وداع ... الأصيل

[القنديل]

لملمت الرسائل الورقية التي كتبها بيده وهي ترنو بنظرها إلى الشمس من شباك غرفتها .

وفجأة دست الرسائل في حقيبتها اليدوية وهرعت بإتجاه باب

المنزل تسابق غروب الشمس لئلا تغرب الشمس قبل أن تلتقيه .....

فقد كان يسند ظهره إلى كرسي خشبي عصر كل يوم على الشاطئ

حتى غروب الشمس ثم يعيد أدراجه إلى منزله ,

تسابق الزمن تجري تارة وتهرول تارة أخرى ،حتى بدت لها

الشواطىء المتكسرة على الصخور وأبصرته على هيئته التي عهدتها .

نظارته الشمسية الشديدة السواد ، كرسيه الخشبي العتيق ،سكونه التام الذي يوحي بأنه دميه ، ...

ألتقطت أنفاسها جراء لهثها وهي تختلس نظرة للشمس التي أصبحت قاب قوسين أو أدنى من الغروب .

جرت خطاها المتثاقلة بإتجاهه ، والحزن يملأ قلبها حتى وقفت عليه .

شعر بها والتفت إليها مرحبا .


لكنها لم ترد ،تحرك من كرسيه ووقف أمامها ينظر إليها دون أن يحدث أحدهما الآخر .

وبدا كتمثالين على الشاطئ حيث لا صوت إلا صوت الأمواج المتكسرة على الصخور .

بادرت بالتحرر من هذا الوجوم بأن دست يدها في حقيبتها وأخرجت رسائله وألقت بها بين يديه .


وسمحت لدمعة ساخنة أن تعبر خدها وأدارت ظهرها له ،وللبحر،وللشمس التي أختفى نصفها خلف البحر .

تركته تمثالا وعادت لمنزلها فلفظ غصته بنشيج ودموع وهو يلملم رسائله .

غابت عنه خلف البنايات ،وغاب هو في ظلام الحزن ،وغابت الشمس خلف البحر،وغاب النور في الظلام ..

صوت المنبه أنهى هذه المأساة بصوته المتصاعد .

فهتف كالمجنون:



الإمتحان ، الحق بالإمتحان


وفي الوقت نفسه يتلو آيات الحمد أن ذاك حلما ليس إلا .

وهو في طريقه للجامعة همس لها .

جده ، لا تودعيني فالعشق ليس لأحد سواك .

موعدنا مع الأصيل نتظرك .

أبقي الرسائل في غرفتك .

جده ..... جده