رد: باركوا لي قدموا لي اعتذار إدارة التعليم مع التحية والاحتقار وكثير من السخرية
بسم الله الرحمن الرحيم
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستهديه ونستغفره ونتوب إليه ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهديه الله فلا مضل له ، ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله .
أما بعد / فإن الإنسان بطبعه معرض للنقص والخطأ ولكن ليس على الإنسان ملامة إذا أخطأ بعد جد وتعلم واجتهاد ومن ذلك طلاب الجامعة .
حقيقة ماهي الأسباب التي تمنع الحاصلين على تقدير مقبول من الالتحاق ببرامج الدراسات العليا والدبلوم العالي وخصوصاً إذا توقفنا لنطرح وجهات نظر مختلفة ومن بينها بالطبع وجهات نظر المتضررين من هذا القرار، واعتقد إن أصحاب العلاقة بإصدار هذا القرار لديهم فسحة من سعة الصدر وبعد النظر ما يجعلهم في المركز القوي الذي يستمعون فيه للرأي الأخر ومن جانبي فإنني سأطرح هذا الرأي على شكل تساؤلات حتى لا اجزم سلفا أن ما اطرحه هو الصحيح بعينه خاصة ونحن لا نعلم شيئا عن حجم المشكلة ولا عن الدراسة التي أجريت بشأنها إن كانت قد أجريت مثل هذه الدراسة ولا عن التوصيات او البدائل المنبثقة عنها وأول هذه التساؤلات: هل يبدو ذلك معقولا أن نضع قيودا ونبني سدودا أمام أبنائنا الراغبين بتطوير قدراتهم العلمية حتى لو كانوا حاصلين على تقدير مقبول؟ أليس في ذلك تبسيط في حل المشكلة أشبه ما يكون ببتر الأصبع إذا ظهرت فيه ثالوله؟ وأي ضرر للوطن لو زادت فيه شريحة الناس المتعلمين تعليما عاليا .
أليس في ذلك رفع لقدرة الدولة على السبق والمنافسة العالمية إذا كانت هذه القدرة تقاس بمحصلة الأداء القومي لجهد كل الشعب ومجموع أفراد كل دولة وليس فقط بأداء الأقلية المتميزة؟ صحيح إن المتميزين ثروة نوعية كبيرة للوطن لكن ماذا يضير الوطن لو كان هؤلاء المتميزون مردو فين بقاعدة عريضة من المتعلمين تعليما عاليا أليس هذا أفضل بكثير من أن يبقى حملة التقدير المقبول مقموعين بمستوى تقديرهم؟ ثم من قال إن العلامات التي بموجبها يتحدد التقدير إذا كان مقبولا أو جيدا أو جيد جدا هي المعيار الوحيد للنجاح والتميز المستقبلي؟ أليس بيننا حالات كثيرة كان أصحابها حاصلين على تقدير مقبول وعندما أكملوا دراساتهم العليا أبدعوا في مجالات عملهم؟ فكما يقول التربويون المتخصصون «فان داخل كل إنسان موهبة دفينة حتى لو كان معوقا وهذه الموهبة توجب علينا أن نفتح أمام المستزيدين من التعليم كل قنوات النمو لنحول هؤلاء من أعباء إلى فرص واعدة». أليس في قرار التعليم العالي هذا نوع من شبه الاحتكار لفئة دون فئة والأفضل من ذلك كله أن نطلق للخيول اعنتها ويكون الميدان هو الفيصل؟
إننا نتفهم تماما أن الموضوع لو كان متعلقا ببرنامج تنفذه وتموله الحكومة فمن حق «التعليم العالي» أن تضع الأسس والمعايير لقبول الملتحقين بهذا البرنامج ومنها اقتصار القبول على حملة التقادير الجيدة، لكن إذا كان الأمر متعلقا على سبيل المثال بمحام يحمل شهادة البكالوريوس بتقدير مقبول ويرغب بتحسين قدراته وتطويرها لينعكس ذلك على مستوى علمه و عمله ومكتبه وحياته كلها فأي منطق هذا الذي يحرمه من هذا الحق خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار أن التعليم الصحيح هو الذي يلبي حاجة دفينة في الإنسان ورغبة ملحة في المعرفة ولا اعتقد أن مستوى التقدير يمكن أن يقف عائقا أمام أي طالب للعلم من البحث عن المعلومة وهو الجوهر الحقيقي للعملية التعليمية. وما ينطبق على العلوم الشرعية ينطبق على العلوم الأخرى .
وكيف يمكن أن نكبح جماح هؤلاء ونحن نعلم أن المعرفة تتضاعف وان التعليم صار مرتبطا بحاجات المجتمع الحقيقية وان حاجة هؤلاء الناس لتطوير أعمالهم تفرض عليهم أن يطوروا مستواهم العلمي؟
إننا نتفهم تماما حرص القائمين على التعليم العالي على تطوير المناهج واشتراط الأسس والمعايير التي يجب أن تتوفر في من يقومون بمهمة التدريس في الجامعات ونوع الشهادات والتخصصات والتقديرات المطلوبة لهم، ونتفهم أن يكون هنالك معايير لأداء الجامعات نفسها وإجراء تقييم منهجي ومستمر لمخرجات التعليم فيها بما في ذلك عدم التهاون في عملية تخريج الدارسين ونوعية وجودة البحوث وخاصة في الدراسات العليا، لكن على وجه العموم فان إقامة السدود أمام الراغبين في مواصلة تعليمهم هو أشبه ما يكون يلجم الزرع عن النمو بحجة أننا نريد إنتاجا متميزا والأصل أن نوفر الوسائل الكفيلة بهذا التميز، هذا ناهيك على إن طلب العلم من المهد إلى اللحد حق طبيعي للإنسان وضرورة من ضرورات الكون، فإذا كنا نواصل غذاءنا لنعيش ونعيش لأجل أن تقوى لعبادة الله سبحانه وتعالى فيجب علينا أن نواصل تعليمنا لتظل عقولنا عامرة بالمعرفة.
وإذا تمعن الكل ونظر إلى الحقيقة حينئذ يجد أن التعليم حق لكل مواطن. ومسألة التقدير يجب أن لا تكون عائقا لمن يريد إكمال تعليمه الأكاديمي. وحجة أن الطالب ذو التقدير المقبول لا يصلح أن يكمل دراساته العليا لأي سبب كان حجج غير مسوغة. ولا يجوز حرمان من لا يحالفه الحظ لأي ظرف كان بالحصول على تقدير مقبول في مرحلة البكالوريوس من إكمال دراساته العليا والحصول على حقه في العلم والتعلم. واعتقد أن ذلك سيؤثر تأثيرا غير مباشر عن اللحمة الإسلامية و الاجتماعية والوطنية ولربما ينتج عنه شيء من الإحباط والشعور بالظلم والتحيز إلى فئة دون فئة في النسيج الوطني المسلم الذي نحرص فيه جميعا أن يكون أبناء هذا الوطن المسلم متساوين في الفرص وخاصة إذا كان الأمر متعلقا بالحصول على المعرفة.
هذا ونسأل الله العلي القدير أن يمن على القائمين على التعليم العالي الرحمة والعطف والشفقة على أبنائهم الطلاب الذين واصلوا الليل بالنهار والنهار بالليل بالكد والسهر والتعب حتى ينالوا الشهادات العليا في الجامعة وما بعدها ولكن قدر الله لهم عكس مابذلوه من جد واجتهاد وحرص وهذا ابتلاء واختبار من عند الله لعبده المؤمن الصابر المحتسب وهاهم الآن مازالوا بالبحث والتحري لأجل أن يكملوا الدراسات العليا كغيرهم من إخوانهم الطلاب فأسأله سبحانه وتعالى أن ينزل عليه رحمته عليهم بحيث يعيدوا النظر مرة تلو مرة حتى يصدروا قرار منح جميع الفئات التقديرية لجميع الطلاب الحق في إكمال دراساتهم العليا.
وإذا نظرنا إلى الحقيقة فإن البكالوريوس عبارة عن تجربة جديدة على الطالب والدراسة وطلب العلم لايتوقف عند درجة مقبول .
سؤال يطرح نفسه لماذا لا يفتح باب القبول لبرنامج الدبلوم العالي ...للحاصلين على تقدير " مقبول " وذلك لإجتياز المقابلات الشخصية ؟ فماهي الأسباب التي تمنع الحاصلين على تقدير مقبول من الالتحاق ببرامج
الدبلوم العام بغض النظر عن الدراسات العليا ( الماجستير والدكتوراه... )
متخرج انتساب / لغة عربية
|