InstagramTwitterSnapChat


 
وصف

العودة   منتديات سكاو > الأقسام الخاصة > الأقسام العامة > المنتدى الإسلامي
التسجيل مشاركات اليوم البحث
   
   


المنتدى الإسلامي المواضيع الدينية

كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !

المنتدى الإسلامي

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
  #1  
قديم 01-08-2014, 03:57 AM
الصورة الرمزية شموخ سعوديه

شموخ سعوديه شموخ سعوديه غير متواجد حالياً

 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
الكلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية
التخصص: علم النفس
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
البلد: منطقة مكة المكرمة
الجنس: أنثى
المشاركات: 1,242
Skaau.com (23) كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !




كثرة الأكل :


روى أسد بن موسى من حديث عون بن أبي جحيفة عن أبيه قال :
أكلت ثريدا بلحم سمين فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم وأنا أتجشأ ، فقال :
« كفَّ عنا جشاءك ، فإن أكثرهم شبعا في الدنيا أطولهم جوعا يوم القيامة » ، فما أكل أبو جحيفة بملء بطنه حتى فارق الدنيا ، وكان إذا تغدى لا يتعشى وإذا تعشى لا يتغدى.

لكن ما العلاقة بين التجشؤ والجوع يوم القيامة والتي قد تبدو بعيدة من أول وهلة؟
قال المناوي موضِّحا خطورة الإسراف في الطعام الذي استهان به الكثيرون ، يحسبونه هينا وهو عند أطباء القلوب عظيم :

" والنهي عن الجشاء نهي عن سببه وهو الشبع ، وهو مذموم طبا وشرعا ، كيف وهو يقرب الشيطان ويهيِّج النفس إلى الطغيان ، والجوع يضيق مجاري الشيطان ، ويكسر سطوة النفس ، فيندفع شرهما ، ومن الشبع تنشأ شدة الشبق إلى المنكوحات ، ثم يتبعها شدة الرغبة إلى الجاه والمال اللذان هما الوسيلة إلى التوسع في المطعومات والمنكوحات ، ثم يتبع ذلك استكثار المال والجاه وأنواع الرعونات وضروب المنافسات والمحاسدات ، ثم يتولد من ذلك آفة الرياء وغائلة التفاخر والتكاثر والكبرياء ، ثم يتداعى ذلك إلى الحسد والحقد والعداوة والبغضاء ، ثم يُفضي ذلك بصاحبه إلى اقتحام البغي والمنكر والفحشاء والبطر والأشر ، وذلك مُفضٍ إلى الجوع في القيامة وعدم السلامة إلا من رحم ربك " .

ولذا كانت سنّة وطريقة عبد الله بن عمر رضي الله عنهما التي سار عليها طوال حياته أن يقلل من طعامه عن طريق وسيلة تفيض ثوابا وتقذف أجرا ، فقد كان لا يأكل حتى يؤتى بمسكين فيأكل معه ، فأُدخِل عليه يوما رجل فأكل أكلا كثيرا ، فقال ابن عمر لغلامه : يا نافع لا تُدخل علي هذا ، فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « المؤمن يأكل في معيِّ واحد ، والكافر يأكل في سبعة أمعاء » .

وهنا يبادرنا سؤال : كم من كافر أقل أكلا من مؤمن ، وكم من كافر أسلم فلم يتغير مقدار أكله!!

قال ابن حجر :

" قيل : المراد حض المؤمن على قلة الأكل إذا علم أن كثرة الأكل صفة الكافر ، فإن نفس المؤمن تنفر من الاتصاف بصفة الكافر ، ويدل على أن كثرة الأكل من صفة الكفار قوله تعالى : ﴿ وَالَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَيَأْكُلُونَ كَمَا تَأْكُلُ الْأَنْعَامُ ﴾ [ محمد : 12 ].

وقال الطيبي :
ومحصل القول أن من شأن المؤمن الحرص على الزهادة والاقتناع بالبلغة بخلاف الكافر ، فإذا وجد مؤمن أو كافر على غير هذا الوصف لا يقدح في الحديث ، ومن هذا قوله تعالى ﴿ الزَّانِي لَا يَنْكِحُ إِلَّا زَانِيَةً أَوْ مُشْرِكَةً وَالزَّانِيَةُ لَا يَنْكِحُهَا إِلَّا زَانٍ أَوْ مُشْرِكٌ ﴾ [ النور : 3 ] ، وقد يوجد من الزاني نكاح الحرة ومن الزانية نكاح الحر.
وقيل أن المراد بالمؤمن في هذا الحديث التام الإيمان ؛ لأن من حسن إسلامه وكمل ايمانه اشتغل فكره فيما يصير إليه من الموت وما بعده ، فيمنعه شدة الخوف وكثرة الفكر والإشفاق على نفسه من استيفاء شهوته "
.

وإن كثرة الطعام ما هي إلا علامة على قسوة القلب وطريق مُمَهَّد موصل إلى موته ، لذا غفل قساة القلوب عن سبب رئيسي لإفراطهم في الطعام وبالتالي جهلوا سبب القساوة ، وهو ما أشار إليه ابن القيِّم في الفوائد :
" لو تغذَّى القلب بالمحبة لذهبت عنه بطنة الشهوات.
ولو كنت عذري الصبابة لم تكن ... بطينا وأنساك الهوى كثرةَ الأكل "
.

وإن كثرة الطعام كذلك تُدخل القلب في متاهة الآفات الستة التي أشار إليها أبو سليمان الدارانى بقوله : " من شبع دخل عليه ست آفات : فقد حلاوة المناجاة ، وحرمان الشفقة على الخلق ؛ لأنه إذا شبع ظن أن الخلق كلهم شباع ، وثقل العبادة ، وزيادة الشهوات ، وإن سائر المؤمنين يدورون حول المساجد ، والشباع يدورون حول المزابل " .
بل أوصى الحسن البصري كل من ضاع خشوعه والتمس دموع الخشية فلم يجدها ؛ أوصاه بهذه الوصية العملية المُجرَّبة واقعيا فقال : " من أراد أن يخشع قلبه ويغزر دمعه فليأكل في نصف بطنه " .

فضلا عن أن كثرة الطعام تضيِّع على المرء فرص الثواب الجزيل لأنها تصرف الطعام في غير وجهه الصحيح ، ولو صرِفت صدقة وبذلا بدلا من أكلها لكان خيرا لصاحبها في الدنيا والآخرة ، وقد رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه رأى رجلا عظيم البطن فأشار إلى بطنه بأصبعه فقال : « لو كان هذا في غير هذا لكان خيرا لك » .


النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: (ما ملأ ابن آدم وعاء شراً من بطنه، بحسب ابن آدم لقيمات يقمن صلبه، فإن كان لابد فاعلاً فثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه) رواه الترمذي وحسنه.

قال الإمام يحيى بن معاذ :

ـ دواء القلب خمسة أشياء : قراءة القرآن بالتفكر ، وخلاء البطن ، وقيام الليل ، والتضرع عند السحر ، ومجالسة الصالحين

قال ابن رجب :

قلة الطعام توجب رقة القلب , وقوة الفهم , وانكسار النفس , وضعف الهوى والغضب .

قال بعض الحكماء :
وضع الله خمسة أشياء في خمسة مواضع :


· العز في الطاعة .
· والذل في المعصية .
· والهيبة في قيام الليل .
· والحكمة في البطن الخالي .

· والغنى في القناعة .


وقد اكتشف الطب الحديث أن الجزء العلوي من المعدة هو عبارة عن جيب ممتلئ بالهواء يقع تحت الحجاب الحاجز، وكلما كان ممتلئاً بالهواء كانت حركة الحجاب الحاجز فوقه سهلة وكان التنفس ميسورًا، أما إذا امتلأ هذا الجيب بالطعام والشراب تعرقلت حركة الحجاب الحاجز وكان التنفس صعبًا، كما أن الصلب لا يستقيم تماما إلا إذا كانت حركة المعدة مستريحة، ولا يتم ذلك إذا أُتخِمت بالطعام.


لكن .. هل مقصود كلامي أن يجوِّع الإنسان نفسه ويُحرِّم على نفسه ما أحل الله له؟!

حاشا وكلا ؛ بل كل ما أريد قوله جاء موجزا على لسان الحليمي رحمه الله الذي بيَّن مغزى الكلام :

" وكل طعام حلال فلا ينبغي لأحد أن يأكل منه ما يثقل بدنه ، فيحوجه إلى النوم ، ويمنعه من العبادة ، وليأكل بقدر ما يسكن جوعه ، وليكن غرضه من الأكل أن يشتغل بالعبادة ويقوي عليها " .


فالمطلوب منك على الفور إذن ثلاثة أمور :
أولا : نية صالحة لكل لقمة تؤكل ، حتى يتحوَّل الطعام إلى عبادة ، ويُغذِّي روحك مع جسدك.
ثانياً : قلة الأكل ، وهي ما قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : ثلث لطعامه وثلث لشرابه وثلث لنفسه ،
وهو معنى قوله :
« وإذا أكلنا لا نشبع ».
ثالثاً : الصيام الدائم انتصارا لروحك على شهوة الأكل.

 


توقيع شموخ سعوديه  

،

غذوا أرواحكم [ هنـــــــــــا ]

 


التعديل الأخير تم بواسطة شموخ سعوديه ; 01-08-2014 الساعة 05:27 AM.
رد مع اقتباس

 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 01-08-2014, 04:11 AM   #2

شموخ سعوديه

الصورة الرمزية شموخ سعوديه

 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
كلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية
التخصص: علم النفس
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
البلد: منطقة مكة المكرمة
الجنس: أنثى
المشاركات: 1,242
افتراضي رد: كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !



كثرة النوم :

النوم كالملح لا بد من قليل منه في الطعام ، لكن زيادته مضرة وتجعل طعم الحياة غير مستساغ ، فلكثرة النوم أضرار كثيرة ، وما قسوة القلب إلا أحد نتائجها ، وقد سبق وأن أحصى أبو حامد الغزالي عواقب كثرة النوم فقال :
" وفي كثرة النوم : ضياع العمر ، وفوت التهجد ، وبلادة الطبع ، وقساوة القلب ، والعمر أنفس الجواهر ، وهو رأس مال العبد فيه يتجر ، والنوم موت ، فتكثيره يُنقص العمر ، ثم فضيلة التهجد لا تخفى ، وفي النوم فواتها " .

وكيف يكثر النوم في هذه الدنيا من ينتظر أطول رقدة له في القبر؟! وكيف يُسرِف أحد في النوم وهو أخو الموت من الرضاع؟! يا من قساوة قلبه أشد من الحجر ..


يا طويل الرقاد والغفلات ... كثرة النوم تورث الحسرات
إنَّ في القبر إن نزلت إليه ... لرقادا يطول بعد الممات
ومِهادا مُمَهَّدا لك فيه ... بذنوب عملت أو حسنات
أأمنت الهجوم من ملك المو ... ت وكم نال آمنا ببيات


لكن لماذا يصحو قاسي القلب إذا كان يتقلب طوال يومه في طبقات من النوم المتواصل ، من نوم في اليقظة إلى نوم في المنام ، إنها قسوة القلب تجعل صاحبها غير آبه بقيمة الوقت ولا مكترث به ، فلا يوجد ما يفعله كي يستيقظ ، لذا يغط في نوم عميق.


أسباب قلة المنام

قال صلى الله عليه وسلم :

« ما رأيت مثل النار نام هاربها ، ولا مثل الجنة نام طالبها » .

أي أن النوم وشدة الغفلة والاسترسال في الكسل ليست طرق الهارب من جهنم والطالب للجنة ، بل إن طريقه يمر باليقظة ووثبات الهروب من جحيم المعاصي إلى جنة الطاعات ، وفي الحديث معنى التعجب والاستنكار على من أكثر نومه وسدر في غفلته عما أُعِدَّ له.
ومما يعين على قلة النوم : همُّ الخوف من النار ، فقد كان طاووس يفترش فراشه ثم يضطجع عليه فيتقلب كما تقلى الحبة على المقلى ثم يثب فيدرجه ويستقبل القبلة حتى الصباح ويقول : طيَّر ذكر جهنم نوم العابدين ، وكان شداد بن أوس إذا أوى إلى فراشه كأنه حبة على مقلاة فيقول :
اللهم إن ذكر جهنم لا يدعني أنام ، ثم يقوم إلى مُصَلاه ، ولما قالت ابنة الربيع بن خيثم : يا أبت ما لك لا تنام والناس ينامون؟ فقال : إن النار لا تدع أباك ينام!! وكان صفوان بن محرز إذا جنَّه الليل يخور كما يخور الثور ويقول : منع خوف النار مني الرقاد ، وكان سفيان الثوري لا ينام إلا أول الليل ، ثم ينتفض فزعا مرعوبا ينادي : النار النار .. شغلني ذكر النار عن النوم والشهوات ، ثم يتوضأ ويقول عقب وضوئه : اللهم إنك عالم بحاجتي ، وما أطلب إلا فكاك رقبتي من النار ،

وهؤلاء عبَّر عن حالهم شعرا عبد الله بن المبارك فقال :

إذا ما الليل أظلم كابدوه ... فيسفر عنهم وهم ركوع
أطار الخوف نومهم فقاموا ... وأهل الأمن في الدنيا هجوع



ومما يعين على قلة النوم : معرفة قيمة الوقت ، فوالله يا أخي .. لو أن ساعة من النوم حذفتها من ساعات نومك كل يوم لأضافت إليك عمرا آخر لو كنت تعلم ، لتجد الفارق مبهجا يوم القيامة.

ومما يعين على قلة النوم : قلة الأكل ، فمن أكل كثيرا نام كثيرا فخسر كثيرا.
ومما يعين على قلة النوم : التعامل مع الساعة البيولوجية بحكمة ، فإن وظائف الجسم في الإنسان تستطيع أن تتكيف مع أي عدد من ساعات نومه ، ولن يشبع أحد من كثرة النوم ، لكن العاقل هو من أعطى جسمه راحته دون إفراط أو تفريط.
ومما يعين على قلة النوم : النوم على الشق الأيمن ، " وقد قيل : إن الحكمة في النوم على الجانب الأيمن أن لا يستغرق النائم في نومه لأن القلب فيه ميل إلى جهة اليسار ، فإذا نام على جنبه الأيمن طلب القلب مستقره من الجانب الأيسر ، وذلك يمنع من استقرار النائم واستثقاله في نومه بخلاف قراره في النوم على اليسار ، فإنه مستقره ، فيحصل بذلك الدعة التامة ، فيستغرق الإنسان في نومه ويستثقل ، فيفوته مصالح دينه ودنياه " .
ومما يعين على قلة النوم : حمل هم وأعلاه هَمُّ الدعوة إلى الله ، ورحمة الله على دعاة الإسلام في زماننا يحيون ما اندثر من سيرة السلف ويحيون قلوبنا عندما نسمع عن عزمهم ، فقد حدَّثني والد زوجتي أنه صاحب فضيلة الداعية الشيخ عبد المتعال الجبري في رحلة دعوية دائبة ، لتتواصل حركته من بعد صلاة الفجر انتقالا من محاضرة إلى درس إلى سعي في قضاء حوائج حتى انتصف عليهما الليل ، ووصلا البيت في تمام الساعة الثانية فجرا ، ليجدا عند رجوعهما من ينتظرهما ليستشير الشيخ في أمر!! فاعتذر الأخ المضيف قائلا أن الشيخ متعب من سعيه طيلة اليوم ولن يستطيع مقابلة أحد ، وهنا قال الشيخ : ومن قال لك أني متعب؟ يا أخي .. أنا يكفيني كل يوم من النوم ساعتان ، مجتمعتان أو متفرَّقتان!! فجلس مع الرجل وأشار عليه في مسألته!!

أمّة وسطا

لكن الدعوة إلى التقليل من النوم لا بد أن تكون معتدلة لا تغمط النفس حقها وضرورات حياتها ، فتضر من حيث تريد أن تنفع ، ولا تبلِّغ المقصود بل ضد المقصود. قال ابن القيم وهو يقود قافلتنا بحكمة في طريق الاعتدال :
" وكما أن كثرة النوم مورثة لهذه الآفات ؛ فمدافعته وهجره مورث لآفات أخرى عظام : من سوء المزاج ويبسه وانحراف النفس وجفاف الرطوبات المعينة على الفهم والعمل ، ويورث أمراضا متلفة لا ينتفع صاحبها بقلبه ولا بدنه معها ، وما قام الوجود إلا بالعدل ، فمن اعتصم به فقد أخذ بحظه من مجامع الخير " .

أنفع النوم وأضره

فإن تابعت وسألت ابن القيم : وما أنفع النوم وما أضره؟! وما المستحب منه وما المكروه؟! فعلى الخبير سقطت ، حيث أجابك رحمه الله قائلا :

" وأنفع النوم : ما كان عند شدة الحاجة إليه ، ونوم أول الليل أحمد وأنفع من آخره ، ونوم وسط النهار أنفع من طرفيه ، وكلما قرب النوم من الطرفين قلَّ نفعه وكثر ضرره ، ولا سيما نوم العصر والنوم أول النهار إلا لسهران ، ومن المكروه عندهم : النوم بين صلاة الصبح وطلوع الشمس ، فإنه وقت غنيمة ، وللسير ذلك الوقت عند السالكين مزية عظيمة حتى لو ساروا طول ليلهم لم يسمحوا بالقعود عن السير ذلك الوقت حتى تطلع الشمس ، فإنه أول النهار ومفتاحه ، ووقت نزول الأرزاق ، وحصول القسم ، وحلول البركة ، ومنه ينشأ النهار ، فينبغى أن يكون نومها كنوم المضطر وبالجملة فأعدل النوم وأنفعه : نوم نصف الليل الأول وسدسه الأخير ، وهو مقدار ثمان ساعات ، وهذا أعدل النوم عند الأطباء ، وما زاد عليه أو نقص منه أثر عندهم في الطبيعة انحرافا بحسبه ، ومن النوم الذي لا ينفع أيضا : النوم أول الليل عقيب غروب الشمس حتى تذهب فحمة العشاء ، وكان رسول الله يكرهه ، فهو مكروه شرعا وطبعا " .

مراعاة الفوارق

ومن الخطأ الفاحش : معاملة الناس معاملة واحدة وعدم مراعاة اختلاف حال الأشخاص والقدرات ؛ فمن الناس من تقل عدد ساعات نومه بطبيعته ، ولا بد كذلك من مراعاة اختلاف البيئات ؛ فالبلاد الحارة غير البلاد الباردة ، والبلاد المزدحمة غير البلاد الهادئة ، ومراعاة اختلاف الأعمار كذلك ؛ فما يحتاجه الشاب غير ما يحتاجه الشيخ ، ومراعاة اختلاف الأعمال فأصحاب الأشغال الشاقة غير أصحاب الأعمال السهلة ؛ والأعمال البدنية غير الأعمال الذهنية ، ولا بد كذلك من فهم قضية البركة في الأوقات لدى الصالحين وإعطائها حقها ، ومن الخطأ عدم مغالبة النعاس الخفيف إن وُجِد والاستجابة لدواعيه ، ولو صمد صاحبه قليلا لانقشع عنه وزال وربح هو وقته ، وأخيرا فمن الخطأ الشائع الإكثار من جوالب النعاس ككثرة الطعام والتمدد الطويل في غير وقت النوم .

وأخيرا : عبادة النوم


واسمع كيف حوَّل صلى الله عليه وسلم نومه إلى عبادة ، وكيف علَّمنا ذلك من بعده لنتعبَّد الله تعالى حتى أثناء نومنا؟! فقد روت عنه عائشة رضي الله عنها أنه ( كان لا ينام حتى يقرأ بني إسرائيل والزمر ) ، وفي حديث آخر للعرباض بن سارية رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم ( كان لا ينام حتى يقرأ المُسبِّحات ، ويقول : فيها آية خير من ألف آية ) ، والمُسبِّحات هي السور التي افتتحت بقوله تعالى : ﴿ سَبَّحَ ﴾ أو ﴿ يُسبِّحُ ﴾ ، وهن سور : الإسراء ، والحديد ، والحشر ، والصف ، والجمعة ، والتغابن ، والأعلى.

إن شأن أي مقتد برسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقرأ هذه السور حتى يغلبه النعاس ، وكأن المراد أن تنام وأنت تقرأ القرآن ، وأن يكون هذا هو آخر ما ينطق به لسانك في يومك ، وقد بيَّن ابن القيم فضل هذا النوع من الذكر قبل النوم ، ورغِّبك فيه ، ووضَّح لك الحكمة منه ، وحسن العاقبة والجزاء عليه ، وكل هذا ليغريك فتواظب ، فقال :
" وبالجملة فلا يزال يذكر الله على فراشه حتى يغلبه النوم وهو يذكر الله ، فهذا منامه عبادة وزيادة له في قربه من الله " .

ومكافأة أخرى عظيمة عظيمة لمن نام وهو يذكر ربه نقلها لنا أبو أمامة رضي الله عنه فقال : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول : « من أوى إلى فراشه طاهرا وذكر الله تعالى حتى يُدركه النعاس ، لم ينقلب ساعة من الليل يسأل الله شيئاً من خير الدنيا والآخرة إلا أعطاه إياه »

 

شموخ سعوديه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 01-08-2014, 04:40 AM   #3

شموخ سعوديه

الصورة الرمزية شموخ سعوديه

 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
كلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية
التخصص: علم النفس
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
البلد: منطقة مكة المكرمة
الجنس: أنثى
المشاركات: 1,242
افتراضي رد: كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !



كثرة الكــــلام :

قال عطاء بن أبي رباح : " إن من قبلكم كانوا يعدّون فضول الكلام ما عدا كتاب الله أو أمر بمعروف أو نهي عن منكر أو أن تنطق في معيشتك التي لا بد لك منها ، أتذكرون أن عليكم حافظين كراما كاتبين ، عن اليمين وعن الشمال قعيد ، ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد ، أما يستحي أحدكم لو نشرت صحيفة التي أملى صدر نهاره وليس فيها شيء من أمر آخرته " .

إن من القلوب القاسية من لا يصلح معه إلا مثل هذه اللهجة القاسية ، وإن كثرة الكلام بالباطل لا تعالج إلا بقوة كلام الحق ، لكن عبد الله بن المبارك كان أخف لهجة حين خاطب من كان قلبه بين القساوة والحياة قائلا :

وإذا ما هممت بالنطق في الباطل فاجعل مكانه تسبيحا
فاغتنام السكوت أفضل من خوض وإن كنت في الحديث فصيحا


إن كثرة الكلام هي علامة واضحة على قسوة القلب لكن كثرة الكلام كذلك من أسهل الطرق الموصلة إليه ، لذا قال بشر بن الحارث : " خصلتان تقسيان القلب : كثرة الكلام وكثرة الأكل " ،
وأخطر من ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم :
« وإن أبغضكم إلي وأبعدكم مني في الآخرة أسوؤكم أخلاقا الثرثارون المتفيهقون المتشدِّقون » .

و « الثرثارون » أي الذين يُكثرون الكلام تكلفا وتشدقا ، و « المتفيهقون » هم مدَّعو الفقه الذين يتوسعون في الكلام ويفتحون به أفواههم تفاصحا وتفاخرا ؛ وهو مأخوذ من الفهق وهو الامتلاء والاتساع ، لأنه يملأ فمه بالكلام ويتوسع فيه إظهارا لفصاحته وفضله واستعلاء على غيره ؛ ليميل بقلوب الناس وأسماعهم إليه ، أما « المتشدِّقون » فهم الذين يتكلمون بأشداقهم ويتقعرون في مخاطبتهم من غير احتياط واحتراز ، لكن يبادرنا هنا سؤال :

ما الدافع إلى كثرة الكلام؟!

قال المناوي :
" كثرة الكلام تتولد عن أمرين : إما طلب رئاسة يريد أن يرى الناس علمه وفصاحته ، وإما قلة العلم بما يجب عليه في الكلام " .

فكثرة الكلام نابعة من قسوة القلب ، فإن القلب القاسي إما أن يمتلأ بحب الرئاسة أو يمتلأ غفلة وعدم إدراك عواقب الكلام ، وكلٌ منهما دافع إلى كثرة الكلام ، أما حب الرئاسة فيدفع صاحبه إلى التباهي بما فيه وما ليس فيه ، فيمتلئ فخرا وينطق زهوا ، وأما قلة العلم فتجعل صاحبها ينسى أنه محاسب على فلتات لسانه ومنتجات فمه ، فيكثر كلامه وإن كان فيه الهلاك ، وصدقك نصر بن أحمد النصيحة حين أنشدك محذِّرا :
لسان الفتى حتف الفتى حين يجهل ... وكل امرىء ما بين فكيه مقتل
وكم فاتحٌ أبوابِ شرٍّ لنفسه ... إذا لم يكن قفل على فيه مقفل
إذا ما لسان المرء أكثر هذره فذاك لسان بالبلاء مُوَكَّل
إذا شئت أن تحيا سعيدا مُسلَّما ... فدبِّر وميِّز ما تقول وتفعل


وإن كثرة الكلام مُهلكة مُهلكة حتى وإن كان الكلام مباحا ، لأنها ستجر حتما إلى الكلام الحرام ، والشيطان يستدرجك لينقلك من المنطقة المباحة إلى الدائرة المحرَّمة ، وكثرة السير في الأرض الموحلة لا بد أن تؤدي بصاحبها إلى الانزلاق في الوحل. قال عمر رضي الله عنه : " من كثر كلامه كثر سقطه ، ومن كثر سقطه قلَّ حياؤه ، ومن قلَّ حياؤه قلَّ ورعه ، ومن قلَّ ورعه مات قلبه " .

وحسب كثير كلامه أنه بمثابة منتظر الفتنة وموشك على الخطأ ، ويكفي قليل الكلام أنه ينتظر الرحمة ويدنو بإنصاته من الهداية والصواب.

ولأن العاقل يعلم أنه محاسب عن كل كلمة ، لذا يتفكَّر في كلامه أولا ، فإن كان لله أمضاه ، وإن كان لغيره حبسه ، لذا قلَّ كلامه ، وسكت عن كثير الكلام ، أما قاسي القلب فلا يعمل حسابا لقول أو كلام لذا ينطق بكل سوء ، ويزيد في منطقه دون خشية أو مراقبة ، إن القلب الحي مصفاة لكل قول سيء ، والقلب القاسي باب مفتوح لكلمات السوء. فعن الحسن البصري قال :
" كانوا يقولون إن لسان المؤمن وراء قلبه ، فإذا أراد أن يتكلم بشيء تدبره بقلبه ثم أمضاه بلسانه ، وإن لسان المنافق أمام قلبه فإذا هم بشيء أمضاه بلسانه ولم يتدبره بقلبه " .

وليست كثرة كلام المرء من العقل في شيء ، لذا كان من أحكم ما قيل : إذا تمَّ العقل نقص الكلام ، وقد قال المهلب بن أبي صفرة الأزدي :
" يعجبني أن أرى عقل الرجل الكريم زائدا على لسانه " ،
وهل أوفر عقلا وأكثر نبوغا من رسول الله صلى الله عليه وسلم؟! لذا كان من صفات كلام النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يُحدِّث حديثا لو عده العاد لأحصاه ، وهذا إشارة إلى قلة كلامه ، وفي هذا كذلك : الوقار والمهابة التي يلبس تاجها أحياء القلوب.

تاج الوقار وحسن سمت المسلم .. صمت المليء وحكمة المتـكلِّم

وقد جعل أبو الدرداء رضي الله عنه قلة الكلام من علامات الفقه ؛ ما هو بغزارة العلم ولا كثرة الرواية ، فقال رحمه الله : " من فقه الرجل قلة كلامه فيما لا يعنيه " .

أقلل كلامك واستعذ من شرِّه ... إنَّ البلاء ببعضه مقرون
واحفظ لسانك واحتفظ من عِيِّه ... حتى يكون كأنه مسجون
وكِّل فؤادك باللسان وقُْلْ له ... إنَّ الكلام عليكما موزون


وفي نهاية كلامنا عن كثرة الكلام يبادرنا سؤال :

هل لا بد لأحياء القلوب أن يكونوا قليلي الكلام؟!

والجواب : كلا ، وليس إذا كان الكلام صحيحا وفي الخير؟! ولذا لما عيب إياس بن معاوية بكثرة الكلام قال : وأما كثرة الكلام فبصواب أتكلم أم بخطأ؟ قالوا : بصواب. قال : " فالإكثار من الصواب أمثل " .

 

شموخ سعوديه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 01-08-2014, 05:08 AM   #4

شموخ سعوديه

الصورة الرمزية شموخ سعوديه

 
تاريخ التسجيل: Mar 2009
كلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية
التخصص: علم النفس
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: متخرج
البلد: منطقة مكة المكرمة
الجنس: أنثى
المشاركات: 1,242
افتراضي رد: كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !



كثرة المخالطـة :




والمقصود بها : مخالطة المرضى والاحتكاك بأموات القلوب ومعايشة قساة المشاعر الإيمانية والمبيت وسط من يذكِّرونك بالدنيا وليس لهم من الآخرة نصيب ، وهؤلاء يجرونك نحو النار جرا ويوصدون في وجهك أبواب الجنة ، وفيهم يقول ابن القيّم رحمه الله :

" وكم جلبت خلطة الناس من نقمة ، ودفعت من نعمة ، وأنزلت من محنة ، وعطَّلت من منحة ، وأحلت من رزية ، وأوقعت في بلية ، وهل آفة الناس إلا الناس ، وهل كان علي أبي طالب عند الوفاة أضرَّ من قرناء السوء ؛ لم يزالوا به حتى حالوا بينه وبين كلمة واحدة توجب له سعادة الأبد " .

وغني عن القول أن الصاحب جسر إلى الرحمة أو اللعنة ، والصديق سائق إلى الجنة أو النار ، لذا قصَّ الله تعالى علينا في القرآن قصة يوم الندم فقال :
﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلَى يَدَيْهِ يَقُولُ يَا لَيْتَنِي اتَّخَذْتُ مَعَ الرَّسُولِ سَبِيلًا * يَا وَيْلَتَا لَيْتَنِي لَمْ أَتَّخِذْ فُلَانًا خَلِيلًا ﴾ [ الفرقان : 27-28 ].

والقصة أن عقبة كان قد همَّ بالإسلام فمنعه منه أمية بن خلف وكانا صديقين ، وكان عقبة قد صنع وليمة فدعا إليها قريشا ، ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم فأبى أن يأتيه إلا أن يُسلم ، وكره عقبة أن يتأخر عن طعامه أحد من أشراف قريش فأسلم ونطق بالشهادتين ، فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم وأكل من طعامه ، فعاتبه خليله أمية بن خلف وكان غائبا ، فقال عقبة : رأيت عظيما ألا يحضر طعامي رجل من أشراف قريش ، فقال له خليله : لا أرضى حتى ترجع وتبصق في وجهه وتطأ عنقه وتقول كيت وكيت ، ففعل عدو الله ما أمره به خليله ؛ فأنزل الله عز وجل : ﴿ وَيَوْمَ يَعَضُّ الظَّالِمُ عَلى يَدَيْهِ ﴾ [ الفرقان : 27 ].

والظالم هنا هو عقبة بن أبي معيط وخليله هو أمية بن خلف ، ولم يُسمِّيا في الآية لأنه أبلغ في الفائدة ، ليُعلم أن هذا سبيل كل ظالم أطاع صاحبه في معصية الله.
قال مجاهد : " الظالم عام في كل ظالم " .

إشارة إلى كل ظالم اتخذ خليلا له يصده عن الذكر بعد إذ جاءه على يد نبيه ، ويصرفه عن ما فيه نجاته ، ليرتدع التابع ويرتجف رعبا هو يرى نفسه يُقرن بمن بصق في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وداس على عنقه وقُتل على يديه.

ومن يكن الغراب له دليلا .. يمرُّ به على جيف الكلاب

إن تأملا في من يُحشر معهم المرء يكفي للتخلص من أثر هذا السم في الحال ﴿ الأَخِلَّاْءُ يَوْمَئِذٍ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ إلا المُتَّقيْنَ ﴾ [ الزخرف : 67 ] ،
ولكن قساة القلوب من الظالمين أعاجم لا يفهمون لغة القرآن ، وهو سُم ليس لك تتهاون في تناول جرعة واحدة منه وإلا كان العطب ( لا تصاحب إلا مؤمنا ، ولا يأكل طعامك إلا تقي ).

وإن أي طالب للشفاء اليوم وباحث عن العافية سيفشل حتما ويظل متخبِّطا في الضلال والظلمة ، وكلما قام سقط ، وكلما تقدَّم تعثَّر ؛ ما لم يتخذ القرار المصيري الحاسم بهجر الرفقة المهلكة والتي تشده إلى الوراء وتهوي بإيمانه إلى الأسفل ، ولن تُجدي أبدا جرعة دواء ما دام يتبعها جرعة سم ، ولن تحصل عافية يوما ما دمت تُصبح وتُمسي بين أعداء العافية .. ألا فانتبه!!


كاذبٌ ثم كاذبٌ من ادعى قدرته على معايشة البيئة الفاسدة دون التأثر بغبارها ، لأن قلبه قلب بشر لا قلب مَلَك ، وسيتأثر حتما بالبيئة المحيطة سلبا أو إيجابا ، وإلا لماذا أمر الله رسوله المؤيد بالوحي والذي رأى الجنة والنار رأي العين بصيانة سمعه وبصره ومفارقة مجالس السوء؟ بل وحذَّره من أن يفتن بهم قائلا : ﴿ وَإِذَا رَأَيْتَ الَّذِينَ يَخُوضُونَ فِي آَيَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّى يَخُوضُوا فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ ﴾ [ الأنعام : 68 ] ،
فإذا كان هذا التحذير للنبي صلى الله عليه وسلم وهو أطهر القلوب وأنقاها وأشرفها وأزكاها ؛ بل وأبعدها عن التأثر بما يتأثر به غيره ، فكيف بغيره؟! بل لما ذهب إلى عرس من أعراس الجاهلية ألقى الله على عينيه بالنعاس صيانة له وحفظا.

سببا المرض


إن سبب الإقبال على صحبة السوء هو التشابه أو الغفلة ، فأما التشابه فقد كان مالك بن دينار يقول : " لا يتفق اثنان في عِشرة إلا وفي أحدهما وصفٌ من الآخر ، وإن أجناس الناس كأجناس الطير ، ولا يتفق نوعان من الطير في الطيران إلا وبينهما مناسبة. قال : فرأى يوما غرابا مع حمامة فعجب من ذلك ، فقال : اتفقا وليسا من شكل واحد ، ثم طارا فإذا هما أعرجان ، فقال : من ها هنا اتفقا " .

ولذلك قال بعض الحكماء : كل إنسان يأنس إلى شكله ؛ كما أن كل طير يطير مع جنسه ، وإذا اصطحب اثنان برهة من زمان ولم يتشاكلا في الحال فلا بد أن يتفرقا ، وهذا معنى خفي فطن له الشعراء حتى قال قائلهم :

وقائل كيف تفارقتما ... فقلت قولا فيه إنصاف
لم يك من شكلي ففارقته ... والناس أشكال وألاف


وأما الغفلة فالمقصود بها : عدم الانتباه إلى سهولة انتشار العدوى وعموم البلوى بالمخالطة ، والإنسان بطبعه وحكم بشريته يتأثر بصديقه وجليسه ، ويكتسب أخلاق قرينه وخليله ؛ لأن رفقة السوء أعدى من الجرب ، ولربما يعدي السليمَ الأجربُ ، وقد قال ابو قدامة في كلام مختصر حواه كتابه مختصر منهاج القاصدين ، وهو يرصد فيه ما خفي عن غيره من الأطباء والمرضى من عواقب رفقة السوء :

" مسارقة الطبع من أخلاقهم الرديئة ، وهو داء دفين قلما ينتبه له العقلاء فضلا عن الغافلين ، وذلك أنه قلّ أن يجالس الإنسان فاسقا مدة ، مع كونه منكرا عليه في باطنه ، إلا ولو قاس نفسه إلى ما قبل مجالسته لوجد فارقا في النفور عن الفساد ، لأن الفساد يصير بكثرة المباشرة هيِّنا على الطبع ، ويسقط وقعه واستعظامه ، ومهما طالت مشاهدة الإنسان الكبائر من غيره ، احتقر الصغائر من نفسه " .‏

ومن آثار صحبة السوء : الرضا عن النفس ، وما حال مريض يقارن نفسه بالأموات؟! أو يفرح أن وجد نفسه أعور بين قطيع من العُمي؟! أو يظن بنفسه الخير أن كان يهوي إلى أسفل وغيره أسفل منه ؛ كلاهما يهوي لكنه مطمئن أن أخاه أقرب منه إلى الهاوية!! وهو معنى قول ابن عطاء : ربما كنت مسيئا فأراك الإحسان صحبة من هو أسوأ حالا منك.

ومن آثارها : حالة الموت السريري أو ترك الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، لأن مخالطة الفاسدين تُضعِف قوة الإنكار في القلب ، ومع مرور الوقت تنعكس المشاعر ، وتتحول كراهة المنكر إلى حب له واستئناس به ، وحتى إن لم تنطمس الفطرة وتصل إلى هذا المنحدر يكون السكوت عن الإنكار حتى لا يخسر الصديق صديقه أو حتى يؤذي مشاعره!!
وجَّه علي باشا ماهر الدعوة للإمام الشهيد حسن البنا لحضور حفل زفاف ابنه بالإسكندرية ، فذهب الأستاذ المرشد إلى الإسكندرية ونزل عند الإخوان ، وكلف الأستاذ أحد الإخوة الذين رافقوه بالذهاب إلى الحفل ، وقال له : إذا لم تجد أي مخالفة شرعية فاتصل بي تليفونيا حتى أحضر ، وإذا وجدت ما يسبب أي حرج فقم أنت بالواجب ، وانتظر الأستاذ فترة ، ولم يتصل الأخ ، فقال الأستاذ للإخوان : ألا توجد مناسبة عند أحد الإخوة؟ قالوا : بلى ، عند فلان عقد زواج ، فذهبوا جميعا ، وكانت مفاجأة سارة ، وعمت الفرحة والبهجة .


ومن آثارها نفور الصالحين منك بعد أن أدنيت أهل السوء ، وهي وصية الواعظ أبي حازم لما دخل على أمير المدينة ، فقال له : تكلم. قال له : " انظر الناس ببابك ، إن أدنيت أهل الخير ذهب أهل الشَّر ، وإن أدنيتَ أهل الشَّر ذهب أهل الخير " .

فإذا وجدت الصالحين يهربون منك ولم تجد حولك غير قساة القلوب ، فاعلم أنك أنت السبب ، فلا يدخل الضوء مكانا حتى يطرد الظلام ، ولا يملؤ العسل وعاءً مُلئ بالعلقم.
ولهذا حذّر عالم المدينة وسيد التابعين في زمانه سعيد بن المسيب [ ت : 94 ] من مجرَّد النظر إلى الفئة الضالة فضلا عن مخالطتهم ؛ فقال متخذا أقصى درجات الحيطة ومتجنبا أولى خطوات الانهيار والسقوط :

" لا تنظروا إلى الظلمة فتحبط أعمالكم الصالحة ؛ بل هؤلاء لا سلامة في مخالطتهم ، وإنما السلامة في الانقطاع عنهم "





من موقع "الكلم الطيب" مع قليل من الإضافات :

الكلـــم الطيــب

 


التعديل الأخير تم بواسطة شموخ سعوديه ; 01-08-2014 الساعة 05:11 AM.
شموخ سعوديه غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 01-08-2014, 07:05 AM   #5

نبراس الخير

عـآجزة عن شكرك يـآرب~

الصورة الرمزية نبراس الخير

 
تاريخ التسجيل: Jul 2011
كلية: كلية الآداب والعلوم الانسانية
التخصص: علم نفس
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: الثامن
البلد: جــــدة
الجنس: أنثى
المشاركات: 303
افتراضي رد: كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !

جزاكِ الله خير أختي

أشكرك من قلبي , في نقاط كثيرة كنت غافلة عنها .. !

أسال الله أن يعفو عنا و يتجاوز عنا سيئاتنا ..

الله يعطيكِ العافية

 

توقيع نبراس الخير  

 




باقي سمستر و اتخرج بـإذن الله ~ نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

أثق بك ربي ~

يـــارب ..


نقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة

 

نبراس الخير غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 02-08-2014, 12:55 AM   #6

Sona12

جامعي

الصورة الرمزية Sona12

 
تاريخ التسجيل: Jan 2014
كلية: كلية الهندسة
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: الثالث
البلد: مكة المكرمة
الجنس: أنثى
المشاركات: 120
افتراضي رد: كثرة الأكل - كثرة النوم - كثرة الكلام !

جزاك الله خير ع الموضوع الجميل

 

Sona12 غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 12:30 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2024, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

أن كل ما ينشر في المنتدى لا يمثل رأي الإدارة وانما يمثل رأي أصحابها

جميع الحقوق محفوظة لشبكة سكاو

2003-2023