رد: ~ لطالبات الإنتساب ~ تجمع الدورات التأهيلية عن طريق برنامج البلاك بورد للفصل الأو
بسم الله الرحمن الرحيم
~ المحاضرة الأولى ~ لمادة الفقه المقارن مع الدكتورة منيرة المريطب ..
الكتب المقررة : المدخل إلى دراسة المذاهب والمدارس الفقهية لمؤلفه د. عمر سليمان الأشقر ،، و كتاب مسائل في الفقه المقارن لمؤلفه د. عمر سليمان الأشقر وآخرون .
من كتاب مسائل في الفقه المقارن : من البداية صــ 9 ـــ
المبحث الأول ( تعريف الفقه المقارن )
الفقه لغة : الفهم ، ومنه قوله تعالي: " وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِّن لِّسَانِي * يَفْقَهُوا قَوْلِي"، أي : يفهموه.
الفقيه عند العرب : الفهامة العالم ، لا فرق بين علم وعلم . فقيه العرب : هو من علم علوماً كثيرة .الفقه في الإسلام : هو علم الدين لسيادته وشرفه وفضله ، وكان مقصورا في الصدر الأول على الكتاب والسنة .
الفقيه عند أهل الصدر الأول من الصحابة والتابعين وأتباعهم : هو العالم بالدين كله .الفقه الأكبر عندهم : هو معرفة العبد بالله وملائكته وكتبه ، ورسله واليوم الآخر والقدر .
علم الفقه : هو العلم بالأحكام الشرعية العملية المكتسبة من أدلتها التفصيلية ، فهو علم القانون الإسلامي في المصطلح الحديث ، وهو مستمد من الشريعة الإسلامية .
الشريعة الإسلامية : هي ما أنزله من أحكام في كتابه وسنة رسوله " .
الشريعة صواب ليس فيها خطأ ، لأنها منزلة من عند الله ، أما الفقه إن أصاب الفقيه حكم الله كان حكمه صواباً ، وإلا كان خطأ .
الأحكام الفقهية في عهد الرسول صلى الله عليه وسلم القول فيها واحدا وهو قوله صلى الله عليه وسلم، وفي عهد الصحابة كان الاختلاف قليلاً ، وظل يمتد ويكثر ، ولكنه لا يمس الأحكام العملية كلها والتي أدلتها قطعية أو دلالتها قطعية ، كوجوب الصلاة والزكاة ، والحج والصيام ، وحرمة الخمر والخنزير ، والميتة والدم ، ومن المسائل التي القول فيها واحد بدليل ظني أو دلالته ظنية ، حرمة الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها ، وجواز المسح على الخفين ، ووجوب رجم الزاني المحصن .
المبحث الثاني ( موضوع الفقه المقارن )
موضوع الفقه المقارن : هي مسائل الاختلاف ، فيتم بحث ما اختلف فيه أهل العلم من أحكام بعرض أقوالهم في المسألة الواحدة ، وتحديد موضع الخلاف فيها ، وهو المسمى تحرير محل النزاع ، ثم بيان سبب الخلاف ، وذكر أدلة كل فريق ، وما يرد على كل دليل ، والإجابة عنه وتحديد القول الراجح ، وبيان سبب الترجيح .
الفائدة من هذا العلم : محاولة الوصول إلى حكم الله في المسائل التي تنازع فيها أهل العلم .
وينبغي الاستفادة من جهود العلماء السابقين في تحديد الرأي الراجح في المسائل المختلف فيها .
الملكة العلمية المبدعة : هي الملكة التي أبدعت فقه ما نظر فيه الفقهاء من أحكام ، وتحقيق ما اختلفوا فيه .
قمة المدونات الفقهية : هي مدونات الفقه المقارن ، مع أن أكثر من كتب في الفقه ينسب إلى مذهب من المذاهب إلا أن المحققين منهم يرجحون ما يرون رجحانه ، فالتعصب للرجال ينافي المنهج الذي أمرنا الله به عند التنازع* فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ "
والباحثون المعاصرون يطلقون الفقه المقارن على المدونات التي تعرض مسائل الاختلاف في الأحكام الفقهية ، وهي تسمية جديدة لعلم قديم فلا جديد في هذا العلم إلا أسمه ، أما موضوعه ومنهجه وطريقة البحث فيه فهي قديمة .
المبحث الثالث – الثمرات التي يجنيها الدارس لفقه المقارن
1- التعرف على الطريق الذي يؤصل الملكة العلمية الفقهية ويؤهل للنبوغ في علم الفقه .
2- يخرج هذا العلم دارسه من ربقة الجمود والتعصب المذموم .
3- يستطبع الباحث على النهج القائم على المقارنة أن يسبر غور الخلاف بين المذاهب .
4- اطلاع طلبة العلم على أقوال أهل العلم وأدلتهم .
5- يعرف بأقوال علمائنا وأئمتنا الذين ساروا في طريق العلم من قبلنا .
المبحث الرابع : الاختلاف في الفروع الفقهية
تعريف الاختلاف :
في اللغة : يعني عدم الاتفاق على الشيء .
اصطلاحا : هو أن يذهب كل عالم إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر وهو ضد الاتفاق .
أنواع الاختلاف وأسبابه :
النوع الأول / الخلاف المقبول :
* يكون هذا النوع في الأمور التي شرعت متنوعة ، فيختلف العلماء في استحباب واحد منها .
* مثاله : أنواع الحج ، فمن حج قارناً أو متمتعاً أو مفرداً أجزأه عند علماء المسلمين ، وتنازعوا في الأفضل من ذلك .
الأذان : يعد صحيحاً إذا رجع فيه أو لم يرجع ، وسواء ربع التكبير في أوله أو ثناه ، والإقامة يصح فيها الإفراد والتثنية ، والجهر بالبسملة والمخافتة كلاهما جائز لا يبطل الصلاة ، وأن كان من العلماء من يستحب أحدهما أو يكره الآخر .
القنوت في الفجر : النزاع في استحبابه أو كراهيته . فهم متفقون على صحة صلاة من ترك القنوت أنه ليس بواجب ، وكذلك من فعله إذ هو تطويل يسير للاعتدال .
تكبيرات العيد الزوائد إنما النزاع في المستحب منها ، وإلا فلا نزاع في أنه يجزء ذلك كله .
أنواع الاستفتاح في الصلاة ، وأصل الاستفتاح إنما النزاع في استحبابه ، في أي الأنواع أفضل ، والخلاف في وجوبه خلاف قليل .
هذا النوع من الخلاف بين الأمة أمره سهل يسير ، وائتلاف الأمة أعظم في الدين من بعض المستحبات ، فلو تركها المرء لائتلاف القلوب كان حسناً ، وقد احتج البخاري وغيره بحديث [ لولا أن قومك حديثو عهد بجاهلية لنقضت الكعبة ، ولالصقتها بالأرض ولجعلت لها باباً يدخل الناس منه ويخرجون منه ] بأن للإمام أن يترك بعض الأمور المختارة ، لأجل تأليف القلوب .
النوع الثاني / الخلاف المذموم وأسبابه :
وأسباب هذا النوع ثلاثة :
1- الجهل : فكثير من الناس يجهل الأمر المشروع المسنون ، مثل الخوارج فقد كان سبب جهلهم بدلالة النصوص ، وبأحاديث الرسول صلى الله عليه وسلم ، وقد وصفهم الرسول صلى الله عليه وسلم [ يقرؤون القرآن لا يجاوز حناجرهم ، يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية ] ، وعندما كشف لهم عبدالله بن عباس ما هم فيه من باطل ، رجع منهم ألفان ، والنصارى كانوا يعبدون الله عن جهل ، ولذلك سماهم الله بالضالين ، وقد حرموا على أنفسهم الطيبات .
ومن الخلاف المذموم تتبع رخص العلماء الشاذة عن بقية أهل العلم ، وهي ما تدعى بزلات العلماء ، مثل جواز إعارة الجواري للوطء ، والأكل للصائم في رمضان ما بين الفجر والإسفار ، فهذه لا يجوز الأخذ بها لأنها من الشواذ المخالفة لأصول الشريعة ، وقد دخل إسماعيل القاضي على المعتضد فرفع له كتاب جمع فيه زلل العلماء ، فقال : مصنف هذا زنديق ، فإن من أباح النبيذ لم يبح المتعة ، ومن أباح المتعة لم يبح الغناء ، وما من عالم إلا وله زلة ، ومن جمع زلل العلماء ثم أخذ به ذهب دينه ، فأمر المعتضد بإحراقه .
2- الظلم والبغي : قد يقع الاختلاف بسبب ظلم بعض هذه الأمة لبعض وبغيها ، فيحمل التباغض والحسد فريقا على مخالفة الفريق الآخر في أقواله وأفعاله وان كانت حقاً .
3- الهوى وأتباع الظن : وكثير من الفرق الضالة كالخوارج والمعتزلة ضلت بسبب إتباع الهوى ، وقد حمل الهوى اليهود على الكفر مع علمهم بأن الرسول صلى الله عليه وسلم مرسل من ربه والقرآن منزل من عند الله تعالى فَلَمَّا جَاءَهُمْ مَا عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ " .
4- مخالفة المنهج النبوي في تلقي التشريع والعمل .
النوع الثالث / الاختلاف السائغ المقبول :
وهو اختلاف المجتهدين من فقهاء ومفتين وحكام في المسائل الاجتهادية ، وهي التي لا يوجد فيها نص قطعي ، ويشترط لهذا الاختلاف شروط :
1- أن يكون هذا الاختلاف من أهل الفقه والبصيرة من الدين .
2- أن يكون اجتهادهم واختلافهم في المسائل الفرعية التي لم يدل دليل قطعي على حكمها .
3- أن يكون القصد الوصول إلى الحق والصواب .
4- أن يبذل الفقيه أقصى جهده في الوصول إلى الحق .
وهذا النوع من الاختلاف وقع من الصحابة والتابعين ، ولا يذم أحد من الصحابة أو العلماء الأعلام من التابعين والأئمة الفقهاء بسبب الخلاف الذي وقع منهم .
أسباب الاختلاف السائغ المقبول :
السبب الأول - التفاوت في العقل والفهم والقدرة على تحصيل العلم .
* بعض الفقهاء ذا قدرة على الحفظ والفهم ، وآخرون كان أجود من فقههم ، وآخرون أجود من حفظهم .
* من أدلة تفاوت العقل والحفظ قوله تعالي " أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَسَالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِهَا " فالآية إشارة إلى القلوب وتفاوتها ، فمنها ما يسع علما كثيرا ومنها ما لا يتسع لكثير من العلوم .
* ومنها الحديث [ إن مثل ما بعثني الله من الهدى والعلم ، كمثل غيث أصاب أرضاً ، فكان منها طائفة قبلت الماء ، فأنبتت الكلأ والعشب الكثير ، وكانت منها أجادب أمسكت الماء ، فنفع الله به الناس ، فشربوا ورعوا ، وسقوا وزرعوا ، وأصاب طائفة أخرى ، إنما هي قيعان ، لا تمسك ماء ، ولا تنبت كلأ ، فذلك مثل من فقه في دين الله ، ونفعه الله بما بعثني به ، فعلم وعلم ، ومثل من لم يرفع بذلك رأساً ، ولم يقبل هدى الله الذي أرسلت به ] فقد شبه الهدى والعلم بالمطر ، والناس بالأرض ، والناس يتفاوتون في قبول الهدى والعلم كالأرض ، فالأرض الخصبة تقبل الغيث وتنفع به ، وبعض الأرض تمسك الماء وتحتفظ به ، فيستفيد منه الناس ، وقسم لا تنتفع به ولا تمسكه ، وهكذا الناس .
* يقع التفاوت بين العلماء الكبار ، وبين الأنبياء قال تعالي " وَدَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ إِذْ يَحْكُمَانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ وَكُنَّا لِحُكْمِهِمْ شَاهِدِينَ (78) فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ وَكُلًّا آَتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا " فالاختلاف قائم ، وقد يفقه صغار الفقهاء ما لا يفقهه كبارهم ، ومثاله ما روى عن ابن عمر قال رسول الله صلى الله عليه وسلم [ إن من الشجر شجرة لا يسقط ورقها وهي مثل المسلم ، حدثوني ما هي ؟ ] فوقع الناس في شجر البادية ، ووقع في نفسي أنها النخلة ، فأردت أن أقول هي النخلة ، فإذا أنا أصغر القوم فسكت .
* وقد تأتي سعة العلم وكثرة الفقه من التفرغ لطلب العلم وتحصيله ، وقد خرج موسى عليه السلام في طلب الخضر لما أعلمه الله أنه أعلم منه ، وقد علل عمر ابن الخطاب عدم حفظه لسنة الاستئذان ثلاثا بقوله " ألهاني الصفق بالأسواق " ، وقال أبو هريرة " إن أخواننا من المهاجرين كان يشغلهم الصفق بالأسواق ، وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في أموالهم ، وإن أبا هريرة كان يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم بشبع بطنه ، ويحضر ما لا يحضرون ويحفظ ما لا يحفظون " .
* نتيجة للقدرات المتفاوتة في العقل والفهم يقع الاختلاف في توجيه الأحكام ، وتعليلها واستنباطها وقد اختلف الصحابة في علة النهي عن لحوم الحمر الأهلية بسبب التفاوت في الفهم ، فقال بعضهم : نهى عنها الرسول صلى الله عليه وسلم لأنها لم تخمس ، وقال بعضهم : لكونها حمولة القوم وظهرهم ، وفهم آخرون : أن النهي لكونها كانت جوالة القرية ، وفهم علي بن أبي طالب وكبار الصحابة أن النهي للتحريم ، وعلة ذلك كونها رجساً .
ومن ذلك إشكال المراد بالكلالة في قوله تعالي " وَإِنْ كَانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلَالَةً " ، فقد فقه أبو بكر الصديق المراد بالكلالة ، وهي من لا والد له ولا ولد ، وأشكلت على عمر بن الخطاب وسأل عنها النبي صلى الله عليه وسلم فأرشده إلى الآية التي في أخر سورة النساء " يَسْتَفْتُونَكَ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِي الْكَلَالَةِ" ومع ذلك بقيت مشكلة على عمر بن الخطاب .
واستدل علي بن أبي طالب على أقل مدة للحمل وهو ستة أشهر من قرن الآية الأولى بالثانية ، ففي قوله تعالي " وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلَاثُونَ شَهْرًا " والآية الثانية " وَفِصَالُهُ فِي عَامَيْنِ " فطرح من الثلاثين شهرا ، أربعة وعشرين شهرا هي مدة فصاله ، فتبقى ستة أشهر هي مدة حمله .
إلى هنا توقفنا في المحاضرة الأولى ،، بالتوفيق للجميع :)

اللهم هي ( آمي ) ...
آلتي حَرمت نَفسـهآِ منْ آمور لتسعٌدنآ
آللهم آرزقـهآ جَنتك فِيْ الآخرة
وَ فرّج همّـهآ فِيْ آلدٌنيآ

|
|