صـمــت القــواريــــر ..
عبدالرحمن كان يزور أمه كبقية إخوته , لكنه يتميز عنهم بصفة خاصه , ذلك أنه إذا ماغضبت
والدته , أو تكلمت معه بكلام غليظ وعبارات لاتسره يلتزم الصمت ثم ينسل من المجلس , ثم
يزورها في وقت آخر كأن شيئاً لم يكن , بينما باقي الإخوة كانوا يردون عليها وينفعلون في الكلام
معها , ويخرجون وهم في حالة غضب .
تقول إحدى بناتها : سمعت أمي تقول في المجلس " اللهم إني راضية عن عبدالرحمن , فاللهم
ارض عنه , اللهم إني راضية عنه فارض عنه " .. فأقول في نفسي : ليتني مكان أخي في هذه
الدعوة المباركة ! وتكمل قائلة : كان لايخطر في ذهن عبدالرحمن شيء إلا وسارعت أمي في
تلبية حاجته , حتى ولو لم يطلبها وإنما جاءت عابرة أثناء الكلام بلا قصد , فإنها تستشف منه حاجته
فتسارع إلى تحقيقها .
إيجابيات كثيرة تتحقق بالتزام الزوجة الصمت عند غضب الزوج , فسماعك لكلمات لاتسرك من قبل
الزوج ليس نهاية العالم , ولاهو القضاء الإلهي بالمصير إلى الجحيم ! ولكنها حالة تعتري الزوج قد
يكون فيها محقاً وقد لايكون كذلك , فالمرأة الفطنة الذكية هي التي تستطيع تحويل الغضب إلى رضا.
عندما أخذ الكافر يجادل ربه في يوم قد غضب الله فيه غضباً لم يغضب قبله مثله وهو يوم القيامة ,
لم يحصل الكافر على العفو بالمجادلة , ولم يتحول الغضب إلى رضا حيث يقول " يارب ألم تُجرني من
الظلم ؟ يقول : بلى , فيقول : فإني لا أرضى على نفسي إلا شاهداً مني" . فيُختم على فيه
فيُقال لأركانه : انطقي ! فتنطق أعماله , فيقول العبد: بُعداً لكن وسُحقاً , فعنكن كنت اجادل ".
روى مسلم نحوه .
بينما المؤمن يدنيه الله تعالى ويستره يوم القيامة : ثم يقول له: " أتعرف ذنب كذا ؟ أتعرف ذنب كذا؟
فيقول: : نعم أي رب , حتى إذا قرره ذنوبه , ورأى في نفسه أنه قد هلك, قال الله تعالى : سترتها
عليك في الدنيا , وأنا أغفرها لك اليوم , فيُعطى كتاب حسناته ". متفق عليه.
بالتزام الصمت وعدم الجدال تغير الغضب إلى رضا , بينما بالجدال والرد على الغاضب تزداد العلاقة
سوءاً .
أيتها الزوجة كوني كالزجاجة النقية أمام أشعة الشمس الغاضبة الحارة , تنفذ من خلالك ولاتنعكس,
بل كالقوارير التي إذا ما أرسلت إليها الشمس أشعتها ازدادت جمالاً وسرقت القلب انحناءاتها وتثنيها.
قالت إحدى الزوجات : عندما تزوجت ظننت أني ساكون سيدة على زوجي لما أتمتع به من الجمال ,
وكنت أظن أن زوجي سيكون خاتماً في يدي كما يقال , وكنت أتجادل معه في أمور كثيرة , ولا احصل
في النهاية على مرادي , وإذا ماغصب من أمر ما ولامني عليه كنت أرد عليه وأجادله , فاصبحت حياتنا
كالجحيم لاتطاق , وكدنا ننفصل عن بعضنا عدة مرات , ولكني لاحظت أنني إذا ما طرحت الموضوع
بأسلوب بعيد عن التحدي والجدال , وإنما على شكل استفهام أو بطريقة لطيفة مع الاعتراف بجانب
القصور في طرحي , وإذا ماغضب التزمت الصمت , أو قمت بتطييب خاطره وملاطفته, أجده يهدأ و
يتجاوب معي ويتحقق غرضي , فعلمت أن هذه هي الوسيلة الصحيحة في التعامل معه وامتصاص
غضبه .
|