[هذيان]

تركي الدخيل



الـ109 مليارات... أهدرت أم لم تهدر؟!


كان تعليق ديوان المراقبة العامة في بيانه التوضيحي الذي بثته وكالة الأنباء السعودية ونشرته كل الصحف السعودية أمس، حول الـ109 مليارات التي تحدث الزملاء في مقالاتهم عن هدرها، مهماً لأكثر من سبب. فقد فنّط ديوان المراقبة العامة حقيقة الـ 109 مليارات ريال، مبيناً أن المهدر منها، لا يتجاوز 103 ملايين ريال فقط، للعام المالي 1426/ 1427هـ، محدداً بلغة مالية- قانونية أن الهدر هنا يعني: "المبالغ التي اكتشف الديوان صرفها أو الالتزام بها بالمخالفة للأنظمة وطالب بتحصيلها أو عدم صرفها وتوفيرها لصالح الخزينة العامة". وأول إيجابيات هذا التوضيح أن الوطن لم يُهدر 109 مليارات بل اكتفى بهدر 103 ملايين، وهو وإن كان مبلغاً كبيراً، إلا أنه صغير مقارنة بالمبلغ الذي ظننا أنه كان مهدراً. وثاني الإيجابيات، أن ديوان المراقبة العامة، برغم الأهمية العظيمة لأدواره، إلا أنه بات يتعاطى مع الشأن العام من خلال الإعلام، بعد أن كانت أعماله، أشبه ما تكون بالاستخباراتية، لجهة سريتها، وعدم معرفة الإعلام بها.
قال أبو عبدالله غفر الله له: قد باتت الاستخبارات تعلن عن مؤتمراتها في التلفزة، وتتحدث عن (ما يقال) من نشاطاتها، فوجب لزاماً على من عمله أقل سرية منها، أن يجاريها، ولو من باب الحياء، والحياء كله خير، كما لا ينبو عن شريف علمكم.
أما رسالة الشكر التي يجب أن نوجهها على أثر هذا الموضوع، فهي لمجلس الشورى، الذي لم يكن لنا أن نعرف هذا الشأن لو لم يناقش أعضاؤه تقرير الديوان ويتساءلوا مشكورين عن هذه المبالغ. هذا ما ننتظره من مجلس الشورى، أن يسائل من أجل الوطن، عما يفقده الوطن. وبهذه الوسيلة سيتعرض الهادرون، سواءً كانوا(حرامية) أو (مفهين) أو معتبرين أن المال العام، ليس حراماً كما هي أموالهم الشخصية، للمساءلة اليوم، والمحاكمة غدا، وسيردع ذلك كل فاسد عن ممارسة فسادة في الغد.