على طريق السفر

[Da Vinchi]

أحاديث على طريق السفر

كل عام وأرواحكم بكم أسعد

كنا مستكنين على صوت أميمة ونحن ممتطين صهوة الجمس ,,
كـ عادتنا في قتل ملل الطريق الذي يبدو لوهلة أنه يمتد إلى ما لا نهاية ,,
فلا شيء متغير على هذا الطريق ,, نفس المنظر الجانبي بكثبانه الرملية المتورمة ,,


ايديك بيعطوني الأمان
وبيصير الزمان يحملني
ويمشي فيا آه يا زمان
ولمن تطلع فيا
بتشتّي الدنيا بعيونك
و بيصيرو مراية
كأن الدنيا حكاية
والعمر ما نام
على زهر الرمان

يبدو أن ابن عمي الرومانسي جدا جدا قد تحركت فيه المشاعر وفاضت وانفجرت عواطفه من سمع سالفة اليدين ,,

فأخذ يهذي :
" هناك لمسات لا يمكن ان ننساها .. بعضها يعطينا الحياة .. ويحملنا الى الجنة .. إن لمس اليد بِمثابة قبلة مخففة ..

وانا استمع الى هذه الاغنية .. حضرت لذاكرتي لمسات مازلت اشعـر معها بخفقان قلبي ..

في علم الفيزياء .. قيل لنا ان التيار الكهربائي .. يسري في الدائرة الكهربائية .. عندما يتصل الطرفان ..

وعندما تلتقي اليدان .. يسري فيهما تيار المشاعر ..

ويخلق جوا من ما اسميه حقل كهروعاطفي ..

لليدين لغة تملك من المقومات مالا يملكه اللسان ..

مثلها في ذلك مثل العينان ..

لكن اين هما تلك اليدان ..؟؟

اين ..؟؟ "
أطرق برأسه اطراقة الحزين المقهور جدا ومعروف عن ابن عمي انه اذا انقهر مرررة ,, ينقهر جدا ,,

ثم استدرك لسانه وأكمل
" أتصور أنها داخلة في التركيب الجسدي والنفسي للانسان .. فالنفس تستجيب للمؤثرات الجسدية وتتوتر معها تلقائيا ..

الحس المرهف شديد التوتر .. إما عبر التلامس الجسدي .. أو التلامس الروحي .. "
قفز على المايك قريب لي ,, يقرب لي من بعيد ,, تقريبا من مسافة 10 كيلو كما هو ظاهر على شجرة العائلة ,,
وكان هذا القريب متفلسف يحب الفلسفة والفذلكة الكلامية ومعروف عنه انه (( مسكتاتي )) ,,
بعض الأحيان يسكتك بقوة حجته وبعض الأحيان ودك بس تسكت وتفتك من خرابيطه ,,

قال :
" لمس اليدين مجرد لعبة عقلية تعويضية يمارسها العاشقان في حالة العجز عن الإستجابة لنداء الجسد لأسباب أخلاقية / دينية / بيئية ..الخ ..
والإرتياح الذي توفره هذه الملامسة هو مجرد تعويض أو مسكن لحالة الرغبة لجسد الآخر .. هذا الرغبة التي قد تشتعل أكثر بالملامسة ..
هذا ما يجعل من الأمر تجربة لا تنسى .. لأنها تجربة غير كاملة .. نحفظها في قصيدة .. زجاجة عطر .. أو أغنية ..
الرومانسية المحاطة بلمس اليدين ليست من الملامسة ذاتها .. ولكن من الحالة / المرحلة ذاتها التي لا تتيح للمحبين الذهاب أبعد من ذلك ..
وهذا يشمل كل الحيل التعويضية الأخرى .. صوتها .. عطرها .. صورتها .. جدار بيتها وبعيرها .. "

لم يفهم أحدنا شيئا من كلامه ,, وهو عارف ومتعود بس عاد لازم يفرغ هذه الكلمتين في وجيهنا ويرتاح ,,
أخذت افكر في كلام ابن عمي الرومانسي ,, وحاولت ان اتذكر موقفا فيه لمس يدين ,,
لمسة حنان من الأم ,, لمسة أخوية من أخي ,, مزحة ثقيلة من صديق ,,
لمسة بالغلط ,, بكس كف أي شيء ,,

لم أتذكر سوى يد الوالد وهي تهوي على وجهي لا عدمناها ولا يحرمنا خيرها ,,
انتفضت من هذه الذكرى الجميلة ,, ولاحظ الجميع سعادتي (( هلعي )) ,,

فبادر ابن عمي ساخرا بالقول :
" ذكرتني بفلم امريكي عن شاب مصاب بنوع من البارانويا ضد اللمس
فكان يردد.. no touch no such وكانت صديقته اكثر من يعاني ..
طبعا في النهايه تشافى من مرضه وحضن صديقته .. "


ألا بئسا لك يا ابن عمي ,, أتخالني فزعت من صديقتي !




كتبته وأنا أعاني من آثار ارتفاع نسبة السكر في الدم من حلويات العيد ,,