مُصيبه المَطر

[تركي السبيعي]

السلام عليكم ورحمه الله وبركاته
اعتذر إن كان الموضوع ليس في المكان الصحيح ، اتمنى ان تكونوا بخير وصحه بعد فاجعه البارحه

==============

لان البحر الأحمر عشق جده إتخذها عروساً له ، وهذا ما آثار حفيظه المطر للإنتقام ، كيف لها آن تفضل ذاك المالح علي ؟
لم يتبقى من كرامه الإنسان هُنا في جده من بقايا ، رحلت كرامات النفس وحقوقها المشروعه ، اخذت تطفح بين قاذورات الشوارع و تسبح في مستنقع ضياع مُبهم لا يُفضي الى حل ولا جدوى .

لا داعي للحُزن والخوف وترقب القادم المُريع ، علينا جميعاً التمرس على إداره أزمات مُستقبليه كهذه ، سكان جده البسطاء موعودين بالخير العظيم بعد سنوات من الآن سيتحولون الى مرشدين ومُدربين ، أما من فقد منهم غالي أو قريب سيوكل إليه قياده فريق عمل «للتعافي من الكوارث» عند كُل نازله تحل بمُدن أخرى مُحتمله الغرق.
الإستنفار الآمني لا يعرف عن الإستنفار شيىاً غير المسميات وهو أيضاً يضرب عرض الحاىط غرق جده ويغرق مثلها في نومه نهايه الأسبوع غير مُكترث بأن أصدق ساعات عمله ساعه الصفر وبانه وحده من يعمل عندما يبقى الجميع في منازلهم يرتجون من الله الرحمه والسلامه.
من أين ورثتِ هذا البؤس ياجده ؟ ولماذا تقودين الجميع بخطى حثيثه نحو موت مؤكد ؟ لماذا يَصعب علينا في طرقاتك أن نُقحم أجسادنا في مواكب الأحياء ؟ لماذا تشاركين عزراىيل قسطاً من إجتثاث الأرواح ؟ وما المبرر ليمتلى قلبك بساديه لا تُضاهى ؟ جده ، أتعلمين أي حزن يبعث المطر ؟ وكيف يشعر الوحيد فيه بالضياع ؟ * ، بماذا أرثيك ياغريقه البحر الاحمر ؟ وأي لغه تلك التي نُعزي بها أنفسنا ؟


“
لمن نشكوا مآسينا ؟
ومن يُصغي لشكوانا ويُجدينا ؟
أنشكو موتنا ذلاً لوالينا ؟
وهل موتٌ سيحيينا ؟!
قطيعٌ نحنُ .. والجزار راعينا
ومنفيون ...... نمشي في أراضينا
ونحملُ نعشنا قسرًا ... بأيدينا
ونُعربُ عن تعازينا ...... لنا .. فينا !!!
“
« أحمد مطر»
عند محاولتي لإقتباس حُزن أدبي يليق بمقدار الدمار الحاصل في جده وبمقدار ألم من عايشها لحظات الفاجعه ، لم أجد طريق حزن سالكه أفضل من الحزن العراقي في تصوير مدى الكارثه ، حتى المطر كان جزءاً من أسم القصيده الآولى و جزءاً آخرى من إسم الشاعر الثاني.
جده الأن لها سلوك مختلف وعقيده اخرى وذاكره جديده ، تناستها الأفراح وعمها هدوء جناىزي يُشارك ليلها العويل والصياح ، انها ليله مُريعه و مُتخمه بالعذاب والضنى ، إنها مظله شقاء تحشرنا جميعاً تحت سطوتها بلا عطف او رحمه ، أما عن غد فهو صباح يُشرق بالآلم ، وفي أعيننا جميعاً دمع يفوق الكميه التي أغرقت جده ، فصبراً آل جده ، شكاوينا كشهقه المحتضر الأخيره ، والكثير في مناطق مختلفه من جده بات همهم توسل العيش ، انشروا فضيحه جده على حبال الشكوى ، سعياً وإيمانا مِِنا أن لرب القدر وحده ، القدره على تجفيفها من خزيها، إنها مبتله ورطبه ومرعوبه من بشاعه من سلمتهم نفسها فخذلوها
سيستسلم اهل جده طوعاً ، لقدرهم الباىس هذا ، دهراً طويلاً بلا جديد يُذكر عدا عدد الوفيات والخساىر المُتناقصه بعد تراكم عنصري الخبره والمران حتى يحين الوقت الذي تصبح فيه مثل هذه الظواهر فتره موسميه مُمتعه يشد الناس إلى جده رحالهم لحضورها ،

بعد سنوات من الأن وبعد نصيب وافر من كوارث تراكميه كهذه وعدد ضخم من الفقد سيغدوا الأمر روتينياً إعتيادياً موسمياً لا يُصعد ولا يُثار ولا يُطرح كنقاش اصلاً ، قد يرتبط بجده ليكون الجانب المُظلم فيها ، الى أن يآتي فرج الله وتحل هذه المصيبه حلاً جذرياً لا يقبل لها أن تُمارس الكَره مُجدداً سنبكي ونتحسر ، آآآآآه كم فقدت جده روعتها وكم فقدت طُرقاتها وأنفاقها مُتعه الغرق والموت والفقد.


من لا يعرف السباحه ، لا يعرف كيف يتشبث بالحياه في جده .


* أبيات من قصيده أنشوده المطر للشاعر العراقي بدر شاكر السياب