خاشقجي قام يرقع.. ويعترف مقالي اغضب طلبة جامعة الملك عبدالعزيز

[يعجبني تفكيرك]

كتاب اليوم

جمال أحمد خاشقجي جامعة المؤسس.. بخير حضرت أمس في جامعة الملك عبدالعزيز بجدة تدشين كرسي الأمير خالد الفيصل لتأصيل منهج الاعتدال السعودي، ذلك المنهج الذي نجحت به البلاد وحققت به إنجازاتها وموقعها الحالي بين الأمم، وكلما حادت عنه ولو قليلا ضعفت، وارتبكت خطأها، فكأن سموه يريد ثباتا لا يتعرض لهزات ولا يسمح بثغرات يتسلل منها فكر منحرف يشرق أو يغرب، والحق أنه كان من أوائل الشجعان الذين حذروا من الانحراف فصاغ عبارته المشهورة "المنهج الخفي" للفت الانتباه إلى عملية اختطاف التعليم والمنهج الصحيح.
ومن الاعتدال أن تنقل الصحافة الصورة الزاهية للحدث مثلما تنقل عكسها، لقد شبعت الجامعة من التغطية السلبية خلال الأسابيع الماضية بعدما دهمتها السيول بقدر ما شبعت من الماء والطين الذي ملأ ساحاتها.
الإعلان عن الكرسي يستحق الاحتفال الذي حضره وجهاء جدة ورجال العلم فيها، وليت الجامعة استفادت من المناسبة للاحتفال أيضا بإعلان سلامة الجامعة، وإن كان ذلك باديا جليا ولا بد أنه أسعد أمير المنطقة والمسؤولين والوجهاء وأبناء جدة الذين حضروا المناسبة بعد ظهر الأمس، فلم أر الجامعة التي سماها مديرها الدكتور أسامة الطيب "جامعة المؤسس" مثلما رأيتها بالأمس، دخلتها من بوابتها الشمالية التي امتدت إليها بعدما أخذت حصتها المشروعة من أرض المطار القديم الذي تمناه أهالي جدة حديقة على غرار سنترال بارك نيويورك، ولكنها انتهت شذر مذر، منحاً لفلل وعمائر وأسواق، وبالتالي يكون في حصة الجامعة منها زكاة لذلك التفريط.
على جانبي الطريق المسمى شارع الاحتفالات انتشرت كليات الجامعة الأنيقة والحديثة والتي حلت مكان تلك المباني القديمة (البريكاست) التي يتذكرها طلبتها في الثمانينات والتي كانت تبدو كالمستودعات. شارع الاحتفالات تتوسطه أشجار نخيل، منسقة بشكل جميل وينتهي إلى قاعة المؤتمرات الكبرى مع ساحات واسعة أنيقة تحيط بالقاعة.
بدت وكأنها لم تغرق بالأمس في "متر مويه" وليس شبراً بعدما سد "مهندس" مجاري السيول فيها وضيق "مهندس" آخر المجاري القليلة بها، والمؤلم لو كان هذا المهندس من خريجي كليتها الحاصلة على اعترافات دولية أكاديمية تؤكد عراقتها.
وربما لو حضر وزير المالية حفل الأمس، لألغى نصف الاعتمادات إلى طلبتها لإصلاح ما دمرته السيول، اعتمادا على ما كان سيراه، ولكن ما حصل من إصلاح وترميم كان مبادرة من مديرها وهيئتها التعليمية والإدارية وطلبتها الذين شمروا عن ساعد الجد ونزلواً بأنفسهم إلى ساحاتها، ينظفون ويصلحون ما فسد، ما تستحق به الجامعة المكافأة والتقدير والنظر باهتمام إلى كل ما تطلبه.
نشرنا في "الوطن" قصص ذلك العمل الجبار، وسمعت أمس بعضاً من تفاصيله من الصديق وكيل الجامعة د. عدنان المزروع الذي وصف لي منظر الساحة مليئاً بالطين، وبث لي بعضاً من شكواه مع بعض الجهات الحكومية التي اعتقدت أن لدى الجامعة من الإمكانات ما يجعلها قادرة على معالجة ما أصابها، بينما ينصرفون إلى الأحياء التي تفتقر إلى أي إمكانات ذاتية.
سعدت أكثر أن شكرني على مقالي الذي عنونته "حملة أخرى غير وطنية لتأجيل الدراسة" والذي جلب علي غضب الطلبة والطالبات بعدما دعوتهم إلى حمل مكنسة وجردل والتوجه إلى جامعتهم لتنظيفها بدلاً من المطالبة بإجازة أخرى.
فقال كان هذا بالفعل قرارنا في الجامعة، إذ لم نرد أن نبث روحا متكاسلة قد تؤخر عودة الحياة السريعة إلى الجامعة. وعندما رأى الطلبة أن الجميع بمن فيهم مدير الجامعة يعمل بنفسه في إزالة الأضرار انهمكوا معنا بروح وطنية وعادت الدراسة تدريجياً منتظمة وبشكل سريع.
هذه هي روح الاعتدال السعودي، عمل وإيمان ونأي عن التواكل أو التلاوم