ليس سواها يجيد مسامرة تلك الزاوية ..
في كل صباح تجلس هنا ..
تفترش الحنين .. وترتشف من قهوة الشوق ألف فنجان وفنجان ..,
..../ بنكهة وجع لاذعة ..
تقابل في جلستها صفحة الباب المنفرج .. ولا ترى سوى تقاسيم شخص واحد رغم تعدد الأوجه التي تلج منه .. واختلاف أرواحها ..
هنا وقف يميزه طول قامته الفارع وعرض منكبيه .. في حضور واثق .. بوجه طلق .. ذو أنف أشم..ونظرة ثاقبة في حنو .. من عينين لامعتين تنضحان ذكاء وفطنة .. له بسمة ثغر آسرة .. ورجولة كانت ولا تزال مضرب مثل ..
ذاك طيف ابنها الوحيد .. الذي غدا بين طيات التراب .. مبقيا خلفه شبيها يقف في وجه من ابتغى لملامحه نسيانا .. فيغرقه بالذكريات ..
"سيكون كأبيه .. رجل مواقف لا يشق له غبار.. سيرفع رؤوسنا بين الناس بإذن الله .. إياكم أن تتعرضوا لمهجة قلبي بشيء" .. هكذا صرخت فخرا بحفيدها ذات حلم ..
..{ لَيْتَهَاْ تُدْرِكُ حَجْمَ عُمْقِ أَلَمِ الْمُهَجِ..
هي الآن تجد السير في سراديب الذكريات .. وكاها معتمة لا وضوح لصورها مطلقا ..
إلا سردابه .. مشع هو كالشمس وضاء ..
لا تزال تلمس دفأه .. تتحدى به خرفا حكمت به السنون ..
وحده من تتذكر .., من بين ذويها ..
..{ لَيْتَهَاْ تَعْلَمُ أَيُّ حَنِيْنٍ حَاْرِقٍ تَنْتَظِرُ لَهُ ارْتِوَاْءً..
هي لا تعلم لغيابه سببا ..
فكيف تعي أن موعدا للقاء قد حان ..؟
هاهو مهجة القلب يدخل ذات المكان من ذات المدخل ..,
وَ... بذات الثقة ..
الطول هو .. والعرض هو .. البسمة ذاتها .. والنظرة لم تتزعزع ..
غير أن شم الأنف .., انكسر ..
ومثل الرجولة يترنح بين سكك النكات ..
قد لُفَّ حول العنق السلاسل .. وقيدت المعصم الأساور .. واشتكت الأذن ثقب الأقراط ..
والشعر يبتغي من وحله المسبل فكاكا ..
لتنتهي بالجسد الملتصق بلبسه حد الاختناق ..
تتسلل رائحة التغرب إلى أنف الذكرى ..
فتزكمها ..
..{ لَيْتَهَاْ كَاْنَتْ تَسْطِيْعُ حَبْسَ الْأَنْفَاْسِ..
وتتشبع بنتن الانسلاخ ..,
لتعطس ..
مطلقة آخر ما تختزنه الذاكرة من أثر ..
مع جزيئات البخار ..
بقلم : أعماق