باكثير .. ودرس الخلود !!

[white angel]

كثيرون هم الذين مرّوا على جسر الحياة دون أن يتركوا لهم أثراً ولو كمفحص قطاه وماذاك إلاّ لأنهم عاشوا لأنفسهم وشهواتهم وملذاتهم ولم يتجاوزوا بهمهم منابت شعرهم ، فرحلوا غير مأسوف عليهم ومال زال أمثالهم على أثرهم .. ، أما صاحبنا فلم يكن أبداً كهؤلاء فقد عاش لأمته وسكن حبها مهجته وجمع لها همته فعاش كريماً ومات عظيماً وما زالت ذكراه وستبقى لأن القاعدة تقول " وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض " ..
ولد أحمد باكثير في مدينة سورابايا بإندونيسيا سنة 1910 هـ لواحدة من أعرق الأسر في حضرموت فأسرة باكثير ينتهي إسمها إلى كنده التي قدمت الكثير من الشعراء والعلماء عبر العصور ففي الجاهلية كان امرؤ القيس وفي الإسلام جاء ابن خلدون ..
وعرف عن هذه الأسرة اشتغالها بالتجارة على عادة الحضارمة لكن هذا لم يشغلها عن الدعوة إلى دين الله تعالى ونشر الإسلام في تلك البلادة بالقدوة الصالحة والكلمة الناصحة والمعاملة الحسنة وسجلوا بذلك فتحاً سليماً عظيماً في تاريخ الفتوح الإسلامية من دون قتال ..
وفي سن الثالثة عشرة تفتقت موهبة الأدبية وبدأ ينظم الشعر وينشر أدبه على خارطة المجلات الإسلامية كالمنار والفتح وبدأ وعيه يتشكل وهمته في الإصلاح تتقد ففي سن العشرين من عمره تولى إدارة مدرسة النهضة العلمية بمدينة سيئون بحضرموت وجدد في نظام تدريسها ثم أصدر مجلة ( التهذيب ) مع نخبة من الأدباء الشباب وكانت صوت الإصلاح والمتحدث الرسمي باسمه ولكن القوم ضاقوا به ذرعاً وضاقت عليه الأرض بما رحبت لما وجده من عنت لا سيما وقد توفيت زوجته التي أحبها فخرج مهاجراً من أرضه ميمماً وجهه شطر عدن ثم الحبشة فالصومال حتى استقر به المقام في الحجاز مدة من الزمن حتى رحل إلى مصر التي أحبها وعشقها وتضلع من أدبها وعلمها

منقول