الجمل وضربه بالعصا شيئاً يسيراً ..
فنهض الجمل يجري قد امتلأ نشاطاً .. فتعلق به جابر وركب على ظهره ..
مشى جابر بجانب النبي e .. فرحاً مستبشراً .. وقد صار جمله نشيطاً سابقاً ..
التفت e إلى جابر .. وأراد أن يتحدث معه ..
فما هي الأحاديث التي اختارها النبي e ليثيرها مع جابر ..
جابر كان شاباً في أول شبابه ..
هموم الشباب في الغالب تدور حول الزواج .. وطلب الرزق ..
قال e : يا جابر .. هل تزوجت ..؟
قال جابر : نعم ..
قال : بكراً .. أم ثيباً ..
قال : بل ثيباً ..
فعجب النبي e كيف أن شاباً بكراً في أول زواج له .. يتزوج ثيباً ..
فقال ملاطفاً لجابر : هلا بكراً تلاعبها وتلاعبك ..
فقال جابر : يا رسول الله .. إن أبي قتل في أحد .. وترك تسع أخوات ليس لهن راعٍ غيري

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:39 PM   #17

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:45 PM   #18

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:46 PM   #19

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

86. فن الحوار ..
ألا تذكر يوماً من الدهر أنك جلست في مكان فاحتد الحوار بينك وبين شخص ما .. فبقي في نفسك عليه بغض أو غضب أياماً ..
أو لعلك تذكر جدالاً حصل بين اثنين – وقد يكون في قضية تافهة – وأنت تنظر إليهما وقد ارتفعت الأصوات واحمرت العيون .. ثم تفرقا .. واسثقل كل منهما صاحبه بعدها ..
إذن نحن نتعب في جذب بعض الناس إلينا بممارسة مهارات متنوعة .. ثم نفرقهم عنا بموقف لا نحسن التصرف فيه ..
ومن ذلك عدم إتقان فن الحوار ..
المحاور كالذي يصعد جبلاً وعراً .. ينبغي أن يعتني بموضع يده وموضع رجله .. فتجد صاعد الجبل ينظر إلى الصخرة التي يريد أن يتعلق بها .. ويفحصها بنظره ويتأمل في قوة ثباتها قبل أن يضع عليها قبضته .. وكذلك في الصخرة التي يثبت عليها قدمه .. ثم إذا أراد أن يرفع قدمه عن صخرة نظر إلى الصخرة قبل أن يغادرها خشية أن لا يحسن رفع رجله من عليها فتهوي به ..
لن أطيل عليك الكلام .. فخيره ما قل ودل ..
الدخول في حوار أو جدال أمر غير محمود .. ولعلك توافقني أن أكثر من 90% من الحوارات والمجادلات غير مفيدة ..
فحاول تجنب الجدال قدر المستطاع .. ولا تغضب إذا اعترض عليك أحد أو جادلك .. خذ الأمر بأريحية قدر المستطاع ولا تعذب نفسك بالتفكير في نية المعترض .. وماذا يقصد .. ولماذا أحرجني أمامهم .. لا تقتل نفسك بالهم .. وتعامل مع الموقف بهدووووء .. فالرياح لا تهز إلا الصخور الصغيرة .. فكن جبلاً ..
لما قدم النبي r إلى مكة فاتحاً .. بعدما نقضت قريش العهد ..
كان r .. قد دعا الله أن يعمي عنه قريش .. ليبغتهم .. قبل أن يستعدوا للقتال ..
فلما أقبل النبي عليه الصلاة والسلام .. إلى مكة نزل قريباً منها ..
ولم تعلم قريش بشيء ..
ولكنهم كانوا يتوجسون ويترقبون ..
فخرج في تلك الليلة التي نزل فيها النبي عليه الصلاة والسلام .. أبو سفيان في نفر معه يتجسسون الأخبار .. وينظرون هل يجدون خبراً .. أو يسمعون به ..
وجعل النبي عليه الصلاة والسلام .. يترقب الصبح ليغير على قريش ..
فلما رأى العباس t .. ذلك ..
قال : واصباح قريش ! والله لئن دخل رسول الله r مكة عنوة أي بالقوة .. قبل أن يأتوه فيستأمنوه .. إنه لهلاك قريش إلى آخر الدهر ..
فقام العباس .. فاستأذن النبي عليه الصلاة والسلام ..
فأذن له .. فركب على بغلة رسول الله r البيضاء ..
ومضى يمشي بها ..
وأبو سفيان في أصحابه .. يقترب وينظر إلى نيران المسلمين .. ويقول :
ما رأيت كالليلة نيراناً قط ولا عسكراً .. ما أعظم هذا .. من ترى هؤلاء ..؟
فقال صاحبه : هذه والله خزاعة حمشتها الحرب ..
قال : خزاعة أذل وأقل من أن تكون هذه نيرانها وعسكرها ..
فبينما العباس يسير على البغلة ..
إذا بأبي سفيان وأصحابه .. قد قبضت عليهم خيل المؤمنين ..
فأقبل أبو سفيان فزعاً .. فركب خلف العباس ..
وجعل أصحابه يتبعونه فزعين .. والمؤمنون خلفهم ..
فجعل العباس يسرع بأبي سفيان .. إلى رسول الله r ..
وكلما مر بنار من نيران المسلمين .. قالوا : من هذا ؟
فإذا رأوا بغلة رسول الله r .. ورأوا العباس عليها ..
قالوا : عم رسول الله r .. على بغلة رسول الله r ..
والعباس يسرع بها .. يخاف أن يفطنوا لأبي سفيان .. فيقتله أحد قبل أن يؤمنه النبي عليه الصلاة والسلام ..
حتى مر بنار عمر بن الخطاب t فقال : من هذا ؟
وقام إليهم .. فلما رأى أبا سفيان على عجز الدابة ..
صاح بالناس قال : أبو سفيان عدو الله ! .. الحمد لله الذي أمكن منك بغير عقد ولا عهد ..
فمنعه العباس ..
ثم ذهب عمر يشتد .. نحو رسول الله r .. والعباس يسرع بالدابة .. حتى سبقه .. فلما وصل إلى موضع النبي r .. اقتحم العباس عن البغلة سريعاً ..
فدخل على رسول الله r ..
فدخل عليه عمر ..
وجعل يقول : يا رسول الله .. هذا أبو سفيان .. قد أمكن الله منه بغير عقد ولا عهد .. فدعني فلأضرب عنقه ؟ ..
فقال العباس : يا رسول الله .. إني قد أجرته ..
ثم جلس إلى رسول الله r .. فأخذ برأسه .. وجعل يناجيه في أذنه ..
وعمر يردد يا رسول الله .. اضرب عنقه ..
فلما أكثر عمر في شأنه ..
التفت إليه العباس وقال :
مهلاً يا عمر ! فوالله أن لو كان من رجال بني عدي بن كعب .. ما قلت هذا .. أي لو كان من قرابتك .. ما قلت هذا .. ولكنك قد عرفت أنه من رجال بني عبد مناف ..
فشعر عمر أنه سيدخل في جدال لا يتناسب مع الحال الذي هم فيه .. ثم ما الفائدة المرجوة من النقاش في مسألة لو كان من بني كعب رغب في إسلامه أما من غيرهم فلا يهمه !!
قال عمر بكل هدووووء : مهلاً يا عباس .. مهلاً ..
فوالله لإسلامك يوم أسلمت .. كان أحب إلي من إسلام أبي الخطاب لو أسلم !
لأني قد عرفت أن إسلامك .. كان أحب إلى رسول الله r من إسلام الخطاب ..
فلما سمع العباس t ذلك سكت ..
انتهى الحوار .. مع أنه كان في إمكان عمر أن يطيله ويزيده .. فيقول : ماذا تقصد ؟!! هل تتهم نيتي ؟! هل تعلم ما في قلبي ؟! لماذا تثير النعرة القبلية ؟!
كلا لم يقل ذلك .. فهم جميعاً كانوا أرفع من أن ينزغ الشيطان بينهم ..
سكت عمر والعباس .. وأبو سفيان واقف ينتظر أن يأمر النبي e فيه بشيء ..
فقال r : اذهب به يا عباس إلى رحلك فإذا أصبحت فأتني به ..
فذهب به العباس .. إلى خيمته ..
فبات عنده .. فلما أصبح أبو سفيان صبيحة تلك الليلة ..
ورأى الناس يجنحون للصلاة .. وينتشرون في استعمال الطهارة .. خاف .. وقال للعباس : ما بالهم ؟
قال : إنهم قد سمعوا النداء فهم ينتشرون للصلاة ..
فلما حضرت الصلاة .. ورآهم يركعون بركوعه .. ويسجدون بسجوده ..
أقبل عليه العباس بعدما صلى .. ليمضي به إلى رسول الله r ..
فقال : يا عباس ما يأمرهم بشيء إلا فعلوه ؟
قال : نعم .. والله لو أمرهم بترك الطعام والشراب لأطاعوه ..
فقال أبو سفيان : يا عباس .. ما رأيت كالليلة .. ولا ملك كسرى وقيصر !
فلما انقضت الصلاة .. غدا به إلى رسول الله r ..
فلما رآه r قال :
" ويحك يا أبا سفيان .. ألم يأن لك أن تعلم أنه لا إله إلا الله ؟
فقال : بأبي أنت وأمي ! ما أحلمك وأكرمك وأوصلك !
والله لقد ظننت أن لو كان لي مع الله إلهٌ غيره لأغنى عني شيئاً!
فقال r : ويحك يا أبا سفيان ألم يأن لك أن تعلم أني رسول الله ؟
فقال أبو سفيان : بأبي أنت وأمي ما أحلمك وأكرمك وأوصلك !
أما هذه والله فإن في النفس منها حتى الآن شيئاً !
فقال له العباس : ويحك أسلم واشهد أن لا إله إلا الله .. وأن محمد رسول الله قبل أن تضرب عنقك ؟
فسكت قليلاً ثم قال : أشهد ..
فسر النبي عليه الصلاة والسلام .. سروراً عظيماً ..
فقال العباس : يا رسول الله .. إن أبا سفيان رجل يحب الفخر فاجعل له شيئاً ..
فقال r : " نعم .. من دخل دار أبي سفيان فهو آمن " ..
فقال أبو سفيان :
فأنشد أبو سفيان t بين يدي رسول الله r .. أبياتاً .. يعتذر إليه مما كان مضى منه ..
لعمرك إني يوم أحمل راية
لتغلب خيل اللات خيل محمد
لكالمدلج الحيران أظلم ليله
فهذا أواني حين أهدي و أهتدي
هداني هاد غير نفسي و نالني
مع الله من طردت كل مطرد
أصد و أنأى جاهداً عن محمد
وأدعى و إن لم أنتسب من محمد
فقيل إنه حين قال : ونالني .. مع الله من طردت كل مطرد .. ضرب رسول الله r بيده في صدره وقال : " أنت طردتني كل مطرد " ..

فكرة ..
ليس الذكاء أن تنتصر عند الجدال .. وإنما الذكاء أن لا تدخل في الجدال أصلاً ..

87. اقطع الطريق على المعترضين ..
من أكثر ما يوغر صدور بعض الناس على بعض ما يجنيه اللسان من مفاسد ..
ومن ذلك استعجال بعض الناس بالاعتراض على الحديث ومقاطعة المتكلم دون تروٍّ ونظر .. فيثور عند ذلك جدال عقيم يوغر الصدور ويفسد النفوس ..
لن تستطيع إصلاح جميع الناس وتأديبهم بالآداب الشرعية .. أو تدريبهم على مهارات متميزة ..
ودعنا نتجاوز مرحلة التنظير التي تحلو لبعض الناس أن يدندن عليها دائماً بقوله : المفروض الناس يفعلون كذا .. والمفروض يتعودون على كذا .. دعك من هذا .. وأدِّ الصلاة على الميت الحاضر – كما يقال - ..
أعني أننا ينبغي عند تعاملنا مع الأخطاء أن لا ننشغل ببحث ما يجب على الآخرين أن يفعلوه بل ماذا يجب علينا نحن أن نفعله ..
عندما تريد أن تتكلم بشيء غريب قد يستعجل الآخرون الاعتراض عليه .. ينبغي عليك أن تغلق عليهم أبواب الاعتراض بمقدمات تجيبهم فيها عن أسئلتهم قبل أن يطرحوها .. بل وتزيل بها استغرابهم قبل أن يتكلموا به ..
وبعض الناس يحسن فعلاً أن يغلق الأبواب على المعترض قبل أن يشعره باعتراضه ..
أذكر أن شيخاً كبير السن جلس في مجلس فتكلم عن حادثة خصومة رآها بين اثنين في محطة وقود .. وكيف أن شجارهما زاد واشتد حتى حملا إلى مخفر الشرطة ..
فقفز أحد الجالسين – من الثرثارين – مشاركاً في القصة فقال : نعم صحيح .. وحصل بينهما كذا .. وفلان هو المخطئ .. وبدأ يذكر تفاصيل لم تحدث ..
فالتفت إليه الشيخ وكأني به يكاد ينفجر .. لكنه تماسك وقال بكل هدووووء :
أنت هل حضرت الحادثة ؟ قال : لا
قال : فهل حدثك أحد ممن حضروها ؟ قال : لا
قال : فهل اطلعت على محاضر التحقيق ؟ قال : لا
عندها صاح الشيخ وقال : طيب يا ... كيف تكذبني وأنت لا تدري عن شيء !!
فأعجبتني مقدماته قبل اعتراضه ..
ولو أنه اعترض دون أن يذكر مقدمات يغلق بها الأبواب على صاحبه .. لكان لصاحبه مجال واسع للخروج من الموقف ولو بالكذب ..
فنحن أحياناً نحتاج عندما نريد أن نقرر أشياء أن نقدم بمقدمات نقنع بها المخالفين قبل أن يعترضوا ..
لما خرجت قريش لقتال النبي e وأصحابه في بدر .. كان بعض العقلاء فيها لا يريدون الخروج .. لكن قومهم أكرهوهم عليه ..
فعلم النبي e بهم .. وتأكد أنهم وإن حضروا المعركة فلن يقع منهم قتال للمسلمين ..
فلما اقترب e من ميدان المعركة .. أراد أن ينبه أصحابه لذلك .. وأن ينهاهم عن قتلهم .. لكنه يعلم أنه سيقع في قلوب بعض الناس سؤال : كيف لا نقتلهم وهم خرجوا لحربنا !! لماذا استثنى هؤلاء بالذات ؟!
فقدم مقدمة أزال بها الاعتراضات ثم ذكر التوجيه .. قام e في أصحابه وقال : إني قد عرفت أن رجالاً من بني هاشم وغيرهم قد أخرجوا كرهاً لا حاجة لهم بقتالنا ..
انتهى هذه مقدمة ..
ثم قال : فمن لقي منكم أحداً من بني هاشم فلا يقتله ..
ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحارث بن أسد فلا يقتله ..
ومن لقي العباس بن عبد المطلب .. عم رسول الله r فلا يقتله ..
فإنه إنما خرج مستكرها ..
فمضى الصحابة على ذلك .. وبدؤوا يتحدثون في مجالسهم بذلك ..
فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخواننا ونترك العباس ..
والله لئن لقيته لألحمنه بالسيف ..
فبلغت الكلمة رسول الله r .. فالتفت إلى عمر فقال : " يا أبا حفص " ..
قال عمر : والله إنه لأول يوم كناني فيه رسول الله r بأبي حفص ..
قال r يا أبا حفص : ( أيضرب وجه عم رسول الله بالسيف ! ) ..
فاستبشع ذلك .. وانتفض .. كيف يرد أمر رسول الله r .. أليس مسلماً .. فصاح قال :
يا رسول الله دعني فلأضرب عنقه بالسيف .. فوالله لقد نافق ..
فندم أبو حذيفة y .. على ما تكلم به .. وقال :
ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ .. و لا أزال منها خائفاً إلا أن تكفرها عني الشهادة ..
فقتل يوم اليمامة شهيداً y ..

نصيحة ..
كن ذكياً وتغدَّ بهم قبل أن يتعشوا بك !

88. انتظر .. لا تعترض ..!!
أذكر أن محاضراً كان يتكلم عن فن الحوار ..
فعرض شيئاً من قصة يوسف عليه السلام ..
فلما وصل إلى قوله تعالى ( ودخل معه السجن فتيان قال أحدهما إني أراني أعصر خمراً وقال الآخر إني أراني أحمل فوق رأسي خبزاً تأكل الطير منه ) ..
جعل يتأمل في الحاضرين ثم سألهم :
ودخل معه السجن فتيان ؟! أيهما دخل قبل الآخر .. يوسف أم الفتيان ؟
فصاح أحدهم : يوسف ..
فصاح آخر : لا .. لا .. الفتيان ..
فانطلق ثالث : لا .. لا .. بل يوسف .. يوسف ..
فاستذكى رابع وقال : دخلوا مع بعض !!
وتكلم خامس .. وارتفع اللغط .. حتى ضاع الموضوع الأساسي ..
ويبدو أن المحاضر قصد ذلك ..
فجعل يتأمل وجوههم .. والوقت يمضي ..
ثم ابتسم ابتسامة عريضة .. وأشار لهم بخفض الأصوات وقال :
وما المشكلة !! دخل قبلهم أو دخلوا قبله !! هل تستحق المسألة كل هذا الخلاف ؟!
فعلاً .. لو تأملت واقعنا لوجدت أننا في أحيان كثيرة نكون ثقلاء على الآخرين بكثرة اعتراضنا على ما يقولون فيكون أحدهم متحمساً في قصة يحكيها .. ثم يفاجأ بمن يعترض ويفسد عليه متعة الحديث بالاعتراض على أشياء لا تؤثر في القصة شيئاً ..
نعم .. لا تكن ثقيلاً تعترض على كل شيء ..
أذكر أن أخي الأصغر سعود لما كان طفلاً في السابعة .. دخل المسجد لصلاة العشاء .. ويبدو أنه كان مستعجلاً وتأخر الإمام في المجيء لإقامة الصلاة .. فلما ضاق بذلك ذرعاً توجه نحو المؤذن وكان شيخاً كبيراً ضعيف السمع ووقف خلفه .. ثم قال محاولاً تغيير صوته : أقم الصلاة .. وكان قد قبض على طرف أنفه بيده ..
ثم ولى هارباً ..
أما المؤذن فما كاد يسمع ذلك حتى تحرك ناهضاً ليقيم الصلاة .. فنبهه بعض المأمومين .. فجلس ..
كان موقفاً طريفاً .. لكني لم أورده لطرافته ..
وإنما لأني جلست بعدها في مجلس فذكر أحد الجالسين القصة وقال في أثنائها : وكان سعود مستعجلاً لأنه سيذهب إلى البحر مع أبيه _ مع العلم بأن الرياض في صحراء ولا تقع على ساحل بحر - .. فتحيرت هل أفسد عليه قصته وأعترض .. أم أن المعلومة غير مؤثرة في القصة فلا داعٍ للاعتراض واكتساب العداوات .. فآثرت الثاني وسكت ..
وأحياناً قد تعترض على شيء أنت غير فاهمه أصلاً ..
لعل له عذراً وأنت تلوم ..
كان زياد لطيفاً حريصاً على نصح الناس ..
وقف يوماً عند إشارة مرور فإذا به يسمع صوتاً عالياً لأغاني غربية .. تحير من أين هذا الصوت .. وأخذ يتلفت يبحث عن مصدره .. فإذا هو من السيارة المجاورة له ..
وإذا صاحبها قد زاد صوت المذياع إلى أعلى درجاته .. حتى أسمع البعيد والقريب ..
جعل صاحبي يضرب على منبه سيارته ويحاول أن ينبه ذاك الرجل إلى خفض صوت مذياعه .. لكن الرجل لا يلتفت ولا يرد .. يبدوا أنه لشدة انسجامه مع ما يسمع صار لا يدري عما حوله ..
حاول زياد أن يتبين وجه السائق الذي أسدل غترته على جانبي وجهه .. وبعد جهد رآه فإذا لحيته تملأ وجهه !!
ازداد العجب .. شخص بهذه الهيئة بدل أن يستمع إلى القرآن يستمع الأغاني !! لا وبصوت عالٍ أيضاً !!
أضاءت الإشارة خضراء .. ومشى الجميع ..
أصرّ زياد على مناصحة الرجل فجعل يمشي وراءه .. وقف الرجل عند دكان .. ونزل ليشتري منه حاجة ..
أوقف زياد سيارته وراءه وصار يتأمله وهو يمشي فإذا الثوب قصير .. واللحية تملأ عارضيه ..
تسابقت إلى قلبه الوساوس .. أظنه نزل ليخرج الآن بعلبة سجائر !!
خرج الرجل فإذا في يده مجلة إسلامية !!
لم يصبر زياد .. وأخذ ينادي بلطف : يا أخي .. لو سمحت .. هيه ..
لم يرد عليه الرجل ولم يلتفت ..
رفع صوته : هيه .. هيه .. لو سمحت .. يا أخي .. اسمع ..
وصل الرجل سيارته وركبها .. ولم يلتفت ..
نزل زياد وقد غضب وأقبل إليه .. وقال : يا أخي .. الله يهديك .. ما تسمع ..
نظر الرجل إليه وابتسم وشغل سيارته .. فاشتغل المذياع مباشرة بصوت مزعج جداً ..
فثار زياد .. وقال : يا أخي حرام عليك .. أزعجت الناس .. تريد تسمع الأغاني اسمعها لوحدك .. بدل ما تسمع قرآن تسمع أغانٍ ؟!
فجعل الرجل يزيد ابتسامته .. والأغاني بأعلى صوت ..
ثار زياد أكثر .. وجعل وجهه يحمرّ .. وصار يرفع صوته ليسمعه ..
فلما رأى الرجل أن الأمر وصل إلى هذا الحد .. جعل يشير بيديه إلى أذنيه وينفضهما ..
ثم أخرج دفتراً صغيراً من جيبه ومكتوب على أول ورقة منه :
أنا رجل أصم لا أسمع .. فضلاً اكتب ما تريد !!

لمحة ..
قال الله تعالى : "وكان الإنسان عجولاً " فانتبه لا تغلب عجلتك تؤدتك ..

89. قبل نجواكم .. صدقة ..
الطلبات الكبيرة تحتاج إلى تهيئة المطلوب منه قبل طلبها .. لئلا يسارع إلى الرفض ..
وهذا عام في الطلبات الشفهية والمكتوبة ..
فلو أردت أن تكتب إلى غني تطلب منه حاجة .. لناسب أن تكتب قبل حاجتك شيئاً من الثناء على جوده وكرمه ومحبته للخير .. ثم بعد ذلك تكتب حاجتك ..
ومثله لو أردت حاجة من أبيك أو أخيك أو – من يدري ربما – زوجتك .. يناسب أن تقدم قبلها بمقدمة ..
فلو دعوت نفراً من أصدقائك إلى مأدبة غداء .. وأردت أن تخبر زوجتك لتعد الطعام وتهيئ البيت .. لناسب أن تقول قبل ذلك .. بصراحة طعامك لذيذ .. جميع أصدقائي يفرحون إذا دعوتهم لأجل أن يأكلوا من عمل يدك .. تصدقين !! لقد أكلت في أرقى المطاعم .. وما ذقت لذة كلذة طعامك أبداً .. وبصراحة رأيت البارحة صديقاً لي جاء من سفر .. ومن باب المجاملة قلت له تغد معي غداً .. فتفاجأت به أن وافق ..!! فدعوت معه بعض الأصدقاء .. فليتك تعملين لنا طعاماً ..
هذا الأسلوب أحسن من صراخك إذا دخلت بيتك : يا فلانة .. فلانة ..
فتجيبك : لبيك .. أنا قادمة .. وهي تظن أنك ستدعوها إلى نزهة ..
فتقول : بسرعة .. بسرعة .. المطبخ .. المطبخ .. عندي رجال سيأتون .. لا تتأخري بالغداء .. وانتبهي أثناء إعداده .. و ..
ومثله لو أردت أن تطلب إجازة من مديرك ..
أو تخبر أمك أو أباك بخبر ..
وقد قرأت في سيرة النبي الأكرم e .. ما يدل على ذلك ..
كان النبي r قد رضع في صغره قريباً من ديار هوازن .. وكان يرجو أن يسلموا ..
فبلغه .. أن هوازن قد جمعت جموعها .. فخرج إليهم .. وقاتلهم ..
فنصر الله نبيه r عليهم .. فساق الغنائم ..
فأقبل بعضهم إلى رسول الله r .. وهو نازل بالجعرانة ..
وقد قتل من قتل من رجالهم .. وجعل رسول الله r النساء والأطفال في مكان ..
فقام منهم خطيبهم زهير بن صرد فقال :
يا رسول الله إنما في الحظائر من السبايا خالاتك .. وحواضنك .. اللاتي كن يكفلنك ..
ولو أنا ملحنا لابن أبي شمر .. أو النعمان بن المنذر ..
ثم أصابنا منهما مثل الذي أصابنا منك .. رجونا عائدتهم وعطفهم ..
وأنت رسول الله خير المكفولين .. ثم أنشأ يقول :
امنن علينا رسول الله في كرم
فإنك المرء نرجوه و ننتظر
امنن على نسوة قد كنت ترضعها
إذ فوك تملؤه من محضها الدرر
لا تجعلنا كمن شالت نعامته
و استبق منا فإنا معشر زهر
إنا لنشكر آلاء و إن كفرت
وعندنا بعد هذا اليوم مدخر
وقد أدب الله المؤمنين .. فقال :" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَاجَيْتُمُ الرَّسُولَ فَقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيْ نَجْوَاكُمْ صَدَقَةً" ( ) ..
وكانت العرب .. إذا أرادت أن تستنجد بأحد .. أو تطلب عونه .. أول ما تلجأ إلى الكلام والأشعار .. فتحدث في النفوس مالا تفعله السيوف ..
لما أقبل رسول الله r .. يريد العمرة .. خافت قريش ..
وكاد النبي r أن يقاتلهم .. لولا أنهم .. ألحوا عليه حتى كتب بينه وبينهم .. هدنة لمدة عشر سنوات .. وقف للقتال ..
وكان في صلح الحديبية .. لما كتب .. أنه من شاء من القبائل أن يدخل في عقد محمد وعهده دخل ومن شاء أن يدخل في عقد قريش وعهدهم دخل ..
فتواثبت خزاعة وقالوا : نحن ندخل في عقد محمد وعهده ..
وتواثبت بنو بكر وقالوا : نحن ندخل في عقد قريش وعهدهم ..
وكان بين هذين الحيين دماء وقتال ..
واشتدت ضغينة قريش على خزاعة .. لكنهم خافوا أن يصيبوهم بشيء فينتصر لهم النبي r ..
فلما مضى من هدنة الحديبية .. نحو السبعة أو الثمانية عشر شهراً ..
وثب بنو بكر على خزاعة .. ليلاً بماء يقال له الوتير .. وهو قريب من مكة .. وطلبوا الإعانة من قريش ..
فقالت قريش : ما يعلم بنا محمد وهذا الليل وما يرانا من أحد ..
فأعانوهم عليهم بالكراع والسلاح .. وقاتلوهم معهم ..
ففزعت خزاعة ..
وقتل من قتل من رجالهم ونسائهم وذراريهم ..
فلما رأى رجل منهم وهو عمرو بن سالم .. ما حل بقومه .. ركب بعيره .. وهرب من يد قريش ..
حتى قدم على رسول الله r في المدينة ..
فدخلها فزعاً .. مصاباً مكروباً ..
ثم أقبل إلى المسجد .. عليه أثر الطريق ووعثاء السفر ..
ووقف بين يدي رسول الله r .. فقال :
يا رب إني ناشد محمداً
حلف أبيه وأبينا الأتلدا
قد كنتم وِلْداً وكنا والداً
ثمت أسلمنا فلم ننزع يدا
فانصر رسول الله نصراً أبدا
وادع عباد الله يأتوا مددا
فيهم رسول الله قد تجردا
إن سيما خسفاً وجهه تربدا
في فيلق كالبحر يجري مزبدا
إن قريشاً أخلفوك الموعدا
ونقّضوا ميثاقك المؤكدا
وجعلوا لي في كداء رصداً
وزعموا أن لست أدعوأحدا
فهم أذل وأقل عدداً
هم بيتونا بالوتير هجدا
وقتلونا ركعاً وسجدا
فلما سمع النبي r هذا الكلام .. والشعر .. والنداء .. انتفض .. وغضب ..
وقال : " نصرت يا عمرو بن سالم " ..
ثم قام .. مسرعاً .. وأمر الناس بالتجهز للخروج للقتال ..
ففزع الناس يتجهزون .. وهم لا يعلمون أين سيكون القتال ..
وقد خشي r أن يخبر بوجهته .. فيصل الخبر إلى قريش .. وسأل الله أن يعمي على قريش خبره حتى يبغتهم في بلادهم ..
ورسول الله r.. قد اشتد غضبه على قريش لخيانتهم .. فكان يتجهز ويقول : كأنكم بأبي سفيان قد جاءكم يشد في العقد ويزيد في المدة " .
ثم أقبل نفر من خزاعة آخرين إلى رسول الله r ..
فيهم بديل بن ورقاء .. حتى قدموا على رسول الله r ..
فأخبروه بما أصيب منهم .. ومظاهرة قريش بني بكر عليهم ..
فوعدهم النبي r بالنصر .. وقال لهم : " ارجعوا فتفرقوا في البلدان " .. وخشي أن تعلم قريش بخبرهم معه .. فتقاتلهم .. قبل وصوله إليهم ..
فانصرفوا راجعين إلى ديارهم ..
فلقوا أبا سفيان بعسفان .. قد بعثته قريش إلى رسول الله r ..
يشد العقد ويزيد في المدة .. وقد رهبوا أن يكون بلغه ما فعلوا ..
فلما لقي أبو سفيان بديلاً .. خشي أن يكون أقبل من عند رسول الله r .. فقال : من أين أقبلت يا بديل ؟
فقال بديل : سرت في خزاعة في هذا الساحل في بطن هذا الوادي ..
فسكت أبو سفيان ..
فلما جاوزه بديل ..أقبل أبو سفيان إلى مبرك ناقة بديل .. فأخذ من بعرها ففته بيده .. فرأى فيه نوى التمر .. فعلم أن الناقة كانت بالمدينة .. فهم الذين يطعمون دوابهم نوى التمر .. فقال أبو سفيان : أحلف بالله لقد جاء بديل محمداً ..
ثم مضى أبو سفيان ..
حتى وصل المدينة .. فتوجه إلى بيت ابنته أم حبيبة زوج رسول الله r ..
فلما دخل أقبل ليجلس على فراش رسول الله r .. فطوته من تحته ..
فقال : يا بنية ما أدري أرغبت بي عن هذا الفراش .. أو رغبت به عني ؟
فقالت : بل هو فراش رسول الله r وأنت مشرك نجس .. فلم أحب أن تجلس على فراشه ..
فعجب منها .. وقال : يا بنية والله لقد أصابك بعدي شر !
ثم مضى أبو سفيان إلى رسول الله r .. فقال : يا محمد اشدد العقد وزدنا في المدة ..
فقال r : ولذلك قدمت ؟ هل كان من حدث قبلكم ؟!
قال : معاذ الله ! نحن على عهدنا وصلحنا يوم الحديبية لا نغير ولا نبدل ..
فسكت عنه النبي r .. فكرر عليه أبو سفيان .. ورسول الله r لا يجيبه ..
فخرج من عند رسول الله r ..
وأتى أبا بكر فقال : اشفع لي عند محمد .. أن يجدد العقد .. ويزيد في المدة .. أو امنعني وقومي ..
فقال أبو بكر : جواري في جوار رسول الله r .. ولا أمنع أحداً منه .. وأما أنا فوالله لو وجدت الذر تقاتلكم لأعنتها عليكم ..
فخرج أبو سفيان .. فأتى عمر بن الخطاب فكلمه .. فقال عمر بن الخطاب : أنا أشفع لكم عند رسول الله r ؟
بل ما كان من حلفنا جديداً فأخلقه الله ..
وما كان منه مثبتاً فقطعه الله ..
وما كان منه مقطوعاً فلا وصله الله !
فلما سمع أبو سفيان ذلك .. تغير .. فكأنما لُطِم ..
فخرج أبو سفيان وهو يقول : جزيت من ذي رحم شراً ..
فلما يئس مما عندهم دخل على علي .. فقال له :
يا علي أنت أقربهم بي نسباً .. فاشفع لي إلى رسول الله r ..
فقال له علي : يا أبا سفيان .. إنه ليس أحد من أصحاب رسول الله r يفتات على رسول الله r بجوار .. أي لا يستطيع أحد منعه عن أحد إن أراده .. فهو لا ينطق عن الهوى ..
وأنت سيد قريش .. وأكبرها .. وأمنعها .. فأجر بين عشيرتك .. وامنع نفسك .. يعني : صح بالناس إني قد منعت نفسي ..ثم الحق بأرضك ..
قال أبو سفيان : أو ترى ذلك يغني عني شيئاً ..
قال : لا .. ولكن هو رأي أراه ..
فخرج أبو سفيان إلى الناس في المدينة ثم صاح ..
ألا إني قد أجرت بين الناس .. ولا والله ما أظن أن يخفرني أحد ..
فقام أبو سفيان في المسجد فقال : أيها الناس إني قد أجرت بين الناس ..
ثم ركب بعيره فانطلق إلى مكة ..
فلما أن قدم على قريش قالوا : ما وراءك ؟
هل جئت بكتاب من محمد أو عهد ؟
قال : لا والله لقد أبى علي ..
وقد تتبعت أصحابه فما رأيت قوماً لملك عليهم أطوع منهم له ..
ولقد جئت محمداً فكلمته .. فوالله ما رد علي شيئاً ..
ثم جئت ابن أبي قحافة فوالله ما وجدت فيه خيراً ..
ثم جئت عمر فوجدته أعدى عدو..
ثم جئت علياً فوجدته ألين القوم ..
وقد أشار علي بأمر صنعته .. فوالله ما أدري هل يغني عنا شيئاً أم لا ؟
قالوا : بماذا أمرك ؟
قال : أمرني أن أجير بين الناس ففعلت ..
قالوا : هل أجاز ذلك محمد ؟
قال : لا ..
قالوا : ويحك ما زادك الرجل على أن لعب بك .. فما يغني عنا ما قلت ..
فقال : لا والله ما وجدت غير ذلك ..
فاغتم أبو سفيان .. ودخل على امرأته فحدثها الحديث فقالت :
قبحك الله من وافد قوم ! فما جئت بخير ..
ثم أقبل رسول الله r .. إلى مكة فاتحاً ..

.. بالإشارة يفهمُ ..
اللقمة الكبيرة تحتاج لمضغ جيد قبل ابتلاعها

90. ليس مهماً أن تنجح دائماً ..
كان فهد يمشي مع صاحبه - العنيد المكابر - في صحراء فرأيا سواداً رابضاً على التراب .. تخفيه الريح تارة وتظهره تارة ..
التفت فهد إلى صاحبه وسأله : تتوقع .. ما هذا ؟!
فقال صاحبه : هذه عنز !!
قال فهد : بل غراب ..
قال صاحبه : أقول لك : عنز .. يعني عنز ..
قال فهد : طيب نقترب ونتأكد ..
اقتربا .. وجعلا يركزان النظر أكثر وأكثر ..
كان واضحاً أن الذي أمامهما غراب !!
قال فهد : يا أخي .. والله غراب ..
هز صاحبه رأسه بكل حزام وقال : عنـززززز
سكت فهد .. واقتربا أكثر .. فشعر الغراب باقترابهما فطااار ..
فصاح فهد : الله أكبر .. غراب .. أرأيت غراب .. طار ..فقال صاحبه : عننننـز .. لو طار !!
لماذا أوردت هذه القصة ؟
أوردتها لأجل أن أبين : أن هذه المهارات التي تقدمت فيما مضى من صفحات .. تصلح مع الناس عموماً ..
لكن مع ذلك يبقى أن بعض الناس مهما مارست معه مهارات لا يتفاعل معك ..
فلو مارست معه مهارة اللمح .. فقلت : ما شاء الله ما أجمل ثيابك .. كأنك عريس .. وأنت تتوقع منه أن يتبسم ويشكرك على لطفك .. فإنه لا يفعل ذلك .. وإنما ينظر إليك شزراً .. ويقول : طيب .. طيب .. لا تجامل .. لا تستخف دمك .. ونحو ذلك من العبارات السامجة التي تدل على عدم خبرته في التعامل مع الناس ..
ومثله المرأة التي قد تمارس مع زوجها مهارات .. كمهارة التفاعل مثلاً .. فيحكي نكتة باردة .. فتتفاعل معه ضاحكة .. فيقول : طيب .. لا تغصبي نفسك على الضحك ؟!!
إذا واجهت هذه النوعيات من الناس فاعلم أنهم لا يمثلون المجتمع ..
ولقد جربت هذه المهارات بنفسي .. نعم والله جربتها بنفسي فرأيت آثارها في الناس .. كباراً وصغاراً .. بسطاء وأذكياء .. وأصحاب مناصب عليا .. وطلاب عندي في الكلية .. ومع أولادي .. فرأيت لها أعاجيب ..
بل جربتها مع مختلف الأجناس والجنسيات .. فرأيت آثارها ..
والله إني لك ناصح ..
باختصار ..
هل أنت جاد في التغيير ؟

91. كن بطلاً وابدأ الآن
أذكر أني ألقيت دورة في مهارات التعامل مع الناس .. كان عبد العزيز من بين الحضور .. كان تأثره واضحاً ..
لاحظته يكتب كل شاردة وواردة ..
مضت أيام الدورة الثلاثة .. وتفرقنا ..
بعدها بشهر ألقيت الدورة نفسها مرة أخرى .. فلما نظرت إلى الحضور .. فإذا عبد العزيز يجلس في الصف الأول !!
تملكني العجب !! لماذا يحضرها مرة أخرى وهو يعلم أني سأعيد الكلام نفسه !
لما أذن للصلاة .. أخذته ومشيت به جانباً .. وسألته : عبد العزيز .. لماذا تحضر مرة أخرى .. وأنت تعلم أني سأعيد الكلام نفسه .. !! والمذكرة التي بين يديك هي نفسها المذكرة السابقة !! والشهادة التي ستحصل عليها هي الشهادة نفسها !! يعني لن تستفيد شيئاً ..
فقال لي : تصدق !! والله إن أصحابي وزملائي يقولون لي : يا عبد العزيز أنت تغيرت في تعاملك معنا منذ شهر ..
ففكرت في ذلك فإذا أنا أطبق ما تعلمته من مهارات في الدورة السابقة .. فجئت لأحضر الدورة مرة أخرى لتأكيد ما تعلمته من مهارات ..
إذا كنت جاداً في التغيير فكن بطلاً وابدأ الآآآآن ..

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-09-2011, 04:47 PM   #20

*amen*

اللهم اسعدني

الصورة الرمزية *amen*

 
تاريخ التسجيل: Jun 2011
كلية: كلية الاعمال
التخصص: Business
نوع الدراسة: دكتوراه
المستوى: متخرج
البلد: امريكا
الجنس: أنثى
المشاركات: 345
افتراضي رد: كتاب استمتع بحياتك لمحمد العريفي

انتهى الكتاب

 

*amen* غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 10:47 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

أن كل ما ينشر في المنتدى لا يمثل رأي الإدارة وانما يمثل رأي أصحابها

جميع الحقوق محفوظة لشبكة سكاو

2003-2024