عرض مشاركة واحدة
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 21-10-2011, 02:30 PM   #9

اسألك ربي الفردوس الاعلى

جامعي

الصورة الرمزية اسألك ربي الفردوس الاعلى

 
تاريخ التسجيل: Sep 2011
نوع الدراسة: ماجستير
المستوى: الأول
الجنس: أنثى
المشاركات: 15
افتراضي أخلاقيات الفحص والتشخيص

من أخلاقيات الفحص والتشخيص

الحمد لله .. والصلاة والسلام على رسول الله.. وبعد،
لقد ذكرتُ في الحلقة السابقة أن محور المريض من أهم المحاور التي تدور عليها أخلاقيات المهنة، وافتتحتُ هذه القضية بآداب المقابلة، واليوم سأتحدث بإذن الله عن الآداب التي ينبغي للطبيب الالتزام بها في عمليتي الفحص والتشخيص.

فأقول وبالله التوفيق أن على الطبيب أن يقدم الرعاية الطبية اللازمة لمرضاه بما تقتضيه احتياجاتهم الطبية بإحكام ودقة، جاعلا نصب عينيه تحقيق مصلحة المريض، وتجنب الإضرار به، ومراعاة حقوقه، واحترم كرامته. هذا من حيث الإجمال، أما التفصيل فنبين بعضه من خلال الأمور التالية:

أولا: الفحص والتشخيص:
علينا الرفق بالمريض عند الفحص وأن نجنبه الألم ما أمكن. فالطبيب الناصح يستخدم أدوات الفحص برفق، متجنبا لمس الأماكن الحساسة إلا لحاجة، فلا يمرر المسبار المعدني على عاج مكشوف مثلا، أو يضغط محل الورم بقوة، وغير ذلك من الممارسات التي تؤدي إلى آلام مفاجئة أو مبرحة للمريض.

علينا أيضا إجراء الفحوص الطبية اللازمة للمريض دون إضافة فحوص لا تتطلبها حالته المرضية. فربما كان لبعض الفحوصات أضرارها الجانبية فضلا عن أعباءها المادية، فلا ينبغي تعريض المريض لها إلا لحاجة غالبة.

كما علينا الامتناع عن أي ممارسات قد تضر بالمريض، كاستخدام طرق تشخيصية غير متعارف عليها أو معترف بها علمياً.

ثانيا: عرض نتائج التشخيص على المريض:
من واجبنا أن نتحرى الصدق في إخبار المريض أو من ينوب عنه بالحالة المرضية وأسبابها ومضاعفاتها، وفائدة الإجراءات التشخيصية والعلاجية، وتعريفهم بالبدائل المناسبة للتشخيص أو للعلاج بأسلوب واضح، وأن يعطي المريض الوقت الكافي لاستيعاب ما يُقال له دون استعجال.

كما على الطبيب أن يستخدم مهاراته في طمأنة المريض، وتخفيف مصابه، وتلمس احتياجاته النفسية، و يزوده بما يكفي من المعلومات عن حالته الصحية بوضوح، وعدم حجب معلومات مهمة قد تساهم في طمأنته وإزالة مخاوفه.

إن الطبيب الحاذق يتفاعل – في هذه المرحلة وغيرها – إيجابيا مع مشاعر المريض وأحاسيسه، وأن يعطيه الفرصة الكافية للتعبير عن مشاعره وأحاسيسه تجاه المرض والعلاج، وأن يقوم بتصحيح أفكار المريض عن المرض عند الحاجة، وأن يؤكد لمريضه استعداده لمساعدته، والوقوف إلى جانبه والقيام بذلك فعلا في جميع المراحل، حتى في حالات الأمراض المستعصية.

والطبيب المسلم يذكر مريضه بأن المرض ابتلاء من الله، وأن فيه تكفير ورحمة، كما يحسن به أن يتمثل بالخلق النبوي الكريم فيدعو لمريضه بالشفاء بصدق. ومعلوم أن هذا يقوي المريض على تحمل المرض ويطيب نفسه. فقد كان من هديه r إذا أتى مريضاً يمسح بيده اليمنى و يقول: «اللهم رب الناس، أذهب البأس، واشفِ أنت الشافي، لا شفاء إلا شفاؤك، شفاءً لا يغادر سقما» [أخرجه البخاري ومسلم].

أما عند رغبة المريض في استشارة طبيب آخر فيما يخص مرضه، فعلى الطبيب ألا يمتنع عن تحقيق رغبة المريض، وأن يسهل على المريض الحصول على التقارير والمعلومات اللازمة لذلك، وأن يرشده للأطباء الأكفاء.

ثالثا: الإخبار عن الأمراض الخطيرة:
لا تعارض بين طمأنة المريض وبين إخباره بمرضه وإن كان خطيراًً، فالأصل أن من حق المريض أن يعرف عن حالته الصحية ومرضه وأعراضه ومآلاته على وجه العموم، إلا أن للطبيب هنا أن يستخدم تقديراته الإنسانية في جدوى إخبار المريض وما هي المعلومات التي يضعها بين يديه، وله – إن رأى أن ذلك أصلح –أن يخبر المريض بجزء من الحقيقة، أو أن يقتصر في بيان ذلك على ذوي المريض.

إذا قرر الطبيب إخبار مريضه بمرضه الخطير فعليه مراعاة الجوانب التالية:
1- أن يُخبر المريض بهذا الخبر طبيب ذو خبرة ودراية بهذا النوع من المرض، ولا يترك ذلك لمن هو دونه من الأطباء أو من ليس له خبرة بذلك.
2- عدم مفاجأة المريض بالخبر السيئ ومراعاة التدرج وإعداد المريض نفسيا لتقبل الخبر، وينبغي اختيار المكان والوقت المناسبين لإخبار المريض، ويُفضل وجود أحد أقاربه الذين يحترمهم ويثق بهم، فقد يسهل هذا مهمة الطبيب.
3- إعطاء وقت كافٍ للإخبار، فينقل الطبيب هذا الخبر وهو هادئ النفس، وألا يُشعر المريض أنه في عجلة من أمره أو أنه مشغول.
4- الاقتصار على المعلومات التي يمكن للمريض استيعابها وتفي بمعرفته وفهمه لحالته الصحية دون الدخول في تفصيلات قد تزيد من قلقه، وإذا طلب المريض تفصيلاً أكثر فينبغي أن يُجاب إلى طلبه.
5- تخفيف آلام المريض النفسية والجسدية قدر الإمكان، ومن ذلك التركيز على الجوانب الإيجابية، إذ يؤدي هذا إلى بعث الأمل في نفس المريض عملاً بقول الرسول r: «يسروا ولا تعسروا وبشروا ولا تنفروا» [أخرجه البخاري ومسلم]، كأن يذكر الطبيب نسبة الذين شفوا بعد إصابتهم بهذا المرض على سبيل الإجمال.


وفي الختام علينا في هذه المرحلة تثقيف المريض عن مرضه خصوصاً وصحته الفموية عموماً، وكيفية حفظه لصحته ووقايته من الأمراض بالطرق المناسبة والفعالة، ومن أهمها التثقيف المباشر وجهاً لوجه أو استخدام الوسائل الفعالة الأخرى متى توفرت له.

أرجوا أن أكون قد وفقت في عرض أخلاقيات هذه المرحلة، ولعلي في الحلقة القادمة أتكلم عن جوانب لها علاقة بهذه المرحلة وبمرحلة العلاج على حد سواء، وأعني تحديدا أخلاقيات الاستئذان وحفظ سرّ المريض وكتمانه.

وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه.

مراجع:
1- أخلاقيات مهنة الطب، دليل إرشادي للممارسين الصحيين، الهيئة السعودية للتخصصات الصحية، الرياض، ط2، 1424 هـ.
2- الطبيب أدابه وفقهه، د. زهير السباعي، ود. محمد البار، دار القلم، بيروت، ط1، 1413هـ.

 

اسألك ربي الفردوس الاعلى غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس