مـــقـــالات .. و .. مــقـــامـــات .. !

[هذيان]

كتاب اليوم

محمد السحيمي



الفن بين المُرِّ والأَمَرّ!
فوجئ المهتمون بقرار إمارة منطقة عسير، إلغاء الاحتفالات الغنائية من أجندة مهرجانها السياحي لهذا العام، وتسارعت التكهنات العجلى تعزو السبب إلى ضغوطٍ مورست على الإمارة! وتعجب العارفون بصاحب السمو الملكي الأمير/ "فيصل بن خالد"؛ لكونه أحد أكبر الداعمين للفن وأهله منذ عرفوه، كيف يستجيب لأية ضغوط مهما كانت وجاهتها؟ خاصةً وقد أصبح القرار بيده، وهو الذي تصدى لأكبر منها، ولم يكن صاحب قرار؟ فكان لابد لسموه ـ إذن ـ من أن يدلي بتصريحٍ للزميلة عكاظ، نشرته يوم السبت الماضي 27/6/2009، يجلو فيه هذه "العجَّة" الكئيبة من التكهنات، ويزيل عجب العارفين بشخصه/ الفنان بحق/ نافياً بحزم شديد، الرضوخ لأية ضغوط، ولكن السبب ـ وآآآه مما بعد لكن ـ يعود إلى توافق موسم السياحة مع الأشهر الكريمة المباركة: رجب/ شعبان/ رمضان! وآآآه: لأنك لن تجد فائدة من التساؤل: وهل الفن ماحق للبركة، خادش للروحانية؟ فالإجابة بنعم تمثل ثقافةً تكرست فينا منذ "مبطي"، وخير من يمثلها هو فناننا الأول/ "محمد عبده"، الذي يرجو صادقاً أن يثقِّل ميزانه بألبومٍ خالٍ من الموسيقى، يقدمه "هدية ما وراها جزية" لقناة "اقرأ"، ويمحو سيئاته، بالتعاون مع أهل الصلاح والتقوى لغناء دُرَرِهم الفريدة! فليس من العقل أن تطالب الإمارة بالصدام المباشر، في يوم وليلة، مع ثقافة أجيال!
وإذا كنت قد "قسَّمتَ" بالآآآه على مقام "البياتي"، فستتبعها آهاتٍ على مقام "الصبا"، وأنت تقرأ في تصريح سموه: "لن يتأثر الموسم السياحي للمنطقة الذي يحمل عنوان (مهرجان أبها يجمعنا)، بإلغاء هذه الحفلات الغنائية، لأن الدراسات والإحصائيات بينت أن عدد الحضور نسبة بسيطة قياساً بالفعاليات الأخرى"! كم هي مرةٌ حقيقةُ أن الفن غير مؤثر في السياحة، بحيث يمكن الاستغناء عنه! وكم هي قاسيةٌ تلك الإحصائيات والدراسات، التي تؤكد أن حضور تلك الحفلات، أقل من حضور مباريات كرة القدم مثلاً، التي ـ حسب النقل المباشر لها ـ لا تكاد تتجاوز الطاقم الإداري للملعب والفريقين المتباريين!
ومع كل هذه المرارة، لابد أن تحمد لتصريح الأمير/ "فيصل بن خالد"، أنه لم يتركنا لتكهناتٍ توهمنا بأن الفن مهم عندنا، إلى الدرجة التي تثور ضده ضغوط من أي نوع، فجاء كطبيب يصارحك بعلِّتك، لتسرع بالعلاج، مهما كان المرض خطيراً، وتترحَّم على "طلال مداح"، فإن آخر ما شدا به على مسرح "المفتاحة" هو: "دام الأمل موجود فالنفس خضاعة"!