يريدون هدم المسجد الحرام ’ هلمُوا يا دعاة الإختلاط

[مِنْ أينَ لَكَ هَذآ]

قررت – مؤخراً – أن لا أشغل نفسي بالرد دائماً على من يكتب حرفاً مغلوطاً أو مقالاً عبيطاً ، يكفي أن تُجلى الحقائق أمام الناس .. وتُبيّن الأشياء المخفية لهم ؛ وبعدها .. فالحق غالباً لا يحتاج إلى من يتحدث باسمه ، يكفيه أن يفهمه العقلاء ليتبنوه .. أو على الأقل ليتخذوا موقفاً مبنياً على معطيات سليمة !

هيصة .. وعباطة .. واستخفاف بالعقول .. ومقالات استهبالية بدأت تتكاثر بالانشطار استنكاراً لرأي الشيخ د. يوسف الأحمد والذي أدلى به عارضاً في إحدى القنوات الفضائية ، ولأن الشيخ د. الأحمد يجب عليه توضيح رأيه – لا تبريره – فقد خرج بعد أيام في إحدى القنوات الفضائية موضحاً رأيه بتفصيل أكثر – وإن كان غير كافٍ برأيي – مشيراً إلى أفقٍ بعيد لا يراه المصابون بقصر النظر وطول اللسان .

1/ الدافع الأول لما قاله الشيخ هو توسيع المسجد الحرام وليس الاختلاط بعينه – وإن كان الاختلاط بحد ذاته سبباً وجيهاً – ، وقد أشار الشيخ إلى هذه الفكرة قبل ثلاث سنوات في مقال منشور بجريدة الجزيرة 1428 هـ يوضح فيه الشيخ نفس الفكرة تجدونه ( هنا ) ، وهنا أتعجب .. كيف أن الفكرة لما جُردت من الاختلاظ مرّت مرور الكرام .. ولمّا أدرجها الشيخ في سياق حديثه عن الاختلاظ ثار المغبّرون !

2/ تحدث الشيخ عن أن سعة المسجد الحرام الحالية هي ( 560 ألف ) مصلي ، وأنها تصل في وقت الزحام الشديد شاملاً الساحات والسطح والقبو والمسعى وحتى مكان حافظات المياه ( 900 ألف ) مصلي ، بينما مسجد مسطح في جاكرتا يتسع لما يصل إلى ثلاثة ملايين مصلي ، فكانت الفكرة دراسة مشروع لتوسعة المسجد الحرام يمكن أن يستوعب تزايد عدد المسلمين المليار ونصف ، ليصل عدد المصلين في المسجد إلى 10 – 15 مليون مصلي .

3/ المسجد حالياً مضلّع وأضلاعه غير متوازيه .. وما بني ليطوف الناس فيه خصوصاً في الدور الثاني والسطح ، بل إنه في بعض الأماكن تتكاد أن تصبح الكعبة خلف ظهر الطائف – كما في نهاية منطقة المسعى – ، والمشروع الذي يقترحه الشيخ يجعل المسجد دائرياً يتسع لأضعاف العدد الحالي .

4/ يحصل اختناق حالي – خصوصاً في الدور الثاني والسطح – في منطقة التقاء المطاف بالمسعى ، والشيخ يقترح طريقة هندسية لطيفة لتفادي هذه المشكلة مدروسة شرعياً وفقهياً .

5/ يقترح الشيخ وجود سير متحرك في أحد الأدوار للعجزة والضعفة وكبار السن ممن يشق عليهم الطواف في أوقات الذروة والزحام كأوقات الحج والعشر الأواخر من رمضان .. بل ورمضان عموماً ، بل – كما يقول الشيخ – قد يقع الإنسان ويوطأ بالأقدام دون أن يتُمكن من إنقاذه لشدة الزحام ، وفي مثل تلك الأحوال .. يكون هناك إيذاء للنساء نتيجة الالتصاق والتزاحم الشديد بينهن وبين الرجال ، فكانت فكرة إيجاد أيضاً دور أو دورين حاصة بالنساء ، وهذا لا يعني أن لا يكون هناك دور لمن يريد أن يطوف بأمه ومن معه ونحو ذلك في الدور الأرضي ، ولكن بقية الأدوار تكون شبه معزولة ، كالحال الآن مع السطح .. فهو خاص تقريباً بالرجال .

6/ فكرة وجود الأدوار المعزولة تأتي لأجل راحة المرأة ، فلو أرادت أن تصلي لوحدها أو ترتاح أو تضع خمارها مثلاً ستستطيع أن تفعل ذلك بعيداً عن الرجال بشكل مريح لها ، مختلفاً عمّا يجري في بعض الأحيان هذه الأيام من اضطرار المرأة لدخول بعض الأماكن كدورات المياه المعدة للرجال فتضطر لأن تتكشف ونحو ذلك .

7/ بدأ الشيخ في الحديث عن الاختلاط .. يذكر أن الاختلاط العارض هو المستثنى ، أما الاختلاط المبني على الممازجة والاختلاط بالأبدان فلا يعرف الشيخ فقيهاً يقول بجوازه ، فكيف بالزحام الشديد الذي تعصر فيه المرأة بين الرجال ؟ ويرى الشيخ أن هذا ليس من إكرام المرأة .

8/ الأبراج الفارهة ليست إلا للطبقة الثرية من العالم الإسلامي ، بينما يطالب الشيخ ببناء وحدات سكنية بطريقة مقبولة تسع كل القاصدين للبيت الحرام ، وأن يتم تسهيل الحركة بين المشاعر والحرم .

9/ يرى الشيخ أننا لسنا متعبدين بالمباني القديمة أوأنه لا يجوز إزالتها لبناء مباني أخرى أوسع للمسلمين ، ولا حتى بالخيام في منى أو الطرق القديمة المتعارف عليها .




وبعدُ …
فإن المتأمل لرأي الشيخ – بغض النظر أكان يوافقه أو يعارضه – سيجد أنه رأي جيّد وقيّم ليس رأياً متخلفاً ولا متشدداً ولا أحمقاً ولا سوى ذلك من الأوصاف الرخيصة التي أطلقت على الشيخ – غفر الله له وحفظه – ، إننا بحاجة للموضوعية في نقاش ونقض الآراء سواءاً أكنّا معجبين بها أو مخالفين لها ، أما ما يسلكه السفلة وأتباع المنهج المختلّ من تشويهٍ وإجلابٍ بالحمير والبغال فهذا أسلوب المرضى ممن أعلّهم الشيخ باختسابه في معرض الكتاب الأخير ، وسيبقى هو غصة في حناجر أهل الإفساد .

للهِ درُّ كاتبه :)