رثاء استاذة يمان طنطاوي رحمها الله

[ابتهال الفجر]

في كل يوم باب صمتي يقرع وبفقد أحبابي فؤادي يفجـــــــع

وتدك أحزاني قصور سعادتي وحبال صبري بالمواجع تقـطع

ولقد ألفت الدمع من طول البكا فكــأنما خلقت لعيني الأدمـــــع

وكأن دهــــــري لايرى إلا أنا يلقي علي همـــومه ويــــــروع

لله قلبي كم تحمل طعنـــــــــة فلكل سهم في فؤادي موضــــع

وكأنه بين الجوانح جمــــــرة كادت تمزق من لظاه الأضــلع

يارب يامن أنت أعــلم بالـذي أشكو وعفوك من عقابك أوسـع

فرج همومي يارحيم فإننـي أدعو لعلمي أن بابك مشـــــرع

إني فقدت من الأحبة أستاذة ماكانت إلا في ثوابك تطمــــع

عاشرتها فوجدتها خير عشيرة ولها على التقوى خصال أربـع

زهد وأخلاق وحكم عــــــــادل وتواضع إن التواضع يرفــــــع

ولقد مضت يمان وخلفت حسرة في خافقي ودموع عيني تهـمع

ماكانت تخشى في الله لومة لائم وبكل حزم بالفضائل تصـــدع

كم حلت من عقد تعسر حلها بالعدل تعطي الشاكيات وتمــنع

نشرت الهدى وقضت على الجهل الذي عم الديار فكانت نجما يلمع

وأنارت بالدين الحنيف عقولنا وشفت قلوبا بنبضها تتوجـــــــع

وسقت قفار نفوسنا فتبسمــــت أزهارها وعبيرها يتضــــــــوع

ولكم روت حكما وصاغت نصائحا وأتـــاها أرباب البيان ليسمـــعوا

ماذا أقول وقد مضــــــــت وهل يجدي رثائي أو بكائي ينــفع

يمان جزآك الله خــــــــير جزائه في جنة خيراتها لاتمـــــــــنع

بالأمس كانت تضئ ليل دروبنا واليوم هي للقبور تصــــــرع

بالأمس يؤنسنا وجودهــــا بيننا واليوم بلا أنيس تهـــــــــجــع

والله يا يمان لقد أحزنتـــــــــنا لما رحلت فكل عين تدمـــــع

لكنه ما بات ينفعك البكـــــــــا منا ولا يجدي عليك تفجــــــع

ولذا رفعنا للكريم أكفـــــــــنا وقلوبنا قبل الأكف تضـــــرع

يارب ترحمها وتغفر ذنبها وتعيننا بالصبر حين نــــــروع


ابتهال الفجر
كلية الآداب والعلوم الإنسانية