قناة سكاو في الواتساب
 


حسابنا في السناب شاتحسابنا في منصة Xقناتنا في اليوتيوبحسابنا في التيك توكقناتنا في التيليجرامقناة سكاو في الواتساب
 
وصف

العودة   منتديات سكاو > الأقسام الخاصة > الأقسام العامة > جـنـة الـحـرف
التسجيل مشاركات اليوم البحث
   
   


جـنـة الـحـرف لـ إبداعاتكم و إختياراتكم الأدبية

فـي رحـاب الأدب والأدباء ( مقتطفات نثرية / شعرية )

جـنـة الـحـرف

إضافة رد
 
أدوات الموضوع إبحث في الموضوع انواع عرض الموضوع
منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
  #1  
قديم 31-07-2009, 01:45 PM

Mohannad Najjar Mohannad Najjar غير متواجد حالياً

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
الكلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
Post رد: فـي رحـاب الأدب والأدباء ( مقتطفات نثرية / شعرية )


(4)

أَشْهَرُ « نُقْطَةٍ » صَنَعَتْ مَا صَنَعَتْ فِي التَّارِيخِ !

الأستاذُ العلامةُ الدكتورُ محمود محمد الطِّناحي المتوفى1419هـ _رحمه الله تعالى_. من كبار الأدباء والمحقِّقين المتأخرين. وله جهود وأعمال مبرورة مشكورة يعرفُ فضلَها المهتمُّون.

وفِي تراثِنا قصةً مشهورةً فيهَا العِبْرَةُ في مجالِ ضبطِ النصِّ وصيانتِه قدرَ الإمكانِ عنِ التحريفِ. وسَأذكُرُهَا مُقْتَبِساً كلامَ الأستاذ الطناحي _رحمه الله_ لما حواهُ كلامَهُ من فوائِدٍ في توثِيقِهَا والكلامِ عليهَا.

قال الأستاذ الطناحي _رحمه الله_ في مقالته «هذه النقطة.. وقضية التصحيف والتحريف» (مجلة «الهلال» سبتمبر 1995م)(1) :

رويَ أن سليمانَ بن عبدِ الملكِ بن مروانِ الخليفةِ الأموي كان غيوراً.

فقيل له: إن المخنثين قد أفسدوا النساءَ بالمدينةِ.

فكتبَ إلى أبي بكرٍ بن عمرٍو بن حزمٍ والي المدينةِ : «أَنْ أحصِ من قِبَلَك من المخنثين» يريدُ إحصاءً بأسمائِهِم.

فلما وصلَ الكتابُ إلى ابنِ حزمٍ صحَّفَ كاتِبُهُ فقرأ « أخصِ » بالخاءِ المنقوطةِ من فوق.

قال الراوي: فدعا ابنُ حزمٍ بمن عَرِفَ من المخنثِينَ -وكانوا ستةً أو سبعةً- فخصاهُمْ. قال ابنُ جُعدَبَة: فقلتُ لكاتب ابن حزم: زعموا أنه كتب إليه: أن أحصهم. فقال: يا ابن أخي، عليها والله نقطةً إن شئتُ أريتكها. وقال الأصمعي: عليها نقطة مثل سُهيل -وهو النجم المعروف-. ورُوِيَ أن أحدَ المخنثِينَ قال لما اختلفُوا في الحاءِ والخاءِ، لا أدري ما حاؤكُم وخاؤكُم، قد ذهبَت خُصانا بين الحاءِ والخاءِ. انظرْ لهذهِ القصةِ: تصحيفاتُ المحدِّثينِ لأبي أحمد العسكري 1/72 ، وشرحُ ما يقعُ فيه التصحيفُ والتحريفُ لَهُ أيضاً ص43 ، والتنبيهُ على حدوثِ التصحيفِ لحمزة بن الحسن الأصفهاني ص10 ، وتصحيحُ التصحيفِ وتحريرُ التحريفِ لصلاح الدين الصفدي ص17 ، والحيوان للجاحظ 1/121 .

ولا ينبغي التشكيكُ في هذهِ القصةِ، لأنها مرويةً بأسانيدِها، ولأن هؤلاءَ الذين خُصُوا معروفونَ بأسمائهم، ويقالُ في ترجمةِ كُلٍّ منهِم: «وهو مِمَّنْ خُصِيَ بالنقطةِ» انظر مع المراجع السابقة الأغاني لأبي الفرج 4/276 (طبعة دار الكتب المصرية).

فهذه أشهرُ نقطةٍ صَنَعَتْ ما صَنَعَتْ قَدِيماً.

انتهى كلامُ الأستاذِ الطناحي. وبالله التوفيق.


______________________________
(1) عَنْ: «مقالاتُ العلامةِ الدكتورِ محمود محمد الطناحي » طبعةُ دارِ البشائرِ الإسلاميةِ 1422هـ (ج2 :ص399).
تنبيه/ فَصَلْتُ جُمَلَ القِّصَّةِ كُلَّ واحِدَةٍ في سَطْرٍ لِتَسْهِيلِ قراءةِ النصِّ.
رد مع اقتباس

 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 31-07-2009, 01:56 PM   #2

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
Post رد: فـي رحـاب الأدب والأدباء ( مقتطفات نثرية / شعرية )

(5)

محمد عمر توفيق يكتب: « الكتابةُ كَمَا أُحِسُّ . . » !

الشيخُ محمد عمر توفيق المتوفى1414هـ. الأستاذُ الكبيرُ الحكيمُ الأديبُ -ووزيرُ المواصلاتِ سابقاً-.

للأستاذ توفيق _رحمه الله تعالى_ كتابُ « في دُنيا الفكرِ والصحافةِ » وهو مجموعُ بعضِ مقالاتِه. وله كلمةٌ قيمةٌ في وصفِ الكتابةِ وجُهْدِ الكاتِبِ؛ ضِمْنَ مقالتِهِ «بينَ الإرادةِ.. والإمكانِ؟» («في دنيا الفكرِ والصحافةِ» ص200 - طبعةُ جامعةِ أم القرى1421هـ ).

يقولُ الأستاذُ _رحمه الله تعالى_:

الكتابةُ كما أُحِسُّ الآنَ جهدٌ مُتْعِبٌ يقتضِي استحضارَ ما يلوبُ في النفسِ، ثم شيئاً كعمليةِ العصرِ واختيارِ الألفاظِ الملائمةِ لتمثيلِه، بالإضافةِ إلى الجهدِ المُتعِب في تحريكِ القلمِ وإدارتِهِ على الوَرَقِ مما أُحِسُّ ثِقَلَهُ على مزاجِي كأعمالٍ شاقَّةٍ !

هناكَ مَنْ يكتبونَ أَوْ يَنْظِمُونَ شِعْراً كيفَمَا اتَّفَقَ. وهؤلاءِ قَدْ لا يشاقُّونَ كمَنْ يحبُّونَ أن يتخيَّرُوا ما عِنْدَهُم، ثم يتخيَّرُوا لَهُ التعبيرُ الملائمِ، وأنَا مِنْ تلامذِةِ هؤلاءِ..

إِنَّنِي أَتَرَدَّدُ وأُعِيدُ النظرَ فِي الكلمةِ والعبارةِ وفي السياقِ، ثم لا أُثْبِتُ إلا ما أتخيَّلُ وَقْعَهُ في نَفْسِي ملائماً طيبَ الأثرِ والأداءِ.. وشيءٌ كهَذَا يُكَلِّفُ الكثيرَ مِنَ الجُهْدِ كما لاَ أحتَاجُ أَنْ أَقُولُ، فَمَا يُسَمُّونَهُ « السَّهْلَ المُمْتَنِع » -وَأَحْسَبُهُ قِمَّةَ البيانِ- ليسَ أكثرَ يُسْراً وسهولةً مِنَ الغُمُوضِ والرطانةِ أَوْ التعقيدِ أَوْ إرسالِ جُمَلٍ وَعِبَارَاتٍ ليسَ فيها مِنَ البيانِ إلا الكلماتُ وحدَهَا، وإلاَّ التجديفُ في خيالٍ مُظْلِمٍ غيرَ مفهومٍ !


انتهى ما أردتُّ نقلَه من كلامِ أبي فاروق الأستاذ الشيخ محمد عمر توفيق _رحمه الله تعالى_. وهذا النَّصُّ على وجازَتِهِ ففيهِ الكثيرُ والكثيرُ.

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 14-04-2010, 04:07 AM   #3

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
افتراضي العريان يجيبُ: « وهل في الحُبِّ عارٌ أو مذمَّةٌ ؟؟ » !

(7)


العريان يجيبُ: « وهل في الحُبِّ عارٌ أو مذمَّةٌ ؟؟ » !


الأديبُ الأستاذُ محمد سعيد العريان المتوفى1384هـ _رحمه الله تعالى_ تلميذُ وصديقُ الأديبِ الكبيرِ الأستاذ مصطفى صادق الرافعي _رحمه الله تعالى_ ، ومن إخلاصِ ووفاءِ الأستاذِ العريانِ لشيخهِ وصديقِه ألَّف كتابُه: « حياةُ الرافعيُّ » . ونشرَهُ بعدَ وفاةِ الرافعيُّ بسنتين عام 1358هـ - 1939مـ.

كتبَ الأستاذُ العريانُ عن « الحب » ومعناهُ كلامًا من أجملِ ما يُقرَأ ، وهو يترجمُ بذلكَ عن « حبِّ » أستاذِه الرافعي وسموِّ فلسفتِه.

قالَ العريانُ في كتابه « حياة الرافعي » (ص76) :

وهل في الحُبِّ عارٌ أو مذمَّةٌ ؟

هذا سُؤالٌ يَجِبُ أنْ يكونَ جوابَه إلى جانبِه قبلَ أنْ أمضيَ في هذا الحديثِ ...

أما الحبُّ الذي أعنيهِ -وكانَ يعنيهِ الرافعيُّ- فشيءٌ غيرَ الحُبِّ الذي يدلُّ عليهِ مدلولُ هذهِ الكَلِمَةِ عندَ أبناءِ هذا الجيلِ ...

إِنَّ الحُبَّ عندَ الناسِ هُوَ حيلَةُ الحَيَاةِ لإيجادِ النَّوْعِ، ولكنَّه عندَ الرافعيُّ هُوَ حيلةُ النفسِ إلى السموِّ والإشراقِ والوصولِ إلى الشاطئِ المجهولِ، هوَ نافذةٌ تطلُّ منها البشريةُ إلى غاياتِها العُلْيَا، وأهدافِها البعيدَةِ، وآمالُها في الإنسانيةِ السَّامِيَةِ؛ هو مفتاحُ الروحِ إلى عالَمٍ غَيْرَ منظورٍ تتنوَّرُ فيهِ الأفقَ المنيرَ في جانبٍ من النفسِ الإنسانيةِ، هُوَ نُبُوَّةٌ على قدرِ أنبيائِها: فيها الوحيُ والإلهامُ، وفيها الإسراءُ إلى الملأِ الأعلَى على جناحَيْ مَلَكٍ جميلٍ ... هُوَ مادَّةُ الشعرِ وجلاءِ الخاطرِ وصقالِ النفسِ وينبوعُ الرحمةِ وأداةُ البيانِ.

انتهى. وقال (ص80) :

كانَ يحبُّها حباً عنيفاً جارفاً لا يقفُ في سبيلِه شيءٌ، ولكنَّهُ حبٌّ ليسَ من حبِّ الناسِ، حُبٌّ فوقَ الشهواتِ وفوقَ الغاياتِ الدنيَا لأنهُ ليسَ له مدًى ولا غايَة. فلقدْ كانَ يلتمسُ مثلَ هذا الحبِّ مِنْ زمانٍ ليجدَ فيهِ ينبوعَ الشعرِ وصفاءَ الرُّوحِ، وقد وجدَهُما، ولكن في نفسِه لا في لسانِه وقلمِه، وأحسَّ وشعرَ وتنوَّرَتْ نفسُه الآفاقَ البعيدةِ، ولكن ليثورَ بكلِّ ذلك دمُه، وتصطَرِعُ عواطِفُه ولا يجدُ البيانَ الذي يصفُ نفسَه ويبينُ عن خواطِرِه ...

انتهى. وقال (ص81) :

قد كتبَ ونظمَ وكانَ من إلهامِ الحُبِّ شِعرُه وبيانُه، ولكنَّه منذُ ذاقَ الحُبَّ أيقنَ أنهُ عاجزٌ عنْ أنْ يقولَ في الحُبِّ شعرًا وكتابةً، وماتَ وهو يدندنُ بقصيدةٍ لم ينظمْها ولم يسمعْ منها أحدٌ بيتًا، لأنَّ لغةَ البشرِ أضيقَ من أنْ تتسعَ لمعانيها أو تعبرَ عنها، لأنها من خفقاتِ القلبِ وهمساتِ الوجدانِ.
وهي أديبةٌ فيسلوفةٌ شاعرةٌ؛ فمن ذلكَ كانَ حبُّها وكانَ حبُّه.

انتهى كلامُ العريانِ. ثم نقلَ قولَ أستاذِه الرافعي:

« من خصائِصِها أنها لا تُعجَبُ بشيءٍ إعجابَها بدقةِ التعبيرِ الشعريِّ ... إنها تريدُ أن تجمعَ إلى صفاءِ وجهِها وإشراقِ خدَّيْها وخلابَتِها وسِحْرِها، صفاءَ اللفظِ وإشراقَ المعنى وحسنَ العرضِ وجمالَ العبارة، وهذا هو الحُبُّ عندَها ... »

وقوله -الرافعي-:
« ... ولا يستخرجُ عجبها شيءٌ كما يُعجبُها الكلامُ المفنَّنُ المشرِقُ المضيءُ بروحِ الشعرِ؛ فهو حلاها وجواهرَها؛ وما لسوقِ حبِّها من دنانيرٍ غيرَ المعانيَ الذهبيةِ؛ فإنها لا تبايعكَ صفقةَ يدٍ بيَدٍ، ولكن خفقةَ قلبٍ على قلبٍ »


وباللهِ التوفيقِ ..

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 25-04-2010, 07:40 AM   #4

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
افتراضي رد: العريان يجيبُ: « وهل في الحُبِّ عارٌ أو مذمَّةٌ ؟؟ » !

(8)


سِرقةُ القلوبِ .. سَرِقَةٌ مَشروعةٌ تُقبَّلُ يدُ سارِقِهاَ !!

قالَ الأستاذُ الأديبُ أحمد الزين «المتوفى 1366هـ رَحِمَهُ اللهُ تعالى» في تقريظ كتاب « فيض الخاطر » للأديب الأستاذ الدكتور « أحمد أمين » :

قَدْ سَحَرْتَ النُّهى بسحرٍ مبينٍ = فاتقِ اللهَ يا يراعَ أمينِ
وسلبتَ القراءَ أفضلَ ما أودَعَـهُ اللهَ في سليلِ الطينِ
وعجيبٌ لسارقٍ حدُّهُ الشرعيُّ = فينا تقبيلُ تلكَ اليمينِ!
ويميناً لوْ أنَّهم أنصفوهُ = كتبُوا فيضَهُ بماءِ العُيُونِ

مقتبسٌ منْ: « طرائف ومسامرات » ، ( ص272 ) ، الدكتور محمد رجب البيومي، دار القلم.

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 25-04-2010, 07:49 AM   #5

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
افتراضي رد: العريان يجيبُ: « وهل في الحُبِّ عارٌ أو مذمَّةٌ ؟؟ » !

(9)


الأديبُ الطنطاويُّ .. « أدعو إلى امتلاءِ النفسِ بالفكرةِ قبلَ تحريكِ القَلَمِ على القِرْطاسِ »



رأيٌ للأديبِ الطنطاويِّ أثبَتَهُ في جوابٍ لَهُ على « كتابِ تعزِيَةٍ » وشكوى امرأةٍ محطَّمَةٍ لفقدانِ ابنتِها. مقالَتُه « كتابُ تعزِيَةٍ » من كتابِه « صُوَرٌ وخواطرٌ » (ص366) .

قالَ لها:
(( إنَّ كتابَكِ على عاميَّةِ ألفاظِهِ، وعلى أنه ليسَ فيهِ كَلِمَةٌ صحيحةٌ، لا في رسمِها ولا في إعرابِها _ إنَّهُ على هذا كُلِّه _ قطعةٌ فنيَّةٌ، قليلٌ أمثالِها.


إنكِ استطعتِ أن تستنزلي بهِ الدمعَ، منْ عيونِ طائفةٍ من أعلامِ الأدبِ، وكمْ من الشعراءِ الذينَ يرثونَ، فلا يستقطرونَ قطرةٍ من دمعِ قارئٍ أو سامعٍ، لأنهم ما بكوا لمَّا نَظَموا.

ذلك ليعلمَ طلابَ الأدبِ، أنَّ الذي يخرجَ من القلبِ هُوَ الذي يقعُ في القلبِ، وأنَّ منْ يمتَلِكْهُ المعنى الذي يكتبُ فيهِ، هُوَ الذي يملكُ بهِ الذينَ يقرؤونَهُ، أما الذي ينحتُ الألفاظَ من أعماقِ القاموسِ بالمِعْوَلِ، ليكوِّمَها على الورقِ بالمِجْرَفَةِ، فهُوَ ( عاملٌ ) في إصلاحِ الطرقِ وليسَ صائغاً لجواهرِ الكلامِ.

ولستُ أدعو إلى العاميَّةِ، ولا إلى نبذِ البلاغَةِ، وإهمالِ القواعِدِ، معاذَ اللهِ، ولكنْ أدعو إلى امتلاءِ النفسِ بالفكرةِ قبلَ تحريكِ القَلَمِ على القِرْطاسِ.

والعفوَ يا ابنَتِي، إذا انصرفتُ عن جوابَكِ، وتكلمتُ في الإنشاءِ، فإنما جاءَ ذلكَ اِسْتِطرادًا والصناعةُ تميلُ بطبعِ الإنسانِ، والاستطرادُ منْ شَأنِ الأديبُ العربيُّ. )).

انتهى كلامُ الطنطاوي. وبالله التوفيق.

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 15-05-2010, 07:34 AM   #6

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
Post استِعجالُ الشُّهرةِ .. مرَضٌ ودواؤه « الشيخ الغزالي » !

(10)


استِعجالُ الشُّهرةِ .. مرَضٌ ودواؤه « الشيخ الغزالي » !


حبُّ الشهرةِ والظهورِ مما تُجبَلُ عليهِ النفوسِ، وتجتاحُ هذهِ الشهوةُ النفسَ فلاَ يقرُّ قرارٍها حتَّى تنالَ ماَ رَغِبَتْ؛ ولوْ لمْ تستكملُ النفسُ مؤهلاتَ الشهرةِ المطلوبةِ. فحبُّ الشهرةِ يعمي النفسَ ويصمُّها عن المراجعةِ والنظرِ واستكمالِ المؤهِّلاتِ.

كتبَ أديبُ الدعوةِ الشيخُ محمد الغزالي المتوفى1416هـ _رحمه الله تعالى_ كلمةً نافعةً في توجيهِ هذهِ الغريزةِ. في كتابهِ « الجانبُ العاطفيُّ مِنَ الإسلامِ ».

وكانَ منْ منهجِ الشيخِ في قسمٍ من هذا الكتابِ ، نَقْلَ حكمةٍ منْ « الحِكَمِ العطائيَّةِ » للفقيهِ المربِّي ابنِ عطاءِ اللهِ السِّكَنْدَرِي المالكِي المتوفى709هـ _رحمه الله تعالى_(1) . ثمَّ شَرْحِهَا شرحاً موجزاً.

قالَ الحكيمُ ابنُ عطاءِ اللهِ:
(( اِدْفِنْ وُجُودَكَ فِي أَرْضِ الخُمُولِ، فَمَا نَبَتَ مِمَّا لَمْ يُدْفَنْ لاَ يَتِمُّ نَتَاجُهُ ))

علَّقَ عليها الشيخُ الغزاليُّ:

هذه الكلمةُ أفضلُ توجيهٍ لمَنْ يريدونَ الظهورَ على عَجَلٍ، ومَنْ يتوهمونَ أنَّ نصيباً قليلاً مِنَ المعرفةِ والخبرةِ كافٍ في الترشيحِ لقيادةِ الجماهيرِ، والصدارةِ بَيْنَ الناسِ، وهؤلاءِ في الحياةِ لاَ حَصْرَ لَهُمْ.

إنَّ مَنصِبَ الإمامَةِ في آفاقِ الدنيا أو في آفاقِ الدينِ يتطلَّبُ صبْرَ السنين، وتغضينَ الجبين.

فَلِيَضَعَ المرْءُ نفسَهُ أولاً في عزلةٍ وفي صمتٍ وفي تؤدةٍ، كالشجرةِ التي يختفي أصلُها في ظلمةِ الترابِ أمداً تتكونُ فيهِ التكونَ الصحيحِ، ثم تبدأُ تشقُّ طريقُهاَ إلى الهواءِ والضوءِ.

ما ضرَّ الشبابَ أن يتوارَوْا قليلاً أو كثيراً فلا يطْلعُوا على الناسِ إلا بعْدَ أنْ تكتملَ مَلَكَاتِهِمْ ؟.

إنكَ ترى الواحدَ يكتبُ عِدَّةَ مقالاتٍ فيحسبُ نفسَهُ مِنْ قادةِ الفكرِ، أو يحسنَ بضعَة أعمالٍ فيَزْعُمَ نَفسَهُ مِنْ سَاسَةِ العَالَمِ، ولو آثرَ (الخُمُولَ) فترةً ينضجُ فيهاَ لكانَ خيراً لَهُ.

ثم مِنَ الإيمانِ -إذا استويتَ- أن تقومَ بما عليكَ للهِ لا للظهورِ، فإنَّ الذي يطلبُ وجوهَ الناسِ يسقطُ من عينِ اللهِ.

فاحذَرْ على نَفْسِكَ أمرَيْنِ:
- أن تنزِعَ إلى البروزِ قبْلَ استكمالِ المؤهِّلاتِ المطلوبَةِ.
- وأن تستكملَ هذهِ المؤهلاتِ لتلْفِتَ بهاَ أنظارَ الناسِ إليكَ.

انتهى كلامُ الشيخِ الغزالي.

وممَّا يُذكَرُ في هذا المعنَى ، قولَ الصحابيُّ الجليلُ الخليفةُ الراشدُ عمر بن الخطاب -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- :
« تَفَقَّهُوا قَبْلَ أَنْ تُسَوَّدُوا » (2).

وباللهِ التوفيقُ.
______________________________

(1) قالَ الشيخ الغزالي في كتابِه ( « الجانبُ العاطفيُّ مِنَ الإسلامِ » ص115 - طبعة دار القلم1426هـ ) :
(( في تراثِنا القديمُ دراساتٍ جيدةٍ للنفسِ الإنسانيةِ، وكيفَ تخلصُ من أدوائِها، وكيفَ تمضي في طريقِها إلى الله منقاةً مشرقةً . ))

إلى أن قال:
(( في هذاَ الفصلِ نضعُ بينَ يدي القارئ كلماتٍ لابنِ عطاءِ اللهِ السكندريِّ مجرَّدةٍ من الشروحِ التي أحاطتْ بهاَ ))


قلتُ: يشيرُ الشيخُ بوصفِه الشروحَ أنَّها أحاطتْ بها؛ إلى أنَّ لـ« الحكمِ العطائيةِ » اهتماماً وشروحاً كثيرة؛ وهذه الحقيقةُ. بلْ إنَّ الإمامَ الفقيهَ المالكي الشيخ أحمد زروق المتوفى899هـ وحدَهُ شرحها ثمانيةَ عشرَ شرحًا! وأشهرُ شروحِ الحِكَمِ شرحُ ابنِ عجيبةٍ الحسني المسمَّى « إيقاظُ الهِمَمِ شَرْحِ الحِكَمِ ».

ثم قالَ الشيخُ الغزاليُّ بعد أن أبدَى إجمالَ رأيِه الشخصيُّ في هذهِ الشروحِ:
(( وسأتولَّى شرحَهاَ -أي « الحِكَمِ »- بإيجازٍ، في حدودِ ما توحي بهِ الكلمات، وعلى ضوءِ المعروفِ من تعاليمِ الإسلامِ. راجياً أنْ تكونَ هذهِ الكلمات الحكيمةِ إيناساً لمَنْ يأخذونَ أنفُسِهم بضروبِ التربيةِ، ووصفاً لمعالمِ الطريقِ من أناسٍ خبراءٍ بهاَ مهرةٍ فيهاَ. )) .


(2) روى هذا الأثرُ عن عمرٍ -رضيَ اللهُ عنهُ- عددٌ من الحفَّاظِ والمحدِّثينِْ. وذكرَهُ البخاريُّ تعليقاً -بلا إسنادٍ- في صحيحِه (1/26) . قال الحافظُ ابنُ حجرٍ العسقلانيّ في «فتح الباري شرح صحيح البخاري » (1/151) : (( أثرُ عمرٍ إسنادُهُ صحيحٌ )) انتهى بتصرفٍ.
ونقلَ عنْ بعض الفقهاءِ شرحَهم الأثرَ: أيْ تفقهُوا وأنتمْ صغارٌ قبلَ أنْ تصيروا سادةً فتمنعَكُم الأنفةُ عنِ الأخذِ عمَّنْ هو دونَكُم فتبقُوا جُهَّالاً.

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 16-05-2010, 05:11 AM   #7

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
افتراضي « ومن حرَّم الكلامَ في الحبِّ ؟ » .. يقولُها الطنطاوي بصوتٍ عالٍ

(11)

« ومن حرَّم الكلامَ في الحبِّ ؟ » .. يقولُها الطنطاوي بصوتٍ عالٍ

هذا استفتاحُ مقالةِ « في الحـبِّ » للشيخ علي الطنطاوي -رَحِمَهُ الله تعالَى- من كتابه « صورٌ وخواطرٌ » (ص279) :

« ومن حرَّم الكلامَ في الحبِّ ؟ »

« والله الذي أمال الزهرة على الزهرة حتى تكون الثمرة، وعطف الحمامة على الحمامة حتى تنشأ البيضة، وأدنى الجبل من الجبل حتى يولد الوادي، ولوى الأرض في مسراها على الشمس حتى يتعاقب الليل والنهار، هو الذي ربط بالحب القلب بالقلب حتى يأتي الولد »

« ولولا الحب ما التفَّ الغصن على الغصن في الغابة النائية، ولا عطف الظبي على الظبية في الكناس البعيد، ولا حنى الجبل على الرابية الوادعة، ولا أمدَّ الينبوع الجدول الساعي نحو البحر »

« ولولا الحب ما بكى الغمامُ لجدبِ الأرض، ولا ضحكَت الأرضُ بزهرِ الربيعِ، ولا كانت الحياة »

« ما في الحـبِّ شيءٌ! ولا على المحبينَ سبيلٌ، إنماَ السبيلُ على من ينسى في الحب دينه، أو يضيع خلقه، أو يهدم رجولته، أو يشتري بلذة لحظة في الدنيا عذاب ألف سنة في جهنم. »

« ويا ليتَ الشبانَ يعودونَ إلى الحبِّ، فتقلَّ هذه الشرور، ويخفّ هذا الفساد. ولكن أنَّى يكونَ الحب، مع هذه الشهوات المتسعّرة؟ »

« وهل تسعُ هذه المقالةُ حديث الحب ؟»

« هل يوضعُ القمرُ في كفِّ غلامٍ، هل يُصبُّ البحرُ في كأسِ مدام؟ وأين لعمري الألفاظُ التي أحمِّلها معاني الحب؟ أين التعبيرُ الذي يترجمُ عن العاطِفَةِ؟ إنَّ البشرَ لا يزالون أطفالاً ما تعلَّموا الكلام، إنهم خُرسٌ يتكلَّمون بالإشارات؛ وما هذهِ اللُّغاتُ البشريَّةِ إلا إشاراتُ الخُرسانِ، وإلا فأينَ الألفاظُ التي تصفُ ألوانَ الغروبِ، ورجفاتِ الأنغامِ، وهواجسَ القلوبِ ؟ »

« الحبُّ عالمٌ من العواطفِ، ودنيا من المشاعِرِ، فيها كلُّ عجيبٍ وغريبٍ وليسَ لنا إليه إلاَّ هذه الكوَّة الضيِّقة، الكلمةُ القصيرةُ ذات الحرفين: الحاء والباء(1)، الحاء التي تمثِّلُ الحنانَ، والباءُ التي تجعلُ الفمَ وهو ينطقُ بها، كأنه متهيِّئ لقبلةٍ، كلمةَ ( الحب ) . ولكن، كم بين حب وحب؟ »

« بينَ ( حب ) التلميذ مدرسته، و ( حب ) الوالد لولده، و ( حب ) الصديق صديقته، و ( حب ) المتشائم الوحدة، و ( حب ) أكلةٍ من الأكلات، و ( حب ) منظر من مناظر الطبيعة، و ( حب ) كتابٍ من الكتب . . . وبينَ ( حب ) المجنون ليلاَه ؟ »

« وحب العاشقين أنواعٌ وأنواعٌ . ففي أيِّ الحبِّ أتحدَّث؟ وكيف أجمعُ أطرافَ الكلامِ حتى أحشُرَهُ في هذه الصفحاتِ، ولو لبثتُ شهرًا أكتبُ كلَّ يومٍ فصلاً ما أتيتُ على ما في نفسي ولما وفيتُ حقَّه في الموضوعِ. »

.... وللمقالةِ تتمَّةٍ تُنظَرُ في مصدرِها(2) . وباللهِ التوفيقِ.
______________________________
(1) يعجبنِي في فلسفةِ الحبِّ غوصَ الأدباءِ فيهِ حتى يَبلُغَ منْ تفلسُفِهِم فيهِ انشغالَهُم بحروفِه وتفنُّنِهِم في وصفِهاَ. وتذكرتُ في هذا السياقِ قولَ المربِّي الشيخ عيسى البيانوني الحلبي -المتوفى 1364هـ من أبياتٍ لَهُ في مدحِ سيدِ المرسلينِ صلواتُ ربي وسلامُه عليهِ- :
عذابُ الحبِّ للعشاقِ عَذْبٌ = وأجملُ لذَّةٍ فيه البكاءُ
وأكملُ حالِ الإنسانِ صِدْقٌ = وأفضلُ وصفِهِ حاءٌ وباءُ

(2) في تتمَّةِ المقالةِ تجدُ إشارةَ الشيخِ الطنطاوي إلى أنَّ لثلاثٍ من علماءِ الإسلامِ مؤلَّفاتٍ في الحبِّ. فلابنِ القيمِ كتاب « روضةِ المحبينِ ونزهةِ المشتاقينِ » ولابنِ حزمٍ « طوقَ الحمامَةِ في الألفةِ والإلافِ » ولابنِ داود الظاهري « الزهرة ». وتوسَّع أكثرَ في موضوعِ الكلامِ في الحبِّ وإبداعِ علماءِ الإسلامِ فيهِ في مقالتِه « من غزَلِ الفقهاءِ » وهذهِ المقالةُ مطبوعةٌ طبعةً وحدَها، وأيضا هيَ ضِمنَ كتابه « فكرٌ ومباحثٌ » (ص39).

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز منتديات طلاب وطالبات جامعة الملك عبد العزيز
قديم 03-09-2010, 11:54 AM   #8

Mohannad Najjar

بايسون

 
تاريخ التسجيل: Jan 2009
كلية: أخرى
نوع الدراسة: إنتظام
المستوى: منسحب
البلد: جدة
الجنس: ذكر
المشاركات: 473
Smile أدبُ الابتِهاَلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ !

(12)

أدبُ الابتِهاَلِ إلى اللهِ عزَّ وجلَّ !

« أدبُ الابتهالِ » بهذاَ العنوانِ كتبَ الأديبُ المصريُّ الأستاذ أحمد أمين المتوفى 1380هـ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- مقالَةً منشورَة ضمنَ كتابِه « فيضُ الخاطِرِ » ، يقولُ فيها:
(( هذا نوعٌ من الأدبِ راقٍ جداً في الأدب العربي ، ولكن لم يلتفت إليهِ مؤرخو الأدَبِ ، أحببتُ عرضَ نماذجَ منه لنتبيَّنَ قوته وروحانيَّتِه وبلاغتِه.

والابتهالُ في اللغةِ: التضرُّع ، والاجتهادُ في الدعاءِ، والإخلاصُ للهِ فيهِ ؛ ومن ثمَّ استمدَّ روحانيَّته وقوته من موقفِ المتبهلِ حيثُ يتحررُ من شؤونِ الحياة الدنيا وأعراضها ومشاكلها ومشاغلها ، ويتفرغُ إلى ربهِ ، ويناجيهِ ، ويسمو عن المادة وحقارتِها ؛ فكان بذلكَ أدبَ روحٍ لا أدبَ مادَّة ! ))

ويقولُ بعدَ أن نقلَ بعضَ النثرياتِ من هذا الأدب:

(( هذا قليلٌ من كثيرٍ مما في الأدب العربي من هذا الباب ، وهي كما ترى تتدفقُ قوةً وتفيضُ روحانيَّة وتسمو معنى ، إلى رصانةٍ بلاغيَّةٍ ، وموسيقى دينيَّةٍ. فلو عَنِيَ بها مؤرخو الأدبِ كما عنوا بالأدبِ الماديِّ من الغزلِ، والمديحِ، والفخرِ، والهجاءِ، لظهرَ الأدبُ العربيُّ بصورتِه الكامِلَةِ من مادَّةٍ وعقلٍ، وشهوةٍ وروحٍ ! )) انتهى.
انظر: فيضُ الخاطِر، للأستاذ أحمد أمين، جزء:4 ، صفحة: 191، طبعة: المكتبة العصرية.

ويقولُ الأستاذُ الأديبُ الداعيةُ أبو الحسَن الندوي المتوفى 1420هـ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- في كتابهِ « نظراتٌ في الأدَبِ » (ص44) الصَّادِرِ عن رابطَةِ الأدبِ الإسلاميِّ العالميَّة:

(( إنَّ مِنْ أهَمِّ عناصرَ الأدَبِ: الإخلاصُ والصِّدْقُ ، وهما اللذانِ ظَلَّ يتغافَلُ عنهُماَ مُعْظَمُ نُقَّادِ الأدَبِ ، واللذانِ يهبانِ الأدبَ روحاً وقوةً وحيويةً ، ويجعلانَه حقيقةً أبديَّة خالدة ، وقدْ اتَّسَمَ الدعاءُ والمناجاةُ بهذينِ العُنصُرَينِ ما لمْ يتَّسِم -ولا يمكنُ أن يتَّسِمَ - بهِ أيُّ نوعٍ من أنواعِ الأدَبِ ، فكيفَ إذاَ كانَ الداعيَ والمناجيَ رقيقَ القلبِ وجريحَ الكَبد ولهُ كلَّ نصيبِه من القُدْرَةِ على التعبيرِ عن أمَلِه بأنواعِ الأساليبِ ..؟

إنَّ الكلماتَ الصادِرَةُ عَن لسانِه ستكونُ - ولا شَكَّ - مُعجِزَةٌ منَ الأدَبِ ، لأنهاَ أفلاذُ كَبِدِه ، وقِطَعُ قلبِه ، ودموعُ عينَيْهِ. وسوفَ تملِكُ القلوبَ ، وتُبكيَ آلافَ البشَرِ قروناً طوالاً .

أما إذا كانَت هذهِ الكلماتُ قد جرَت على لسانٍ تكرَّرَ عليهِ الوحيُ الإلهِيُّ(1) ، وامتلَكَ ناصِيَةَ البلاَغَةِ وعنانَ الفصاحَةِ ، فلا تسألْ عن تأثيرِها وإعجازِهاَ ! )) اهـ.

ويقول الدكتور محمد عبدالمنعم خفاجي في كتابه: « الأدب في التراثِ الصوفيُّ » (ص107) :
(( وأدبُ الدعاءِ موجهٌ إلى المولى عز وجلَّ ، وهو أدبٌ صادقٌ حادُّ العاطِفَةِ ، قويُّ الإحساسِ بالقدرةِ الإلهيَّةِ ، يفيضُ خشوعاً ورهبة وخوفاً من مقام الله العليِّ الأعلى ، وتجربتهُ تجربة عميقة مثيرة )) اهـ.

وقال أيضا يصفهُ (ص110) :
(( أدبٌ مشرقٌ بالحبِّ والروحِ والعاطِفةِ الصادقةِ والمشاعرِ النبيلةِ ، والأحاسيسِ الشريفةِ ، وهو أدبٌ يتجلَّى فيهِ روعَةُ الإيمانِ ، وصدقُ الشعورِ ، وإخلاصُ العقيدةِ ، والتنزيهُ للهِ والتفويضُ إليهِ ، والتسليمُ بقضائِه ، واللجوءُ إلى ساحاتِه القدسيَّةِ )) اهـ.

قلتُ : وكلُّ هذا في التعريف بـ « أدب الابتهالِ » ووصفه ، وفي موضعٍ آخر إن شاء الله أتكلمُ على اختياراتٍ وأمثلةٍ جميلةٍ من هذا اللونِ من ألوانِ الأدب !

______________________________
(1) عن تأثير الوحي الإلهي على اللسان والألفاظ ، من كلامِ الأديب المتفنِّن الأستاذ مصطفى صادق الرافعي المتوفى 1356هـ -رَحِمَهُ اللهُ تعالى- في كتابهِ « إعجازُ القرآنِ وبلاغةُ السنَّةِ النبويَّةِ » في مقدِّمة كلامِه عن بلاغةِ السنة النبويَّة (ص205) :
(( ألفاظُ النبوَّةِ يعمرُها قلبٌ متصلٌ بجلالِ خالقِه ، ويصقِلُها لسانٌ نزل عليه القرآن بحقائقِه .. )) اهـ.

 

Mohannad Najjar غير متواجد حالياً   رد مع اقتباس
 

إضافة رد


تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

 


الساعة الآن 08:22 PM


Powered by vBulletin® Version 3.8.9 Beta 3
Copyright ©2000 - 2025, vBulletin Solutions, Inc.
Ads Organizer 3.0.3 by Analytics - Distance Education

أن كل ما ينشر في المنتدى لا يمثل رأي الإدارة وانما يمثل رأي أصحابها

جميع الحقوق محفوظة لشبكة سكاو

2003-2025