قلبي عليك
بينما كان سليمان عليه السلام يسير بجيشه لفتح البلدان ودعوتهم إلى دين الله تعالى وعن يمينه جنود الإنس وعن يساره جنود الجن وفوق رأسه تظله الطيور {وحشر لسليمان جنوده من الجن والإنس والطير فهم يوزعون} إذا به يتلفت بحثاً عن الهدهد فلم يجده ، فاشتد غضبه عليه قائلاً: {مالي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين، لأعذبنه عذاباً شديداً أو لأذبحنه } أو ليأتيني بحجة مقنعة. فلم يتأخر الهدهد، فإذا هو بين يدي سليمان عليه السلام، فاعتذر إليه بخبر مفاجئ ، ويعتبر من أهم الأخبار التي يعتني بها سليمان عليه السلام قائلاً له : { جئتك من سبأ بنبأ يقين} - أي لم تعلم به - {إني وجدت امرأة تملكهم وأوتيت من كل شيء ولها عرش عظيم، وجدتها وقومها يسجدون للشمس من دون الله } من أجل ذلك تأخرت. فهدأ سليمان عليه السلام .
فإن كان زوجك غاضباً لتأخرك عنه أو لانشغالك، بينما سبب ذلك فيما في مصلحة الزوج وفي أمر يحبه ويعظمه فبادريه به بلطف ، ولا تتلكئي في إخباره به وبيان منافعه له، والمفسدة المترتبة على تركه. حينئذ يهدأ الزوج.
فلو غضب عليك لتأخرك عن الخروج إليه وهو ينتظرك في السيارة، فبادريه بصدق: لأني انشغلت بتطييب دار الاستقبال من أجل ضيوفك الذين سيأتون بعد قليل.
أو عند غضبه : لماذا طعام اليوم عدس وكوسا ؟ أين الدجاج؟ فبادريه بصدق: اليوم كالمعتاد يوم والدتك. بعثت بها إليها ولا توجد عندنا إلا هذه الدجاجة، وخشيت أن تغضب عليك والدتك لو بعثت إليها بالكوسا والعدس !
دعا كسرى معلماً لولده الصغير يعلمه ويؤدبه ، فعندما انفرد المعلم بالابن، كان أول عمل قام به أن صفعه على وجهه ، فاشتكى الابن إلى أبيه كسرى ، فلم يلتفت إليه .
مرت السنون، فقتل الإبن أباه، ثم تربع على عرش مملكة فارس وأصبح كسرى فارس .
وفي أول مجلس له على كرسي الملك طلب حضور ذلك المعلم بين يديه فقال له: إنك مقتول ولا بد ! ولكن أجبني عن سؤالي قبل قتلك المحتوم، لماذا صفعتني في أول مجلس لي معك من دون أن يصدر ذنب مني ؟
أجاب المعلم الطاعن في السن بقلب ثابت : لقد أحرقت هذه المظلمة قلبك طيلة السنين السابقة ولم تنسها ! هكذا يشعر المظلومون في مملكتك ، مما يسبب الاضطراب فيها، فأردت أن تشعر بشعورهم لتتجنب ظلمهم فيدوم ملكك ( لو دامت المظلمة لغيرك ما وصلت إليك ) ، فجعله مستشاراً له !
أظهري حرصك الصادق على مصلحة الزوج عند الاعتذار فستصبحين المستشارة الأولى له.
كثير من الزيجات تنتهي بالطلاق لعدم معرفة كيفية التعامل مع الزوج عند غضبه .
|