فائض من النسوة علينا رميه للموت!

[soma al7elwa]

شريفة الشملان


حدث لي وأنا في رحلة للندن أن أصبت بعارض صحي مفاجئ ، اتصلت ابنتي..بالإسعاف ، خلال أربع دقائق هي فترة حضورهم كانوا يوجهون ابنتي لما يجب عمله من جهة وكيفية تجاوبي معها .

وصلت مسعفة ومسعف ، خلال لحظات صارت غرفتي مستشفى مصغراً ، تخطيط قلب، وقياس السكر والضغط ، ومعاودة قياس الضغط ، الجميل في الأمر أن السيدة تولت عملية كل ما يمس جسمي ، بينما المسعف ساعدها في تركيب الأجهزة بما في ذلك جهاز تقطير الجليكوز . عندما كانت المسعفة تركب اللصقات لتخطيط القلب ، بقي المسعف في الردهة ، خشية إحراجي . انتهى الأمر على خير وتم نقلي للمستشفى حيث أجريت لي الأشعة اللازمة وتحاليل أعمق، بقيت ست ساعات تحت المراقبة .. وعدت سالمة . ولكني مبهورة بعدة أشياء هي :

1- قيمة الإنسان . لم يسأل عن هويتي ، من أكون ، هل أنا دخلت بطريقة شرعية أم لا .

2- وقيمة الإنسان مرة أخرى ، سرعة الوصول من أقرب مركز إسعاف .ومتابعة الحالة خلال الأربع دقائق .

3- وقيمة الإنسان ثالثا ، التجهيزات المتنقلة والخفيفة والسريعة التركيب ، سيارة الإسعاف التي نقلتني عبارة عن مستشفى طوارئ ، كل شيء جاهز فيها .

4- قيمة الإنسان رابعا في داخل بريطانيا ، مهما كان ، ولكن ذلك أجبرني على تذكر قيمة الإنسان خارجها، رغم امتناني لما فعل من أجلي، لاحت فلسطين وأفغانستان والعراق والبصرة بالذات .

لماذا أتذكر هذا الذي حدث لي الآن ؟

الجواب هو بسبب ما يحدث للنساء من مشاكل وضياع ليس فرص الإسعاف فقط ولكن الفرصة في الحياة. وقبل أن أستمر سأحكي ما حدث لزميلة لي بالعمل .. بعد يوم عمل مرهق استقبلنا به ما يزيد عن أربعين سيدة ، اجتمعنا في اليوم التالي لنقيّم عملنا ونبحث سلبياته وايجابياته .لم تستطع الزميلة الجلوس ولا الوقوف، ألم فضيع يقصم ظهرها، طلبنا لها الإسعاف ، حقا لم يتأخر أكثر من نصف ساعة ، وهذا زمن قياسي، وبالطبع كان ولي أمرها قد حضر ..

حضر مسعفان في العشرينات ، يتمتعان ببُنية عادية جدا( أقرب للضئيلة ) ، وطبعا لا يستطيعان لمسها ، فقامت الزميلات بالمساعدة لنقلها من الكنبة التي كانت عليها للنقالة ومضيا بها .. لم يتم بذل أي شيء لها . ولا حتى قياس الضغط والحرارة ..

الموظفة كانت تشكو ظهرها، والزميلات لا يعرفن بكل تأكيد كيف يتعاملن لتحريكها، فلولا قدر الله كانت شكوتها من شرخ أو تحرك بالفقرات ، فمن الممكن أن يسبب لها سوء التصرف إعاقة ..

إن وجود مسعفات معتمدات ومدربات وذوات بنية قوية ضروري ليس الآن فقط ولكن منذ الأزل خاصة في مجتمع منغلق على ذاته ويغلق الأبواب على النساء أكثر وأكثر في كل ما يتم التعامل معهن جسدا وروحا ..

المشكلة عندنا مركبة تركيبا غبيا ، فهناك مرشح خاص قياسه الجنس ، من خلال هذا المرشح تمر كل أمورنا ، وكأننا حيوانات لا نملك من أمر ضبط أجسادنا شيئا .. هذا المرشح الغبي يحمله رجال يظنون أنهم يحملون الراية في الأمانة على المرأة ويمسكون بيدهم حزام عفتها.. ولكنهم تصيبهم سكتة عقلية في وجود السائق بالمنزل مع وجود سيدات وبنات ، أو أن يبيع رجل لها أخص خصوصيات جسدها..

إن وفاة فتاة طالبة كلية المعلمات في بريدة بسبب منع الإسعاف الرجالي من الدخول ، وغيرها من حوادث حتى قبل حريق مدرسة مكة الشهير، لابد من العمل سريعا على تجهيز فرق إسعافية نسائية ..ذات قدرات خاصة ، ويفضل أن تكون الفرق جاهزة في نفس مقرات التجمعات الكبيرة كالجامعات والمدارس وقرب الأسواق . حتى لا يكون الأمر وكأن لدينا فائضاً من النسوة علينا رميه للموت ..


المصدر
http://www.alarabiya.net/views/2010/04/15/105908.html