::] العَزفِ الأخِير [::

[* تركي *]

/






- إنَها الثَالثة فَجراً. وَ جَوالي لا يَكف عَن الإهتزاز. احتكاكه عَلى الطَاولة يصدر ضَجيج بـِ همهماتٍ مَكتومة ، أشبه ما يكون اختناق. هو كذلك لأن بـ الجهه المقابلة مِن الخط كان صوتٌ يكادُ يسمع. مَا إن أقفلتُ السَماعة حَتى استيقظتُ وَ ارتديتُ ثوبي وَ اتجهت إلى مَكة ، تَحديداً إلى البحث الجنائي ، لـِ أكفل أحد أصدقاء الحَارة. اسمهُ تركي ، سَميي ، بـِ التاسعة وَ العشرين من عمره. يُعاني مِن مرض القلب وَ لكن ليس في خطر بل يمارس حياته بـ شكل طبيعي. إنها المرة العاشرة بعد المئة توقفه الجنائية ، ليس لأنه مجرم عتيد كلا وَ ليس لأنه قاتل خطير ، بل لأنه كان شخص حالم هادئ يحب الجلوس ليلاً على أرصفة الشوارع. أخذته عَلى شروقِ الشمس ، مررتُ لـِ اشتري فطور ، أوصلته بيته ، و أنا ذهبت لـ البيت أيضاً سلمتُ على أمي وَ فطرت معها ولم تبدي استغرابها بـ مجيئي مثل هـَ الوقت ، ثم قبلت جبينها وَ ودعتها لـِ أن الساعة باتت تشير إلى الثامنة ، فـ لا أريد أن أتغيب عن جامعتي المغمورة أصلاً غياب.
،
- فِي مساءِ نفس اليوم يَتصل عَلي أبي ، كانت الساعة قد أوصدت دقائقها حول الرابعة عصراً لـِ يسألني إذا ما كفلت تركي أم لأ ، فـ قلت له نعم كفلته ، كنت أتوقع منه أن يبدي غضبه كعادته حينما أكفل أحدهم. وَ لكن أنزل علي خبراً كـَ الصاعقة ، بـ أن تركي قد فارق الحياة. لم أستطع تمالك نفسي يـ إلهي اليوم كنت معه وَ كان يبدو بـ صحةٍ جيدة !!
،
- رحل تركي بـ هدوء ، كـَ هدوء الليلِ ، فـ في فجر ذاك اليوم وعندما أوصلته لم أكن أعلم أنها اللحظات الأخيرة ، صعد لـ يفطر مع أهله وَ لكن لم يلبث دقائق حتى سقط مغشياً عليه ، كان قدر الله فوق كل شيء. رحم الله تركي رحمةً واسعة وَ أسكنه فسيح جناته.









::