رد: [.. ما أشبهَ اللّيلةَ بِالبارِحة ..]
-
أحب أن أختتم هذه الجولة الطويلة التي امتدت شهورا في سكاو بهذه القصيدة الرائعة
وهي من أروع القصائد الزهدية لأبي العتاهية ، وهو أشهر شعراء الزهد
قَطّعْتُ مِنْكِ حبَـــــائِلَ الآمـــــالِ :: وحططتُ عن ظهرِ المطيِّ رحالِي
وَيَئِسْتُ أنْ أبقَى لشيءٍ نِلتُ ممّا :: فيـــكِ يا دنيــا وإن يبــــقَى لِـــــي
فَوَجَدْتُ بَرْدَ اليَأسِ بَينَ جَوانحي :: وأرحْـتُ مــن حَلِّي ومن ترحـالِي
ولئنْ يئستُ لــرُبَّ برقـــة ِ خُلَّبٍ :: بَرَقَــتْ لذي طَمَـــعٍ، وَبَرْقــــة ِ آلِ
فالآنَ، يا دُنْيا، عَرَفْتُــــكِ فاذهَبي :: يا دارَ كُـــــــلّ تَشَـــــــتّتٍ وَزَوَالِ
والآنَ صــارَ ليَ الزمـــانُ مؤدَّباً :: فَغَــــــدَا عَليّ وَرَاحَ بالأمْثَـــــــــالِ
والآن أبصرتُ السبيلَ إلى الهدَى :: وَتَفَــــرّغَتْ هِمَمي عَــــنِ الأشْغالِ
وَلَقَدْ رَأيْتُ المَــــوْتَ يُبْرِقُ سَيْفَهُ :: بيَـــــدِ المَنيّة ِ، حَيثُ كنتُ، حِيالي
وَإذا اعتَبرْتُ رَأيتُ خَطبَ حوادِثٍ :: يَجـــــرينَ بالأرْزاقِ، وَالآجــــــــالِ
وإذا تَنَاسَبَتِ الرّجـــــالُ، فما أرَى :: نَسَباً يُقــــاسُ بصالِـــحِ الأعْــــمالِ
وَإذا بحَثْتُ عَنِ التّقيّ وَجَــــــدْتُهُ :: رَجُـــــلاً، يُصَـــــدِّقُ قَـــــوْلَهُ بفِعَالِ
وَإذا اتَقَى الله امْرُؤٌ، وَأطاعَـــــــهُ :: فَيَـــــداهُ بَينَ مَكـــــــارِمٍ وَمَعَــــــالِ
وعلى التَّـــقِيِّ إذا ترسَّخَ في التُّقى :: تاجــــان تاج سكينـــــة ٍ وجـــــلالِ
وَاللّيْلُ يَذْهَبُ وَالنّهـــــارُ، تَعاوُراً :: بالخلـــــقِ في الإدبــــارِ والإقبــــــالِ
وَبحَسْبِ مَنْ تُنْــــــــعَى إلَيْهِ نَفْسُهُ :: منـــــهُ بأيـــــامٍ خلَــــــتْ ولَيـــــــالِ
إضرِبْ بطَرْفِكَ حيثُ شئتَ، فأنتَ :: في عبـــــرٍ لهـــــنَّ تداركٌ وتــــوالِ
يا أيّها البَطِـــرُ الذي هوَ في غَدٍ :: في قَبـــرِهِ، مُتَفَـــــرّقُ الأوْصـــــالِ
للّهِ يَـــــوْمٌ تَقْشَعِــــرّ جُلُـــــودُهُمْ :: وَتَشيبُ مِنْــــهُ ذَوَائِبُ الأطْفــــــــالِ
يَوْمُ النّــــــوازِلِ والزّلازِلِ، وَالحَوا=ملِ فيــــهِ إذْ يقـــــــذفنَ بالأحمـــــــالِ
يومُ التَّغـــــابُنِ والتبــــايُنِ والتنــا=زُلِ والأمـــــورِ عظيمـــــة ِ الأهــــوالِ
يومٌ ينــــــادَى فيه كُلُّ مُضــــللٍ :: بمقطَّعـــــاتِ النـــــارِ وألأغـــــــلالِ
للمتقيــــــنَ هناكَ نزلُ كرامـــــة ٍ :: عَلَــتِ الوُجُـــوهَ بنَضـــرَة ٍ، وَجَمالِ
زُمرٌ اضاءتْ للحسابِ وجوهُهَا :: فَلَــــهَا بَرِيــــقٌ عِنــــــدَها وَتَــــــلالي
وســـوابقٌ غرٌّ محجَّلــــة ٌ جرتْ :: خُمْــــصَ البطـــــــونِ خفيفة َ الأثقالِ
حِيَــلُ ابنِ آدَمَ في الأُمورِ كَثيرَة ٌ :: والمــــوت يقطـــــعُ حيلــــــةَ المحتالِ
بإذن الله ستكون لي عودة حينما أتجاوز هذه المرحلة الصعبة التي أمر بها
|