وقفة مع الشيخين رضي الله عنهما

[ثامر الحمدان]

وقفة مع الشيخين رضي الله عنهما

أبو بكر الصديق وعمر الفاروق رضي الله تعالى عنهما أفضل الرجال بعد الأنبياء عليهم الصلاة والسلام .. آمنا بالله تعالى وصدقا نبيه صلى الله عليه وسلم أعز الله بهما الإسلام ونصر بهما الملة .. وهذه وقفة معهما رضي الله تعالى عنهما .

ترجمة موجزة لهما رضي الله تعالى عنهما :

أ : أبو بكر الصديق عبدالله العتيق بن عثمان أبي قحافة بن عامر التيمي القرشي , ولد بعد عام الفيل بسنتين وأشهر , أمه هي أم الخير سلمى بنت صخر التيمية القرشية .

خليفة النبي صلى الله عليه وسلم وأفضل الرجال بعد الأنبياء عليهم السلام , وكان من علماء الصحابة بل أعلم الصحابة .

كان من سادة قريش في الجاهلية حيث كان إليه أمر الديات والمغرم , كانت العرب تلقبه بعالم قريش لعلمه بالأنساب والأخبار, إشتغل بالتجارة وكان محبوباً لين الجانب حسن الخلق .

قال عنه ابن الدغنة (عندما أجار أبا بكر) لقريش : أتخرجون رجلاً يكسب المعدوم ويصل الرحم ويحمل الكل ويقري الضيف ويعين على نوائب الحق .

لم يسجد لصنم قط وكان ممن حرم على نفسه الخمر . وكان كريماً سخيا رحيما.

كان بينه وبين النبي صلى الله عليه وسلم صحبة في الجاهلية وكان أول من أسلم من الرجال واختصه الله تعالى بصحبة النبي صلى الله عليه وسلم في الهجرة .

صحب النبي حياتهُ ومماتهُ ... وبجنةِ الفردوسِ حقاً يصحبُ

قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : "إن الله بعثني إليكم فقلتم كذبت وقال أبو بكر صدق وواساني بنفسه وماله فهل أنتم تاركو لي صاحبي ".

وقال صلى الله عليه وسلم : " أرحم أمتي بأمتى أبو بكر " .

قالت أم المؤمنين عائشة عليها السلام :كان أبو بكر رجلاً أبيضاً خفيف العارضين , نحيل الجسم أجنأ لا يستمسك إزاره بل يسترخي من حقويه لشدة نحافته , معروق الوجه , ناتيء الجبهة , عاري الأشاجع .

توفي في السنة الثالثة عشرة من الهجرة وعمره ثلاث وستون سنة .

ب: أبو حفص عمر الفاروق بن الخطاب بن نفيل العدوي القرشي , ولد بعد الفيل بثلاث عشرة سنة , أمه حنتمة بنت هشام المخزومية .

هو خليفة أبي بكر الصديق وأمير المؤمنين وأفضل الرجال بعد الأنبياء عليهم السلام وبعد أبي بكر الصديق رضي الله عنه , وكان من علماء الصحابة .

كان من سادة قريش في الجاهلية وكانت له سفارة قريش , إشتغل بالتجارة وكان من أثرياء قريش وكان فارساً شجاعاً وعرف بالشدة .

أسلم في السنة الخامسة من البعثة وأعز الله تعالى به الإسلام .

قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم : " إنَّ الله جعل الحق على لسان عمر وقلبه "

وقال صلى الله عليه وسلم : " لو كان بعدي نبي لكان عمر " .

كان رضي الله عنه بائن الطول أبيضاً مشرباً بالحمرة جهوريَّ الصوت أصلعاً وكان رجلاً مهابا .

توفي رضي الله شهيداً سعيداً في السنة الثالثة والعشرين من الهجرة قتله أبو لؤلؤة المجوسي , وعمره ثلاث وستون سنة .

كان هذا تعريفاً موجزاً بالشيخين رضي الله عنهما وليس الغرض التعريف بهما فهما أشهر من أن يعرفا ولا يستوعب سيرتهما العطرة كتاب مبسوط لكن أقف مع ثلاثة مواقف إشترك فيهما الشيخان رضي الله تعالى عنهما

الموقف الأول : بعد أن نصر الله تعالى عبده ونبيه محمداً صلى الله عليه وسلم وإخوانه المؤمنين في معركة بدر الكبرى , كان هناك أسرى من كفار قريش فاستشار النبي صلى الله عليه وسلم وزيريه أبا بكر وعمر رضي الله عنهما .

قال أبو بكر رضي الله عنه : يا رسول الله هؤلاء بنو العم والعشيرة والإخوان , وإني أرى أن تأخذ منهم الفدية فيكون ما أخذناه قوة لنا على الكفار وعسى أن يهديهم الله فيكونوا لنا عضدا .

وقال عمر رضي الله تعالى عنه : والله ما أرى ما رأى أبو بكر ولكن أرى أن تمكنني من فلان وذكر قريبا له فأضرب عنقه , وتمكن علياً من عقيل ابن ابي طالب أخيه فيضرب عنقه , وتمكن حمزة من فلان أخيه فيضرب عنقه حتى يعلم الله أنه ليست في قلوبنا هوادة للمشركين وهؤلاء صناديدهم وأئمتهم وقادتهم .

ورأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه مناسب لما عرف به الصديق من الرحمة , ورأي عمر الفاروق رضي الله عنه مناسب لما عرف به من الشدة .

فمال النبي صلى الله عليه وسلم لرأي أبي بكر الصديق رضي الله عنه وأخذ الفداء

فأنزل الله تعالى قرآناً : " مَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَكُونَ لَهُ أَسْرَى حَتَّى يُثْخِنَ فِي الأَرْضِ

تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيَا وَاللَّهُ يُرِيدُ الآخِرَةَ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ , لَّوْلاَ كِتَابٌ مِّنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيمَا أَخَذْتُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ " .

الموقف الثاني : في اليوم الذي إنقطع الوحي من السماء بوفاة سيد الأنبياء عليه الصلاة والسلام وانتقاله إلى الرفيق الأعلى يومٌ أظلمت فيه المدينة فموت النبي صلى الله عليه وسلم أعظم رزية وأكبر مصيبة عرفها التاريخ الإنساني .

قال حسان رضي الله عنه :

فما فقد الماضون مثل محمدٍ .. ولا مثله حتى القيامة يـُفقدُ

وقالت فاطمة الزهراء عليها السلام : يا أبتاه أجاب رباً دعاه , يا أبتاه في جنة الفردوس مأواه , يا أبتاه إلى جبريل ننعاه .

في هذا اليوم ومن شدة وقع خبر وفاة النبي صلى الله عليه وسلم على النفوس إختلفت أحوال الصحابة فمنهم من لزم بيته كعثمان وعلي رضي الله عنهما ومنهم من صدق ومنهم من كذب الخبر .

أما عمر رضي الله عنه فعندما بلغه الخبر أخذ يهدد ويتوعد وسل سيفه ويقول إنّ رجالاً من المنافقين يزعمون أن رسول الله توفي , وإنه ما مات ولكنه ذهب إلى ربه كما ذهب موسى بن عمران وغاب عن قومه أربعين ليلة ثم رجع إليهم بعد أن قيل مات والله ليرجعن رسول الله كما رجع موسى فليقطعن أيدي رجال وأرجلهم زعموا أنَّ رسول الله مات .

أما أبو بكر رضي الله عنه فحين جاءه الخبر دخل على رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة عليها السلام والنبي مسجى في ناحية من البيت فأقبل حتى كشف عن وجهه فقبله وبكى وقال بأبي أنت وأمي أما الموتة التي كتبها الله عليك فقد ذقتها ثم لن تصيبك بعدها موتة أبداً ثم رد الثوب على وجهه .

خرج ابو بكر رضي الله عنه إلى المسجد وعمر رضي الله عنه يكلم الناس فأشار أبو بكر لعمر أن أنصت فأبى عمر إلا أن يستمر في كلامه ووعيده , فكلم أبو بكر الناس وانصرفوا عن عمر وأقبلوا إليه .

فحمد الصديق الله وأثنى عليه ثم قال : أيها الناس من كان يعبد محمداً فإنَّ محمداً قد مات ومن كان يعبد الله فإنَّ الله حيٌّ لايموت ثم تلا قول الله تعالى : "وَمَا مُحَمَّدٌ إِلاَّ رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِن قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِن مَّاتَ أَوْ قُتِلَ انقَلَبْتُمْ عَلَى أَعْقَابِكُمْ وَمَن يَنقَلِبْ عَلَىَ عَقِبَيْهِ فَلَن يَضُرَّ اللَّهَ شَيْئًا وَسَيَجْزِي اللَّهُ الشَّاكِرِينَ" .

فحين سمع الناس قول أبي بكر أيقنوا بموت النبي صلى الله عليه وسلم وأيقن عمر .

فانظر إلى ثبات الصديق رضي الله عنه في هذا الموقف العظيم الذي تحار فيه العقول .

الموقف الثالث : بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حصلت الردة عن الإسلام عند كثير من القبائل وبعضهم لم يكفر لكنه إمتنع عن أداء الزكاة .

وفي شأن مانعي الزكاة إختلف الصديق والفاروق في بداية الأمر .

كان الصديق يرى وجوب قتال مانعي الزكاة .

قال عمر لأبي بكر كيف تقاتلهم والنبي صلى الله عليه قال : " أَمرتُ أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله، فمن قال: لا إله إلا الله، فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحقه، وحسابه على الله "

فقال أبو بكر : والله لأقاتلنّ من فرق بين الصلاة والزكاة ، والله لو منعوني عناقاً لقاتلتهم على منعهم .

فرجع عمر لرأي أبي بكر رضي الله عنهما , فقاتلوا المرتدين وفتح الأمصار وانتشر الإسلام فرضي الله عنهما وعن جميع الصحابة الكرام .

قال عمرو بن العاص رضي الله عنه قلتُ للنبي صلى الله عليه وسلم من أحب الناس إليك قال : عائشة قلتُ من الرجال قال : أبوها قلتُ ثم من قال عمر .

قال الإمام القحطاني رحمه الله تعالى في نونيته :

قل إنَّ خير الأنبياء محمدٌ ...وأجلُ من يمشي على الكثبانِ

وأجلُ صحب الرسل صحب محمدٍ ... وكذاك أفضل صحبه العمرانِ

رجلان قد خلقا لنصر محمدٍ ... بدمي ونفسي ذانك الرجلانِ

فهما اللذان تظاهرا لنبينا ... في نصره وهما له صهرانِ

بنتاهما أسنى نساء نبينا ... وهما له بالوحي صاحبتانِ

أبواهما أسنى صحابة أحمدٍ ...يا حبذا الأبوانِ والبنتانِ

وهما وزيراه اللذان هما هما ...لفضائل الأعمال مستبقانِ

وهما لأحمد ناظراه وسمعهُ ... وبقربه في القبر مضطجعانِ

كانا على الإسلام أشفق أهلهِ ...وهما لدين محمد جبلانِ

أصفاهما أقواهما أخشاهما ... أتقاهما في السر والإعلانِ

أسماهما أزكاهما أعلاهما ... أوفاهما في الوزن والرجحانِ

صديق أحمد صاحب الغار الذي ...هو في المغارة والنبي إثنانِ

أعني أبا بكر الذي لم يختلف ... من شرعنا في فضله رجلانِ

هو شيخ أصحاب النبي وخيرهم ... وإمامهم حقاً بلا بطلانِ

وأبو المطهرةِ التي تنزيهها ... قد جاءنا في النور والفرقانِ

أكرم بعائشة الرضى من حرةٍ ...بكر مطهرة الإزار حصانِ

هي زوج خير الأنبياء وبكرهُ ... وعروسه من جملة النسوانِ

هي عرسهُ هي إلفهُ هي أنسهُ ...هي حبهُ صدقاً بلا إدهانِ

أو ليس والدهما يصافي بعلها ... وهما بروح الله مؤتلفانِ

لما قضى صديق أحمد نحبهُ ... دفع الخلافة للإمام الثاني

أعني به الفاروق فرق عنوةًَ ... بالسيف بين الكفر والإيمانِ

هو أظهر الإسلام بعد خفائهِ ... ومحا الظلام وباح بالكتمان

ومضى وخلى الأمر شورى بينهم ... في الأمر فاجتمعوا على عثمانِ

من كان يسهر ليلهُ في ركعةٍ ... وتراً فيكمل ختمة القرآنِ

ولي الخلافة صهر أحمد بعدهُ ... أعني عليَّ العالم الرباني

زوج البتول أخو الرسول وركنهُ ... ليث الحروب منازل الأقرانِ

سبحان من جعل الخلافة رتبةً ... وبنى الإمامة أيما بنيانِ

واستخلف الأصحاب كي لا يدعي ... من بعد أحمد في النبوة ثانِ

اللهم صل وسلم وبارك على عبدك ونبيك محمد وعلى صاحبيه أبي بكر وعمر وجميع الصحابة واحشرنا معهم يا رب العالمين .

" وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ

اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا

ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ "

رقم : سعيد بن صالح بن علي الحمدان

منقول

[الجوري و الورد]

[خلود 99]

رضي الله عنهم

جزاك المولى خير الجزاء ونفع بك
وألبسك لباس التقوى والغفران
وجعلك ممن يظلهم الله في يوم لا ظل إلا ظله
وعمر الله قلبك بالإيمان

[صوت الفجر]

//

اللهم آرض عن ابوبكر وعمر وعثمان وعلي
وسائر الصحابة آجمعين ،، واحشرنآ معهم ووالدينا والمسلمين آحمعين


شكرآ لك على طرحك آخي الكريم ~


..

[sara a7md]

جزاك الله خير

[سلطان حكمي]

جزاك الله خير الجزاء

[عبدالرحمن - 12]

جزاك الله خير وجعله في ميزان حسناتك

[ثامر الحمدان]

جزاكم الله خيرا