بصراحة وبدون خجل ..

[بحر الحرية]

أهلا أختي نيران..

موضوعك رائع في إحداث التغيير، لكن يا أختي هناك بعض الأمور نحن نراها خاطئة، ولكن ليست بمقياس واحد يتم النظر إليها، فما ترينه أنت مقزز ومقرف وخطأ وفيه تشبه، ربما أنا أراه جميل وهادئ ولم أفعله بقصد التشبه ولا غير ذلك، وإنما رأيت هذا الشيء فأعجبني فعملته.

نحن الآن أختي في عصر انفتاح وتداخل الثقافات مع بعضها، خصوصا مع وسائل الاعلام بأنواعها والإنتر نت وغيرها، فمن الطبيعي بل والطبيعي جدا أن يكون هناك تأثر بما نراه من ثقافات أخرى.

ليس معنى تأثري بثقافة أخرى أني أقصد التشبه بهم، وهذا الأمر الذي أعترض دائما فيه مع الآخرين:

لماذا عندما نفعل أمرا غريبا فليكن من الغرب مثلا، لماذا يتم إنكاره لأنه منهم؟!!
ولماذا نقول عن ذلك: هذه مظاهر كفار؟!

ربما تقولين لي أنها غير معروفة لدينا، ولكن أعود وأقول لك ما قلته:
من الطبيعي جدا التأثر بالثقافات المختلفة خصوصا مع وجود الاطلاع عليها والانفتاح الذي حصل مؤخرا، فنحن مع هذه الوسائل انتقلنا نقلة كبيرة جدا جدا لم يسبق لها مثيل لا في الأولين ولا في الآخرين من الاطلاع على ثقافات الشعوب الأخرى، ومن الطبيعي التأثر.

سأعلق على بعض ما ذكرتيه:

ممنوع الخرق ووضع الحلقان في الشفايف والحواجب ومظاهر الكفار

لماذا يتم منعها؟!!
أحترمك جدا على رأيك، ولكن هذا الأمر ربما يتم قبوله بل وسيتحتم قبوله في الأعوام الماضية، قبل أن تنتشر هذه المظاهر والسبب في ذلك أنها كانت مستهجنة من الجميع، وكان الجميع لا يقبل بها، لكن الآن أصبحت منتشرة، وقلت لك: ربما أن أرفض هذا الأمر وأراه مقزز، لكن ليس بصواب أن أرى غيري مخطئا عندما يفعل، أو أراه بنظرة دونية عندما يفعل، والسبب فقط؛ أني لا أقبل هذه الأمور وأراها خاطئة.

عاملات النظافة وعاملات الكافتريات الحمد لله ماحسوا بغربة

أحترم رأيك أختي، ولكن برأيي أيضا هذه مقارنة خاطئة، لأني كما قلت لك:
الاطلاع الآن على ثقافات الشعوب الأخرى انتشر بشكل لم يسبق له مثيل، فإذا كنت ترينهم مثل العاملات اللاتي قدمن من الخارج، وأنهن متشبهات بالكفار فمتأكد بل وأجزم أن النظرة التي ستكون لك ولمن يقول ذلك:
أنت متخلفة ومتزمته ومحرومة وصاحبة عقلية رجعية!!

لا أؤيد الأولى ولا الثانية بل أنا ضد الوجهين السابقين بكل عنف، وأرى أن الأفضل أن نحترم كل إنسان على قناعاته خصوصا مالم يؤذ بها أحدا، وقرأت اعتراضك على الاخت التي كتبت: حرية شخصية؛ وذكرتي السبب أنها تنافت مع العرف والدين؛
ولكن كما قلت لك سابقا:
مالم يكن بها التعدي والإيذاء، فليس هناك مشكلة حتى نقوم بالاعتراض أو النظر لهم بأنهم سيئات وما إلى ذلك، خصوصا وأن العرف الآن قبل هذه الأمور، ستقولين لي لا، فأقول لك لماذا انتشرت في المجتمع؟!

ولنقارن بأمر بسيط:
لو أن إحدى طالبات الجامعة الآن أرادت المجيء للجامعة بلباس داخلي ساتر، ولكنها تخلت عن العباءة، هل سيتم قبولها من المجتمع الآن في هذا الوقت؟!
سيتم رفض هذا الأمر بكل شدة خصوصا في الأماكن العامة، ومنذ دخولها للجامعة، وسيتم استدعاءها وأخذ تعهد عليها ووو..
لكن خذي الأمور التي ذكرتها الآن، أصبحت مألوفة وإن كان البعض يتقزز منها ويراها خاطئة.

أنت ذكرتي في موضوعك قصات الشعر، هل القصات التي قلتي عنها أنها تبقي مظهر الأنوثة ستكون مقبولة من الجميع؟!!
بل تأكيد ستجدين من يرفض القصات جميعها، سواء كانت تبقي شكل الأنثى أم لا تبقيه، وأيضا ستجدينهم يقولون عمن تفعل ذلك: أنها قليلة حياء ولم تحترم الآخرين وما إلى ذلك من الأقوال، مثلها مثل البنات اللاتي يلبسن الجنزات، هل هذا الأمر مقبول من الجميع؟!!
أم أن هناك من يرى من تلبس ذلك - وإن كان محتشما- بأنها جاهلة وسفيهه وتريد وتريد ومن إلى ذلك من الكلام السيء المشهور!!

بالنسبة للمظاهر الأخرى خصوصا مظاهر الشذوذ الجنسي:

هؤلاء يا أختي أخواتنا، جزء منا، لا بد من وجود الإحساس بهم، حتى مع ما يفعلوه، كما ذكرت أحد الأخوات:
هي مشكلة نفسية يجب علاجها، وما أراه أن العلاج هنا ليس علاج ديني، وليس العلاج بما قاله عليه الصلاة والسلام في الحديث الذي ذكرته الأخت باللعن والشتم والتخويف من النار وما تؤول له في يوم القيامة، لأن الخلل ليس عدم معرفة هل هذا خطأ أم ليس خطأ، لكن هذه مشكلة نفسية ويجب أن يكون العلاج نفسي وليس ديني.

في هذه أقترح عليكم الاشتراك مع كلية الآداب والعلوم الإنسانية -قسم علم النفس- لدراسة هذه المشكلة وإيجاد أفضل الحلول لها، لأن البدء بالعلاج يا أختي حتى وإن كان تذكير بالله أو كان تخويف بنار جهنم ونحوها لو كان خطأ لن يجدي نفعا، ولن تظهر أي نتائج إيجابية له نهائيا.

حتى تكون هناك نتائج إيجابية ومثمرة ومستمرة يجب يا أختي أن ندرس طريقة التغيير، فليس الحديث الذي ذكرته الأخت بحل صحيح في مثل هذه الحالة، فليس من حقنا أن نلعن كل من يتشبه فقط لأنها وضعت حلقا في شفتها أو خرقت خرقا في لسانها، وهذا ما عمل به النبي عليه السلام كما في الحديث الصحيح عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه:" أن رجلا على عهد النبي صلى الله عليه وسلم كان اسمه عبد الله، وكان يلقب حمارا، وكان يضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان النبي صلى الله عليه وسلم، قد جلده في الشراب، فأتى به يوما فأمر به فجلد، فقال رجل من القوم اللهم العنه، ما أكثر ما يؤتى به فقال النبي صلى الله عليه وسلم لا تلعنوه فوالله ما علمت إلا أنه يحب الله ورسوله"
مع وجود الحديث الذي فيه اللعن لشارب الخمر!!

وهذا ما أتمنى من الأخت الدكتورة دنيا الانتباه له.

فلو انتشر الزنا في دولة مسلمة تؤمن بالقرآن، فليس من الصحيح أن تأتي لنعالج ونقول:
إن الله حرم الزنا، وإن الزنا من السبع الموبقات وفيه وفيه وفيه..
بل يجب أن نبحث عن أسباب انتشاره ونعالج هذه الأسباب، لأننا في ذلك تجاوزنا المرحلة الدينية ومرحلة التعريف بحكم الزنا، وهذا ما أرجوه في هذا الأمر.
كنت قد قرأت لك في إحدى الموضوعات:
أن الفتاة التي تتحجب يبتعد عنها صديقاتها، ولم أكن أتمنى رؤية مثل هذا الأمر، هنا ما أتمناه علاج هذه الظاهرة ودراستها، لماذا تبتعد الفتيات عن الفتاة المحجبة؟! هل فقط لأن لونها أسود، أم لأنها ليست مثلهم؟!! أما أن هناك أسباب أدت لهذه النفرة منها؟!!

في مثل هذه الحالة هناك خلل يجب دراسته والالتفات إليه، والاهتمام به.

جهودكم تشكرون عليها، ولكن ينبغي علكم التريث ودراسة الأمور بكافة جوانبها، هذا ربنا سبحانه يقول لرسوله عليه السلام:

"ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن إن ربك هو أعلم بمن ضل عن سبيله وهو أعلم بالمهتدين"

فليس كل إنسان مؤهل لأن يكون ناصحا ومرشدا ومغيرا، فربما تتوفر للبعض الموعظة الحسنة والعلم بالأحكام ولكن ليس لديه حكمة وأسلوب في النصح، وربما تتوفر لدى الآخر الأساليب الطيبة والحسنة ولكن تنقصه الدراية الكافية عن كيفية الدخول لهذا الإنسان ومخاطبته، أرجو ألا يفهم من كلامي هذا أني لا أريد علاج ظاهرة الشواذ مثلا أو نصحهم أو تغييرهم.

أرجو من الله أن يوفقنا جميعا لإحداث تغيير جذري وإيجابي فينا جميعا قبل المجتمع..

(ما ذكرته سابقا هو وجهة نظر تمثلني فقط، قابلة للصواب والخطأ)

أعتذر عن الإطالة، وأشكرك مرة أخرى على موضوعك أختي، والذي أرجو من الله أن يجد قبولا ونجاحا..

كونوا بخير؛؛