
01-09-2009, 06:28 AM
|
|
|
|
تاريخ التسجيل: Apr 2008
التخصص: ادارة عامة
نوع الدراسة: إنتساب
المستوى: الثامن
الجنس: ذكر
المشاركات: 93
|
|
( يحي الأمير ) واكتشاف نظرية ( الاختطاف ) التربوية !
( يحي الأمير ) واكتشاف نظرية ( الاختطاف ) التربوية
إضافة إلى منتدى وزارة التربية والتعليم الرسمي الذي يشك في اختطافه ، فإنه يوجد في فضاء الانترنت أكثر من عشرين منتدى للتعليم السعودي ، وأكثر من ثلاث صحف إلكترونية، سيجد المتابع لتلك المنتديات أن مواضيع المعلمين ونقاشهم فيها لا يتعدى همومهم واهتماماتهم ، فحديثهم لا يفتر عن الرواتب والمستويات ، والحصص وأنصبتها ، والوسائل وأهميتها ، والمدارس وصلاحيتها، والنقل وشروطه ، والاستراتيجيات وتطبيقاتها ، والبيئة ، والنظريات ، والتحاضير ، والتقويم .... ولكن الشيء الذي لم يتناقشوا فيه هو أن التعليم مختطف من قبل طائفة معينة ، تهيمن عليه وتعادي التطوير ألا وهم المتدينون!
(نظرية الاختطاف ) ومسؤوليتها عن تخلف التعليم ، لم يعرفها المعلمون ولا سمعوا بها ، ولم يكتبوا عنها بشكل واضح ، ولا شائع في المنتديات ، وحتى لا ندعي علم الغيب ، فربما تبنى تلك النظرية واحد أو اثنان ، بعد أن درسوها على يد مكتشفها ( يحي الأمير ) الذي أثبتها في مسلسل (طاش ما طاش ) بالسخرية والإضحاك . وماذا ينتظر المشاهد الواعي من رجل يحمل ملء رأسه أفكارا ومشكلات مع المتدينين ، بل لديه إشكالات فكرية مع آيات قرآنية ، وأحاديث نبوية ، عبر عنها في بعض البرامج الإعلامية ؟ فما هي الفائدة التي سيتحف مثل هذا المجتمع بها عندما يؤلف إحدى حلقات ( طاش ما طاش ) سواء عن التعليم أو عن غيره من القضايا ؟
أنا أحد الذين يعملون في الميدان التعليمي ، وسمعت عن تلك الحلقة ، وقادني الاهتمام وضجة الكتابات عنها إلى تتبعها في شعاب الانترنت ، وبعد متابعتي الدقيقة لمشاهدها ، لم أجدها إلا حلقة فارغة من الحقائق ، لا تتطابق مع مشهدنا التعليمي ، ولا تنسجم مع همومنا الميدانية ، وإنما تستغل دغدغة عواطف المشاهدين وإضحاكهم حتى ترسخ فيهم (نظرية الاختطاف ) التي تصور أنها معضلة أمام التطوير .
ولست هنا في موقف تزكية التعليم من الأخطاء ، فإننا كمنسوبين إليه نعرف عيوبنا الفردية والجماعية والنظامية ، وهي تختلف بحسب تنوع المدارس ، وإدارات التربية ، ومدى كفاءة وإخلاص العاملين فيها ، وهناك جملة من المعوقات الخارجية التي أدت إلى تقليص الدافعية لدى المعلمين ، مثل تدني مستويات الرواتب ، وضغط الأنصبة الزائدة ، والفصول الممتلئة ، إضافة إلى كثرة الأعمال الشكلية والورقية ، سواء كان ذلك في الأنشطة ، أو الأعمال الإجرائية والإدارية .
وأؤكد - إيضاحا للقارئ - بأننا لن نستفيد من التطوير أيا كان ما لم يتم علاج تلك القضايا الأساسية ، فإن تطوير الاستراتيجيات والوسائل والمناهج سيبقى ضعيف الأثر أمام تلك المعضلات الأولية ، والتي جعلت المعلم يتراخى أو يتسلق سلم الهروب من الفصل والطلاب إلى الوكالة والإدارة والإرشاد والإشراف التربوي ، وكم أتمنى أن تصور مثل هذه القضايا الواقعية في مشاهد حتى يعرف المجتمع الواقع الذي يعانيه المعلمون والطلاب على السواء ، فإن النقد الصادق مقصد نبيل لا ينكره أحد .
وبعد هذا التوضيح أقف عند تلك المشاهد الفارغة من حلقة ( طاش ما طاش ) التعليمية ، حيث لم أرها تتناول تلك الإشكالات ! ولم تطرح أي معنى حقيقي للتطوير ؟ فهي لم تكن إلا كمثيلاتها من الحلقات تحاول كسب جمهورها المعني بالتفكه والضحك أكثر من توضيح الخلل على وجهه الحقيقي ، فضلا عن أن مشاهد السخرية والاستهزاء لا تستطيع أن تعالج قضية أو تصلح مجتمعا ، بل قد تزيده انتكاسة وإيلافا للمشكلة إن كانت فيه ، وفتنة وخصومة إن لم تكن فيه .
إن تلك الحلقة قد قفزت متخطية كل مشاكل التعليم ، إلى الأهداف والأغراض التي تعكس مشكلة ( يحي الأمير ) مع المتدينين، إذ لا يهم الرجل أي إصلاح ولا تطوير ، وما همه إلا إعادة فتح ثغرة جديدة ليهاجم المتدينين أيا كانوا ، وفي أي قطاع يعملون ، لقد قفزت الحلقة إلى تأصيل مشكلة وهمية ، وتبني نظرية جديدة ، ما سمعنا بها في تعليمنا ونحن نعيش قضاياه بشكل يومي ، فهي لا توجد إلا في إفرازات عقل ( يحي الأمير ) ومن يوافقه في أرائه . ومن عجائب التطبيل لتلك الحلقة ، ما يقوله (سعد الموسى) معجبا بما توصل إليه ( يحي الأمير ) من اكتشاف في مقالته (( يحيى الأمير وطاش: الكتابة إلى الفراغ ) حيث يقول : " فإنه لم يكتب سوى الذي يعرفه الجميع ويقول به المجموع ويقر به السواد الأغلب من المجتمع " وأقول تعقيبا إنه بإمكان الراصد المحايد أن يستدرج منتديات التعليم التي تتجاوز العشرون منتدى ويتصفح صحفه ومقالاته ، والمعلمون من سواد المجتمع ، وهم أكثر موظفي الدولة ، فإنه لن يجد أي موضوع هناك ، يتحدث عن تلك النظرية السخيفة، مما يسقط فرية ( السواد الأغلب والمجموع ) ، وإن كان هناك كتابة شاذة لا نعلمها ، فهي لا تعدو أن تكون لبعض الصحفيين الذين يتبنون اكتشافات ( يحي الأمير ) ونظرياته ، حيث يأتون بالعجائب عندما يتكلمون فيما لا يفقهون !
وبعيدا عن المنتديات نأتي إلى الواقع ، وأقول تأكيدا على أن تلك الحلقة ليس فيها إلا اختلاق الكذب، فإنه لا يعرف داخل الدوائر التعليمية ، أن رجال التعليم ينقسمون إلى صنفين : ( متدينين ملتحين ) يقودون زمرة من السذج - كما يحاول المسلسل إظهار ذلك للمشاهدين - يعادون التطوير ويستغلون كراسيهم فيه ، وآخرين غير متدينين يتسمون بالاعتدال يريدون التطوير ويطمحون إليه ، فإظهار التقسيم والتمايز بهذه الكذبة التي يروج لها ( يحي الأمير ) ويضيف عليها الموسى فرية اعتقاد (السواد الأغلب ) بذلك - ليست ظاهرة واضحة المعالم في ميداننا ، والغالب الأعم أن رجال التعليم في مدارسهم وإدارات تعليمهم يغلب عليهم التآخي والتآلف ، ملتحون وغير ملتحين ، فالجميع متدين بفطرته ولا يسلم أحد من التقصير ، وكثيرا ما تجد أن هناك من المعلمين صديقين متقاربين أحدهما ملتحي والآخر ليس كذلك ، ولم نشهد أو نسمع في مجالسنا التعليمية بأن أحدا شهد هذا التمايز في اختبارات التقديم للتعليم ، أو الترشيح للوكالة ، أو الإرشاد ، أو الإدارة ، وما شابه ذلك . مع أنني لا أنكر أنه يوجد واسطات واختيارات غير جائزة ، ولكنها ليست مبنية على أساس ذلك التمايز أو على أن المتدينين هم النافذون .
وبهذا تكون تلك الحلقة ( المؤدلجة ) فارغة من الحقيقة ، ولا تحمل إلا غرضا دنيا ، ولعل بعض المشاهدين يعتذر لها بأنها لا تسخر من الدين ولا من المتدينين وإنما تنتقد ممارسات المتدينين ، وأقول إن هؤلاء يحاولون فرز المتدينين عن سائر الناس ، وتصويرهم دائما بالعنف والتشدد والانغلاق ، وهو مما يؤكد أن لديهم مشكلة مع الدين ذاته ، ولو أن الحلقة جاءت بنقد بعض الممارسات الخاطئة في التعليم دون الاهتمام أو التركيز على قضية الملتحين وغير الملتحين ، لكان ذلك مقبولا مع أنها لا ترتقي إلى تصوير المشهد التعليمي بحقيقته ، ومما يدل على عدم صدق النوايا أنهم يعمدون في تلك المشاهد الساخرة إلى تصوير المتدينين بأنهم : ساذجين وأغبياء وأصحاب عقلية سطحية ، وأنهم يعادون التطوير أيا كان ، فضلا عن أنهم غير متزنين في المشي والكلام والتصرفات ، ولكني اشهد بما يغيض (يحى الأمير) ويكذب تلك الخيالات والتصورات ، فأنا أحد رجال الميدان وأرى أن كثيرا من المتدينين تجدهم في مدارسهم هم المثقفون والفاعلون والمبدعون والمخلصون في تعليم وتربية وتثقيف الأجيال ، وهم الذين يزرعون فيهم بأسلوب شرعي واضح ومقنع مفهوم المواطنة الصالحة ، ومفهوم طاعة ولي الأمر ، وهم غالبا أقرب الأشخاص إلى نفوس الطلاب ، وليسوا كما يصورهم ( يحي الأمير ) الذي عمد تمثيلا إلى تصوير نفسه عبر شخص ( ناصر القصبي ) بشخصية (الدكتور) التربوي الواعي والمنفتح ، الذي يختلف عن المتخلفين ، فهو الذي يسعى بكل جدية إلى تطوير التعليم ، ويزايد بحرصه على مصلحة الوطن !
ومع ذلك الاهتمام بشخصية (الدكتور) التربوي اللبرالي ، ومحاولة إخراجها بالفهم والوعي ، فقد سقط في محاولة تصوير معنى التطوير ، ومن تكلم في غير فنه أتى بالعجائب ، فقد نأى ( الدكتور) عن الحديث عن تطوير الرياضيات أو العلوم الطبيعية التي تعكس شيئا من واقع تخلفنا في العلوم المادية ، إذ ليس الهدف تطوير رياضيات ولا فيزياء ولا كيمياء ، ما يعنيه حقا هو تشويه صورة المتدينين ، فدخل عليهم من باب نقد العلوم الدينية ، وأخذ يلصق التهم بها ، ويحرفها عن مواضعها ، فضلا عن استغلال مشهد الاحتفال بـ ( اليوم الوطني ) وجعله أم القضايا المدرسية ، ليضرب الدين بالوطن والوطن بالدين ، وهذا هو ملخص الفائدة التي يريد أن يحققها ( يحي الأمير ) لتعليمنا . وتلك هي الصور التي يريد غرسها في المشاهدين ، وتأمل هذا المشهد منها : يظهر ( الأمير ) في شخصية ( القصبي ) - وهو الدكتور المهذب الذي كلف بالتطوير - قائلا في الاجتماع : إن الطالب لا ينبغي أن يطرح عليه رأي واحد فقط حتى لا يكون أسيرا لذلك الرأي ، بل ينبغي أن ننوع تفكيره بالآراء المختلفة ، فطلب منه أحد المتدينين : التوضيح ! وذلك في صورة الممتعض المتخلف! فيشرع ( القصبي ) في محاولة سخيفة ينتقد حكم وجوب تغطية المرأة لوجهها ، وأخذ يبين أن هناك آراء أخرى تخالفه ويجب أن تدرس فهناك مليار مسلم غيرنا ، ثم انتقل إلى القراءة العشوائية في إحدى كتب الحديث وانتقد نصا يحذر من استقدام السائقين والخدم غير المسلمين قائلا : هذا ضد تقبل الآخر ، وواصل كلامه عن تطوير التعليم قائلا : هذا الكتاب قال (الجزيرة ) ولم يقل ( السعودية ) ، وهنا قال (الأمة ) ولم يقل ( الوطن ) أين (الوطن) ؟؟ فتجده هنا ( يعيب مفهوم الأمة وأنه يخل بالوطنية ) وفي مسألة الحجاب ( يتخطى الوطن إلى رؤية ما عليه مليار مسلم ) كل هذا التناول الانتقائي ، يعرضه ( الأمير ) مستخفا بالأدلة الشرعية ومستخفا بالوطن ، ومحاولة إظهار فجوة وتصادم بين الدين والوطن ، ولو سلمنا مثلا لهذا (المؤدلج ) بأن ندرس الآراء الفقهية الأخرى المحدثة بأدلتها وتفاصيلها ، لطلاب المرحلة المتوسطة أو الثانوية فإن ذلك يقتضى توسيع المادة العلمية ، و إعطائها حصصا أكثر ، وأظن أن حتى هذا التوسع في طرح جميع الآراء الفقهية لو تم ، فلن يعجب ( يحي الأمير ) الذي لا ينقد إلا للنقد وتصفية الحسابات فقط .
لقد أوغر كاتب حلقة (طاش ما طاش ) في تمرير ثقافة الكراهية والحقد ضد المتدينين أجمعين ، وربما أوصل رسالته إلى بعض الساذجين ، وبعيدا عن إعجاب المشاهد العادي بمشاهد الإضحاك والسخرية ، فإن تلك المشاهد بعيدة عن الموضوعية والحقيقية ، ولم تتعرض لما يعانيه التعليم حقا ، و ما على العاقل إلا أن يدرك بأننا أمام قضايا خطيرة ، فهنا قضية نصوص شرعية ، وتدين ، ووطن ، وتعليم ، فهل يصح أن نتناول هذه القضايا بمشاهد استهزاء وسخرية ، لا تخلو من التهكم والاتهام والإقصاء ؟
منقول دون تصرف من "منتدى بناء الفكر والثقافة" بقلم الكاتب محمد بن علي بنان بارك الله به ودمتم بخير,

|
لا تعرف قيمة وطنك ونعمة الله عليك فيه الا في الغربة
|
|